يُحكى أنه فى سالف العصر والأوان، عاشت امرأة جميلة وزوجة حنونة، ذات بسمة رقيقة وخلق طيب قصّوا علينا حكايتها فى الطفولة.
جلست فى ذات ليلة تحيك المشغولات الصغيرة لطفلتها الأميرة، وكانت ليلة باردة.. فيها الثلوج تغطى الكون بأسره فأضحى كلؤلؤة تضوى فى سماء السحر. لكن دائماً ما كانوا يفزعونا حين يخبروننا أنها جرحت إصبعها فى شرود منها، وصارت دماؤها ترسم حبات قانية فوق المشغولات فى يديها!.. فأسرعت نحو نافذتها وهى تتطلع لوجه البدر ووضعت إصبعها المجروح وسط الثلوج المتراكمة على حافتها. لكن الغريب أن بسمتها تضاعفت وهى تشاهد البدر، ودعت الله أن يرزقها فتاة فى جماله وفى بياض تلك الثلوج ولها شفاه فى حمرة ذاك الدم القانى.
ومن هنا - وفى كل مرة يكملوا لنا فيها الحكاية - نعرف أنها رزقت بفتاتها المأمولة.. رزقت بالجميلة "سنو وايت"..
وأن الطفلة فقدت أمها الحنونة دون حتى أنا تراها.. وأن زوجة الأب الشريرة ظلت تلاحقها بحيلها الخبيثة، ولم ينقذها سوى طيبة أصدقائها.. السبعة أقزام!
لكنى كنت دائماً فى كل مرة أشرد من الحكاية وحاكيها فيكِ.. أنتِ يا أمى!
نعم، دائماً ما كنت أنت يا أماه سنو وايت" خاصتى.. وكنت أتساءل.. ترى أين تخبئين أقزامكِ السبعة حين لا أراهم حولكِ؟!!
حتى بعد أن كبرنا يا أمي، ظللت أنظر لكِ على أنكِ هي.. "سنو وايت" أميرة حكايات الصبا.
الغريب أننى كلما كبرت اقتنعت أكثر بحقيقة أقزامكِ السبعة وحقيقة وجودهم، بل إننى اكتشفت أيضاً مخابئهم السرية!
نعم صدقينى أماه، أنا لم أفقد عقلى، دعينى أعرفك بهم وبمكامنهم السرية لو أردتِ.. فالأول هو حب، ذلك القزم الصغير الذى لا يشيب أبداً بل هو صبى على الدوام.. طفل رقيق يتقافز بداخل قلبكِ ويتخذه مكمناً مريحاً له ويظل يشاركنا نحن أبناءكِ كل أوقاتنا لذلك نحن نحبه. أما الثانى فهو حنان، لكن هذا القزم أكثر "شقاوة" من رفيقه الماضى.. يظل يظهر ويختفى ويختبئ ويتلاعب هنا وهناك خاصة حين يظهر القزم الثالث قسوة، فكلاهما لا يحب الآخر أبداً. فحين يظهر حنان يختفى منه قسوة والعكس بالعكس، وإن كان كلاهما صديق لنا وكلاهما حريص علينا مثلكِ تماماً.
أما الرابع فهو رعاية، ذلك القزم الهادئ المضحى بشكل يفوق الوصف.. خاصة فى أى شىء يسعدنا أو يرسم بسمة على شفاهنا.
والتالى هو خوف، هو قزم له قلب طفل يموت رعباً من أى شىء يقترب نحونا، حتى أننا أحياناً كنا نضحك منه وكان يغضب منا لكننا- ويعلم الله- نحبه هو الآخر.
وبقى آخر قزمين مشاكسين تماماً مثل حنان وقسوة، كذلك كانا رقة وشدة..وهما على خلاف دائماً وبالطبع حول أمورنا نحن!
لكن الجميع اشتركوا فى مكمن واحد ومخبئ سرى وحيد هو قلبك. صحيح أن به أربع غرف فقط كباقى القلوب والأفئدة لكنها أربع غرف فسيحة تسع لأكثر منهم ومنا.
كبرنا الآن يا أمى وصرت أنا أقص عليكِ حكاياتكِ بداخلي، وأرجو أن تكون قصتى قد بعثت فى نفسكِ السكينة كما كانت تفعل قصصكِ أنتِ بنا وليس أى قصص أخرى.
تلك يا أمى كانت قصتكِ أنتِ.. قصتكِ والأقزام السبعة..
تصبحين على خير.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة