نقلاً عن الوفد
صورة الرئيس التى نشرتها "الأهرام" وما تبعها من لغط مدوى على مدار أسبوعين مضيا، يؤكد أن المصريين إذا لم يجدوا ما يشغلهم صنعوا ما يشغلهم، وانشغلوا بما لا يجب أن يشغلهم، وكأنهم لا يريدون أن يهدأوا وأن ينعموا براحة ولو قصيرة من الخلافات غير المطلوبة.
والصورة ـ صورة الرئيس ـ لم تكن تستوجب كل هذا الخلاف والصراخ والصياح والسباب والتهكم.. لم نكن فى حاجة إلى كل هذا الشطط والصراع.
الصورة المعدلة ترى "الأهرام" أنها نوع من أنواع التعبير، مثله كمثل نص التقرير الصحفى الذى تم نشر الصورة معه، والمعارضون يرون أنها صورة للتزييف وتملق للرئيس وأنها تخالف أصول المهنة.
والحقيقة أن الصورة لو كانت منشورة فى جريدة أخرى مستقلة أو حزبية، لم تكن لتنال كل هذه الضوضاء، لكن مع "الأهرام" الأمر يختلف، فكثيرون يرون أنها جريدة حكومية وليست قومية، يرونها جريدة النظام وليست جريدة الدولة، فهى من وجهة نظر المتربصين ـ جريدة عميلة لنظام مكروه، من هنا كانت الضجة، ومن هنا كان الخلاف ومن هنا سادت المهاترات.
والذين تحدثوا عن أصول المهنة يجهلون أصولها، ولو أنهم عملوا ما هى الأصول ما تحدثوا بمثل ما تحدثوا به عن "الأهرام"، وكلامى هذا ليس دفاعاً عن "الأهرام" فهى ليست متهمة، بل الذين زوروا الصورة وجردوها من مضمونها هم المزورون حقاً.
عشية جولة المباحثات الفلسطينية الإسرائيلية بشرم الشيخ، نشرت "الأهرام" صورة تم تكوينها باستخدام برنامج إلكترونى على الكمبيوتر اسمه "الفوتوشوب"، وتم فيها تعديل مواقع بعض القادة يسيرون فى ممر مفروش بالبساط الأحمر يتقدمهم الرئيس مبارك ومكتوب فوق الصورة عبارة ( الطريق إلى شرم الشيخ )، إلى هنا والكلام معقول ومقبول، لكن المتربصين المتصيدين فى الماء القذر عز عليهم أن تمر هذه الصورة مرور الكرام، فوقفوا أمامها موقف اللثام، فجاءوا بأصل الصورة ووضعوه بجانب الصورة المعدلة، وحذفوا من الصورة عنوانها المكتوب فوقها، وأجروا مقارنة بالصورة الأصلية، لتظهر أمام الجميع ـ متخصصين وعوام ـ كما أرادوا هم أن تظهر، كصورة للتملق والنفاق للرئيس كأنهم اصطادوا أسداً فى مصيدة.
والغريب أن العديد من الجرائد فى العالم وفى مصر أيضاً تلجأ إلى تعديل الصور الفوتوغرافية لإكسابها دلالة تفيد الموضوع الصحفى، فى ظل صحافة أصبحت تعتمد إلى حد بعيد على الصورة لنقل الفكرة وتوصيل الرسالة، ولم يقف المتصيدون أمام صورة واحدة معدلة فى "الفجر" أو"صوت الأمة" أو "الوفد" أو غيرها من الصحف التى تلجأ إلى ذلك، لكن صورة "الطريق إلى شرم الشيخ" تتعلق بالأهرام، وتتعلق بالنظام، لذلك كانت محل كل هذا اللغط.
والأغرب أن هذه الألسنة التى تتصيد وتصيح وتصرخ وتتهكم كانت مصابة بالخرس، فلم تنطق بكلمة والحقائق تزور، والأخبار تفبرك، والأكاذيب تنشر على صفحات الصحف لا لشىء إلا لأن أصحاب هذه الألسنة الطويلة يرون أن التزوير والفبركة والأكاذيب الصحفية أصبحت فى عرفهم من أصول المهنة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة