عبد الفتاح مصطفى رمضان

عقد "مدينتى" والتفسير التشريعى المطلوب

الجمعة، 01 أكتوبر 2010 07:19 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لم يكن يدور بخلد أحد أن ينتج عن الحكم الصادر ببطلان عقد مدينتى كل هذه الآثار، رغم أن الآثار الضارة لم تظهر بعد، ذلك لأن قضاء مجلس الدولة يقوم على السوابق القضائية، ومن شأن صدور هذا الحكم أن يصبح واجب الالتزام به عند عرض نفس الأمر بالنسبة لباقى الشركات العقارية وهن كثر، لذلك فإن الآثار الضارة الظاهرة الآن للحكم تعد بمثابة القدر اليسير بالنسبة لباقى الأضرار التى لم تظهر بعد، وفى ضوء ذلك فإن تشكيل لجنة لمعالجة آثار الحكم لا يُعد حلاً كافياً، ذلك لأن الأمر لا يتعلق بالحكم فحسب، بل يتعلق بمصير باقى التصرفات الصادرة من هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، لذلك فإنه يجب أن يكون الحل عاماً لجميع التصرفات وليس علاج ما نتج عن حكم مدينتى لمشروع مدينتى فحسب.

وبناء على ما تقدم، فإن الحل الأمثل هو إصدار تشريع تفسيرى مكمل لقانون المناقصات والمزايدات لتفسير مواد الإصدار، ليتم إخراج هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة من أحكامه. وهذا ليس نكولاً أو تعدياً على أحكام قانون المناقصات القائم، بل يعد تفسيراً لمواد إصداره، ذلك لأن من العلم العام لرجال القانون أن إعمال النص خير من إهماله، ومن ثم يكون من باب أولى أن يكون إعمال القانون بأكمله خيراً من إهماله. وإعمال القانون ليس بفصله عن باقى القوانين وعن الدستور، ولكن يكون تفسير الهدف من القانون طبقاً للبنيان القانونى بأكمله لأن الدستور والقوانين تتكون منها البنيان القانونى للدولة، ومن ثم يتعين أن يتم تفسير القانون فى ضوء باقى القوانين، وليس بفصله عن البنيان القانونى. لما كان ذلك وكانت مواد إصدار قانون المناقصات والمزايدات جاءت عامة من حيث سريانها على الهيئات العامة وتفسير الهيئات العامة، يمكن أن تخرج منه هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، طبقا لهدفها وهو التنمية وليس تحقيق الربح، ذلك لأن المزايدات والمناقصات تتعارض مع دور هذه الهيئة جملة وتفصيلا، وهذا التفسير تحتمله أحكام الدستور وقانون هيئة المجتمعات العمرانية وقانون المناقصات والمزايدات، ويكون حجب قانون المناقصات عن تصرف هيئة المجتمعات له سند من التفسير، وبذلك فإن الحل يكون بإصدار تفسير تشريعى، وليس بتشكيل لجنة لمعالجة حكم وترك باقى التصرفات دون حل.

وبالنسبة للمادة 3 من قانون المرافعات، فقد أصدرها المشرع لمنع المواطنين من رفع دعوى الحسبة أمام القضاء، وقد أخذت المحاكم المدنية والتجارية بل وحتى الجنائية بهذا المنع، حيث لا يجوز اللجوء للجنحة المباشرة فى تحريك الدعوى الجنائية أمام المحاكم الجنائية، إلا أن المحكمة الإدارية انتهت إلى عدم انطباق المادة 3 مرافعات على الدعاوى الإدارية على سند أن الدعوى الإدارية لها مفهوم خاص وطبيعة خاصة، رغم أن هذا مردود بأن الدعوى الإدارية مثلها مثل تحريك الدعوى الجنائية أمام محكمة الجنح عن طريق الإدعاء المباشر، فلا يجوز اللجوء إليهما عن طريق دعوى الحسبة لأنهما تهدف إلى الحفاظ على المصلحة العامة. ومن ناحية ثانية فإن نص م 3 مرافعات نص عام، ولم يستثنِ من أحكامه الدعاوى الإدارية، ومن ثم فإن ما فعلته المحكمة الإدارية يستدعى إضافة فقرة جديدة لنص م 3 مرافعات، وجعلها تسرى على المحاكم الإدارية أسوة بالإدعاء المباشر أمام المحاكم الجنائية، ورغم عموم النص إلا أن حكم مدينتى أظهر وجوب إضافة فقرة جديدة للنص، وأما قول المحكمة الإدارية بأن الدستور أوجب على المواطنين حماية الأموال العامة، فهذا مردود عليه بأن يكون الحفاظ عن طريق إتباع القانون، وهو اللجوء للجهات الرقابية وتقديم بلاغ لديها، وليس برفع قضايا لا صفة لهم فيها.

* محامى بالنقض






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة