إنه لمن الجميل، بل والرائع أن يستقر فى قرارة شعورك العاطفى والعلمى عالم كبير بقامة الدكتور فاروق الباز وأن تتخذ من حياته أو جزء منها مثالا يحتذى.
إن الحديث عن الدكتور فاروق الباز يستحث فى المرء حماسة طالب العلم والأمل للمسقبل .. فعندما نتحدث عن الملك – وهو الاسم المعروف به فى وكالة الفضاء الأمريكية ناسا – فإننا نتحدث عن مصدر كبير للدفع والدعم الذاتى.
عندما نتطرق للحديث عن بدايته، فهو مصرى من أسرة بسيطة الحال فى إحدى قرى الدلتا فى مصر .. كانت أمنيته أن يكون طبيبًا جراحًا للمخ.. ولكن بسبب مجموعه الكلِّى فشل بالالتحاق بكلية الطب؛ فاضطر إلى الالتحاق بكلية العلوم – جامعة عين شمس – واختارها لأنها كانت أقرب إلى مسكنه، ويستغرق المشى إليها ساعة ونصف، وهو ما يساعده على توفير القروش فى الذهاب إليها بالمواصلات العامة. حصل على شهادة البكالوريوس (كيمياء - جيولوجيا) فى عام 1958م، وقام بتدريس مادة الجيولوجيا بجامعة أسيوط حتى عام 1960م، حينما حصل على منحة لاستكمال دراسته بالولايات المتحدة. نال شهادة الماجستير فى الجيولوجيا عام 1961م ثم نال شهادة الدكتوراه فى عام 1964م وتخصَّص فى التكنولوجيا الاقتصادية.
واستطاع خلال فترة الدراسة فى أمريكا زيارة المناجم الهامة، وجمع آلاف العيِّنات من بلاد العالم التى زارها والتى كان ينوى ادخارها لتحقيق مشروع فى بلده مصر حينما يعود، كان حلمه إنشاء معهد عالٍ للجيولوجيا والذى من أجله بذل الكثير من الوقت والجهد حتى يحصل على نواته فى أمريكا ومن غيرها بعينات المناجم، إلا أنه فوجئ عند عودته إلى مصر بأن عليه استلام عمل كمدرس للكيمياء فى المعهد العالى بالسويس، وهو ما كان خيبة أمل كبيرة له، حيث يذهب بعد ثمانية أعوام فى دراسة الجيولوجيا يدرِّس الكيمياء فى معهد لم يسمع عنه من قبل.
بعد عدة شهور مع المسئولين فى مصر لم يستمع إليه وإلى أفكاره أحد وعندما ذهب لاستلام عمله فى ذلك المعهد المغمور تقابل بصديق له حصل على الدكتوراه فى الهندسة النووية ويقوم بالتدريس لمادة الصوت والضوء حيث أقنعه هذا الزميل بعدم جدوى العمل فى مثل هذا المكان مما جعل الدكتور الباز يحتال بسحب أوراقه من المعهد والعودة سرا وسريعا إلى أمريكا مرة أخرى.
عاد إلى أمريكا ولم يستطع الالتحاق بأى جامعة لأنه وصل بعد بداية العام الدراسى وهو ما جعله يرسل ما يقارب المائة جواب ورسالة لشركات مختلفة فى محاولة للحصول على وظيفة وقد دهش عندما جاءه الرد من وكالة ناسا لعلوم الفضاء، حيث كانت فى حاجة لجيولوجيين متخصصين فى القمر . استلم عمله الجديد ونجح فى مهمته بعد عدة صعوبات وكان له الفضل بعد اللـه فى تحديد و اختيار مكان هبوط البعث الأولى على سطح القمر وحقق نجاحا باهرا فى هذه المهمة.
لقد حاول الدكتور الباز مائة محاولة فى بلاد الغربة وذكر على لسانه فى أحد البرامج أن زوجته كانت حاملا فى تلك الفترة.. لك أن تتخيل كيف كان الوضع حيث كان غريبا فى بلد غربى بلا وظيفة وزوجة حامل ظروف تبعث على الإجباط والفشل، ولكنه كان صاحب رؤية ورأى فى حياته، متسلحاً بالإيمان باللـه والثقة بنفسه والاعتقاد فى وجود مخرج وأمل فقام بكتابة خطاب واثنين وثلاثة وواصل حتى المائة ولم تلن عزيمته ولم يعط نفسه الفرصة فى التفكير فى الفشل وذلك بكثرة العمل – وأقصد به هنا الرسائل – وهو ما أوصله ليس فقط للعمل بل أيضا أوصله للفرصة النادرة التى لا تتحقق كثيراً فى العمر وهو أن شارك فى كتابة تاريخ أولى خطوات الإنسان على سطح القمر وتاريخ واحدة من أكبر الهيئات العلمية العاملة فى العالم .. إننى أعتقد بمقولة التى تنص على أن اللـه يساعد أولئك الذين يساعدون أنفسهم وهو ما يجب أن تعول عليه فى حياتك ومستقبلك بأن تساعد نفسك.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة