ثلاث قصص جديدة لسعاد سليمان

السبت، 09 يناير 2010 12:30 ص
ثلاث قصص جديدة لسعاد سليمان صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مدد ياست
سكتت الأصوات الساخطة التى تسب الزحام والجو الخانق، واعتراض النساء على الاحتكاك المتعمد، وصراخ أحدهم الذى فاتته المحطة.. وامتدت أيد تلقف المرأة العجوز اللاهثة وراء الأتوبيس.. ارتاحت يدها الجافة بين أياد كثيرة لا تعرفها.. يعلو صوت السائق "تذاكر"... تأكد الجميع من وجود تذاكرهم.. "تذاكر".. يزداد إلحاح السائق. بنفاد صبر يتوقف مهددا: لن أتحرك حتى يدفع الجميع.. غارقة فى تأملاتها وسواد ملابسها، تلمس دقا لوشم أخضر فوق يدها، ودقا لخطوط الزمن على وجهها. "تذاكر".. بتعجل يسألها: تذكرتك يا حاجة؟
:مس ده الأتوبيس اللى رايح السيدة زينب؟: أيوه ياست فين تذكرتك؟
:هو يا ابنى اللى بيروح يزور الست بيقطع تذكرة؟!

مجرى العبير
بصعوبة تخفى عن أمها الحرق الصغير ما بين نهدين لم ينبتا بعد، ويحزنها أنه ليس لديها كما باقى البنات، تتساءل كيف يصنعنه؟ ولماذا يضعنه جميعا فى هذا الجزء من الجسم؟
تمنت أن تلامس صدر إحداهن التى أخبرتها ماذا تفعل إذا كانت تريد التعجيل بإنبات هذا الشىء عندها أيضا. بلهفة استمعت وقررت التنفيذ.. كالعادة فى الصباح اشترت الأرغفة، تلفتت تتطلع حولها.

وكأنها لم تقصد أبدا وضعت الأرغفة الساخنة فوق الموضع الذى أخبرتها به.. بخجل تسترق النظر حولها.. تتأكد أن أحدا لا يراها.. تنتفض مذعورة، تلقى بالأرغفة.. متألمة تفصل ما بين الجلباب والجسد، تلمح جرحا حارقا بين النهدين، نفثه بخار الأرغفة المستوية بنار الفرن.

هزات عنيفة
طالت رقدته هذه المرة... هل يضيع منى؟ كيف ستكون الحياة بدونه؟
بصراحة أفضل!! على الأقل سيكون جسدى بلا علامات أو كدمات زرقاء، وبالطبع لن يكتف أحد يدى ورجلى فى أعمدة السرير. أقبض على ما بيدى، كالمجنونة أجرى، فشلت الحجامة فى تخفيف آلامه، ولم يفلح التشريط وتسريب الدم الفاسد فى التخلص من الاصفرار الذى أوغل فى البشرة السمراء، وعيون يطل منها الخوف بل الموت، كالمجنونة أجرى، أدق الباب لاهثة تسبقنى دموعى، أتوسل إلى المرأة البدينة.. : آدى الفلوس، أبويا عيان قوى!!
تبتسم المرأة بريبة تتفحصنى: تعالى، ترفع طرف الحصيرة الخوص، بسن الدبوس تنتش "سنة" أفيون، تكورها وتضعها بين يدى.

تجرى الأرض تحت قدمى... أرتمى بجانبه، ألمس جبينه المتصبب عرقا، بنصف عين يرانى.. تدب الحياة فى أوصاله، يتساند على وعلى أمى، يهمس فى أذنى: هاتى الكنكة.
بينما تشعل أمى وابور الجاز، يخرج من جيب الصديرى، وتلقيمة البن. يرتشف المشروب بتأن ولذة. يميل بجانبه ناحية أمى. أندس وسط أخوتى، أحتمى بهم من ضربات وركلات أعرف أنها قادمة، لكن الذى يفزعنى الآن تلك الهزات العنيفة للسرير على بعد خطوات من رقدتى.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة