فى 23 فبراير الماضى وفى عز احتفالات مصر بالفوز بكأس الأمم الأفريقية كتبت فى اليوم السابع مقالا بعنوان "لماذا لا يعتزل مبارك وشحاتة وعادل إمام" قلت فيه إن حسن شحاتة حقق مع المنتخب الوطنى إنجازا غير مسبوق على مستوى العالم بالفوز ببطولة الأمم الأفريقية ثلاث مرات متتالية، وهو إنجاز لم يحدث من قبل فى أى بطولة قارية، أى أنه بالمعنى الكروى حقق أقصى ما كان يطمح إليه، وفى مثل هذه الحالات وعندما يحقق المدربون بطولات كبرى، يتخذون أصعب قرار فى حياتهم، وهو الاعتزال بعد الإنجاز.. سواء بالتوقف والتحول إلى مهن أخرى قد تكون التحليل الرياضى فى التليفزيونات أو الكتابة الرياضية فى الصحف، أو حتى التدريب فى فرق ومنتخبات بديلة.
وبعد خيبة المنتخب أمام النيجر أمس وإفلاته من هزيمة مدوية أمام فريق النيجر المغمور، والاكتفاء بالعودة مهزوما بهدف أجدنى مضطرا مرة أخرى لمطالبة حسن شحاتة بالاستقالة، ليس لأنه مدرب فاشل، أو لم يعد لديه ما يقدمه، وإنما لأن هذه هى سنة الحياة، القائمة على التغيير، وضخ دماء جديدة، تعيد الحيوية فى كافة أفرع الحياة.
عندما يجلس مسئول سياسى أو اقتصادى أو رياضى فى مكانه طويلا، ويحقق إنجازات عديدة، تبدأ ذاته فى التضخم، ويتصور أكثر فأكثر أن عبقريته لا يضاهيها أحد، ومن ثم يبدأ فى اتخاذ قرارات منفردة، ويضيق بالنقد، ولا يمتلك القدرة على الاستماع للآخرين، أو التعلم من أخطائه.
فى كرة القدم تحتاج الفرق إلى عمليات تحديث مستمرة فى الأعمار والخطط، وحين تملك جيلا من اللاعبين الموهوبين الذين يحققون إنجازات كبيرة لفترة طويلة، فلابد من الانتباه إلى ضرورة ضخ دماء جديدة فى شرايين الفريق، فى عملية متدرجة، تجرى وفقا لحسابات دقيقة، تأخذ فى الاعتبار الحفاظ على هيكل الفريق الأساسى، والدفع المتدرج بعناصر جديدة.
وحين فازت مصر بكأس الأمم الأفريقية لكرة القدم للمرة الثالثة على التوالى فى يناير الماضى، كان على حسن شحاتة، إما الاكتفاء بما حققه ومغادرة تدريب المنتخب، أو بدء خطة التغيير، ووضع عينه على العناصر الجديدة، ومحاولة تثبيتها عبر عدد غير قليل من المباريات الودية داخل الأجندة الدولية، أو خارجها، وصولا إلى تشكيل مناسب مع بدء المنافسات الرسمية، لكن ذلك لم يحدث.
وخلال الشهور التسعة الماضية وقع حسن شحاتة فى عدد من الأخطاء الكبيرة منها:
1- الحفاظ على التشكيلة القديمة، دون تغييرات حقيقية إلا مرغما بسبب الإصابات.
2- تجريب العديد من اللاعبين فى مباراة ودية واحدة مع الكونغو، ثم استمرار عملية التجريب والتبديل فى مباراتى سيراليون والنيجر.
3- عدم ثبات التشكيل ووضوحه.
4- عدم ثبات الخطة، لعب مع سيراليون بطريقة 4 ـ 4 ـ 2، ثم أمام النيجر بطريقة 5 ـ 2ـ 1 ـ 2، ولم ينسجم اللاعبون فى المباراتين بسب تغيير الخطط ومراكز اللعب.
5- افتقد الفريق الوطنى خلال المباراتين اللتين لعبهما وسط الملعب تماما، وواضح أن الفريق متأثر بغياب حسنى عبد ربه، ومن قبله محمد شوقى، لكن ما لم يدركه شحاتة أن أى فريق لن يستطيع الفوز طالما لا يملك وسط ملعب مدافع قادر على ربط الهجوم بالدفاع.
لكل هذه الأسباب، ولأن حسن شحاتة أصبح كبيرا جدا، ويتغاضى عن أولويات فى كرة القدم، يعرفها القاصى والدانى وغير المتخصص مثلى، فإنه آن الأوان أن يرحل شحاتة بإرادته محتفظا بما حققه من إنجازات حتى لا يأتى ذهابه بعد فوات الآوان ويقضى على تاريخه كله.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة