هل الأفضل حين تضطر لإجراء أشعة من أى نوع أن تذهب إلى مركز من مراكز بير السلم أم تذهب إلى مركز استثمارى شهير يصنف على أنه من أكبر مراكز الأشعة فى مصر؟ الإجابة للأسف أنه ليس هناك فرق كبير، فليس ظلما أن نصف مراكز الأشعة التشخيصية فى مصر بأنها تقدم أسوأ أنواع الخدمات الطبية، فالوقائع وحدها تشهد بأن الإهمال والتقصير فى هذه المراكز تعدى مرحلة خطأ التشخيص والتقارير الوهمية إلى التلاعب فى حياة ومصائر المرضى المترددين عليها، وهذا ما تكشفه الواقعة التالية لشابة تزوجت فى مارس 2009 ثم حدث حمل وأشار عليها طبيب النساء بعمل أشعة تليفزيونية للمتابعة فى الأشهر الأولى، فعملت 4 أشعات متتالية فى اثنين من أكبر مراكز الأشعة فى مصر وهما «أ. سكان» و«م سكان« بأحدث أجهزة الأشعة «3D-4D« وأشارت التقارير التى قام بها الأطباء فى المركزين إلى «أن حالة الجنين ممتازة ولا يوجد به أى عيوب خلقية أو تشوهات» بل وصلت التقارير لحد الغزل فى الطفل وملامحه ووزنه المثالى.
سافرت الأم بحكم عملها كصيدلانية إلى الولايات المتحدة بعد أن عملت آخر أشعة فى الشهر السابع، وبالصدفة ذهبت إلى أحد مراكز الأشعة بأمريكا للمتابعة الطبية وعمل الفحوص.. وكانت الصدمة مروعة حيث أوضحت الأشعة أن الطفل بلا ذراعين وعندما أخبرت الطبيب الأمريكى بأنها عملت الأشعة فى مصر رد عليها بأن «الأطباء المصريين لا يكتبون تقارير حقيقية للمرضى».
قررت الأم أن تكرر الأشعة فى مراكز أمريكية أخرى لكن النتيجة كانت واحدة، أجمع الأمريكيون على أن الطفل سيولد بدون ذراعين.
لم تملك والدة الطفل سوى أن تتقدم بشكوى إلى السيدة سوزان مبارك قرينة رئيس الجمهورية التى حولت الأمر للدكتور حاتم الجبلى وزير الصحة وكلف بدوره الدكتور هشام دربالة أستاذ التوليد وأمراض النساء بكلية الطب جامعة القاهرة بمتابعة الحالة، الذى أكد أن التقرير كان يجب أن يكشف حالة التشوه الخلقى المذكورة فى كل من الفحص الذى تم فى خلال الأسبوع 18 والأسبوع 30 فى مركزى «أ. سكان» بمعرفة الدكتورة ف. ك، وبمركز «م. سكان» بمعرفة الدكتور أ. س الذى استخدم الموجات فوق الصوتية ثلاثية ورباعية الأبعاد.
كما تقدمت الأم ببلاغ للنيابة العامة وطالبت باتخاذ ما يلزم ضد مركزى الأشعة «م.سكان، أ. سكان» البلاغ رقم (6630 لسنة 2010 إدارى مدينة نصر) وقيدت القضية بنيابة شرق القاهرة رقم 9 لسنة 2010 حصر متنوع شرق القاهرة، وأجريت التحقيقات واستمعت النيابة لأقوال «الدكتورة «ف.ك» بمركز «أ. سكان» والدكتور أ. س بمركز «م.سكان»، ثم أمرت النيابة بانتداب لجنة ثلاثية من مصلحة الطب الشرعى رقم (154 لسنة 2010 طب شرعى) وانتهى التقرير إلى «ثبوت الخطأ من جانب الطبيبين وأنه ترتب على خطأهم عاهة مستديمة بالنسبة للطفل يستحيل درأها» وبعد أن استمعت النيابة لأقوال الدكتور محمد شمس عبدالعظيم مساعد كبير الأطباء الشرعيين الذى أكد أنه كان من الممكن التدخل الجراحى لعلاج حالة الطفل فى بداية الحمل أو القيام بما هو أصعب وهو الإجهاض ونتيجة لعدم إخبار الأم فقد حرمت الأم من ذلك الحق، فيما صدر بحق الطبيين قرار من رئيس لجنة آداب المهنة بنقابة الأطباء بإحالة الطبيبين إلى هيئة تأديبية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة