هجوم شديد تعرض له أبطال وصناع الفيلم السينمائى الجديد «بالألوان الطبيعية» الذى أثار جدلاً حتى قبل عرضه فى السينما، مع بدء «التريللر» الخاص بالفيلم، واعتبره طلبة كلية الفنون الجميلة مسيئا إليهم، خصوصاً أنه تناول الكثير من المشاكل الشائكة التى تتعلق بقضية الحلال والحرام، والتى باتت تحكم كل سلوكياتنا.
انقسم النقاد والجمهور بين مؤيد ومعارض للفيلم، فالبعض رآه صرخة سينمائية كاريكاتيرية ترصد فساد المجتمع وفساد المؤسسة التعليمية، وآخرون اعتبروه فيلما به الكثير من المبالغات والمزايدات والتى قد تصل إلى حد الفجاجة، مما قد ينفر البعض من الظواهر التى يعالجها الفيلم.
هانى فوزى مؤلف الفيلم سبق أن تحدث عن الحلال والحرام فى السلطة المطلقة من خلال فيلم «بحب السيما» الذى كان يحمل جزءاً من سيرته الذاتية وهو طفل، وهو يواصل فى فيلمه الجديد «بالألوان الطبيعية» مناقشة نفس الفكرة، ولكن من خلال خبرته وتجربته كطالب فى كلية الفنون الجميلة.
«اليوم السابع» استضافت المؤلف هانى فوزى والأبطال: كريم قاسم، ويسرا اللوزى، وفرح يوسف، وفريال يوسف، وإبراهيم صلاح، وعرضت أمامهم كل ما قيل حول الفيلم، وتركت لهم المجال ليشرحوا وجهات نظرهم.
اليوم السابع: كيف ترى حالة الجدل التى أثارها الفيلم؟ وهل توقعتها أثناء كتابتك للسيناريو؟
- هانى فوزى: حاجة مرضية وده أصبح مرض فى الشعب المصرى.. أى شىء بيضايق الإنسان المصرى مش بيقبله كفكر ومبقتش فاهم وحاسس إن المجتمع كله مش الجهات السيادية بس عايزينا نعبر عن اللى بيعجبهم.. الهجوم ده مش مفهوم، خصوصاً أن الكثير من مهاجمى الفيلم لم يروه، وبنوا هجومهم على مجرد توقعات، فى مصر حالياً أى عمل بيقرب من الحقيقة بيلقى معارضة وأصبح شىء عادى أن يعتقدوا أن فى ذلك مؤامرة عليهم، فالناس يريدون أن تظهر صورتهم بطريقة ملائكية وأنهم أصحاب مبادئ وأخلاق وبدون أى عيوب.
اليوم السابع: لماذا تهتم دائماً بعلاقة الفن بالمجتمع والتحريم الذى يواجهه أحياناً؟
- هانى فوزى: لأننا عايشين فى مجتمع تؤثر عليه السلطة الدينية بشدة، والمشكلة أن الناس تخضع لهذا، فمن الممكن أن تقول السلطة الدينية ما تريد، لكن الناس بتنفذ أوامر هذه السلطة ولا تثور عليها، إذن فهم شركاء فى الأزمة، بخضوعهم التام للسلطات الدينية، والهوية الدينية للفرد أصبحت أهم من الهوية الشخصية أو السياسية، خصوصاً فى السنوات الأخيرة، وأنا فى أفلامى أشير إلى أن الناس لديها صورة خاطئة ومشوشة عن ربنا، والمشكلة تكمن فيمن يتحدثون باسم الله بالنيابة عنه، ومنهم الداعية الذى ظهر فى فيلم «بالألوان الطبيعية» وهو كان مجرد رمز لهؤلاء.
اليوم السابع: هل يمكن اعتبار الفيلم غير تجارى لأن القضية التى يناقشها تخاطب عقول شريحة معينة من المثقفين؟
- هانى فوزى: هناك لبس يحدث لدى المنتجين فى تلك الجزئية، فالمشاهد يقبل على الفيلم الجذاب والناجح، ولا علاقة هنا لهذا بالشريحة التى يتوجه إليها الفيلم حسبما يعتقد البعض، فالمشاهد لا يضع شروطا معينة لمشاهدة الفيلم، وليست هناك موضوعات مفضلة وأخرى لا يهتم بها.
- فرح يوسف: أعتقد أن الفيلم تجارى جدا، وليس حكراً على المثقفين فقط، بدليل أن فئات مختلفة من الناس شاهدته.
اليوم السابع: ما ردك عل بعض الملاحظات على الفيلم بأنه به قدر كبير من المباشرة، وجمل حوارية طويلة ومنها ما يأتى على لسان بطل العمل يوسف عندما يكلم الله؟
هانى فوزى: لا أرى أن الفيلم به مباشرة، لأن هناك بعض المعانى التى لا يمكن توصيلها ضمنيا، بل لا بد من ذكرها صراحة، ومنها حديث يوسف إلى الله وتساؤله إزاى يبقى الفن حرام وأنت أكبر فنان؟ فهذه ليست مباشرة، كما أننى لا أفهم سر الهجوم على تلك المشاهد لأن جميعها موظف بطريقة درامية وتخدم العمل.
كريم قاسم: طبيعة شخصية يوسف التى جسدتها فى الفيلم، تكلم الله دائما، فهى تشعر براحة شديدة عندما تفعل ذلك، وكان التركيز على تلك الجزئية أمرا ضروريا، فهو دائم الحيرة.
اليوم السابع: فرح يوسف ألم تخش من جرأة شخصيتك فى السيناريو؟
- فرح: شخصية «هدى» أعجبتنى جداً فى جرأتها وقوتها، وأيضاً وضوحها فهى لا تكذب بل تعبر عما بداخلها بصراحة تامة، وكان ما يشغلنى أثناء تصوير الفيلم أن أوضح طبيعتها وشخصيتها لأنها ليست تلك الفتاة «الخواجاية» المستهترة لكنها بنت لها أصول ألمانية وتعبر عن مشاعرها بمنتهى الوضوح ولا تخجل منها.
اليوم السابع: إبراهيم صلاح.. دورك فى الفيلم طالب متملق يسعى ليكون معيداً ويقدم كل التنازلات الممكنة، ويرى البعض أنه دور يجعل المشاهد يكرهك؟
- إبراهيم: هذا أول عمل سينمائى روائى طويل لى، أحببت تجسيد تلك الشخصية، والتى رأيت نموذجا حياً منها أثناء فترة دراستى، لشخص محدد لا يتردد فى القيام بأى شىء لكى يصل لهدفه الأساسى، وساعدنى تذكرى لتلك الشخصية فى تجسيدى للدور.
اليوم السابع: كريم قاسم.. دورك به جمل حوارية طويلة جداً وهذا تحد خاص لقدرات الممثل، ألم يقلقك ذلك، خصوصاً أن هذه أول بطولة مطلقة لك بعد تجربتى «الماجيك» و«أوقات فراغ»؟
- كريم: خضت فى البداية اختبار تجربة أداء مشاهد بها جمل حوارية صعبة ونجحت بها، ولا أنكر أن فرح يوسف ساندتنى كثيراً، وعندما فزت بالدور ارتحت تماماً لأننى أعمل مع مخرج محترف، واستغرقنا شهرين ونصف شهر فى بروفات العمل، وساعدنى على تجسيد الشخصية أن والدتى خريجة فنون جميلة، وأعترف بأننى لست راضياً عن حوالى 60 % من مشاهدى فى الفيلم، وذلك لأننا توقفنا فترات طويلة أثناء التصوير، فكانت الشخصية تهرب منى.
اليوم السابع: يسرا اللوزى.. كيف رسمت تفاصيل شخصيتك، خصوصاً أنها تشهد تحولاً كبيراً من فتاة عادية إلى أن ترتدى النقاب؟
- يسرا: شخصيات العمل كلها تتغير تماما، وأكثر شىء كان بمثابة التحدى بالنسبة لى هو المشاهد التى جسدتها بالنقاب، حيث اعتمدت بدرجة كبيرة على نبرة الصوت وليس ملامح الوجه، وأعتقد أن كريم قاسم عانى أيضاً فى تلك المشاهد لأن الممثل يعتمد على تعبيرات الوجه للفنان الذى يشاركه المشهد.
اليوم السابع: كيف استقبلتم كجيل فنانين شباب تلك الهجمة الشرسة على الفيلم والوقفات الاحتجاجية التى نظمها طلبة فنون جميلة؟
- فريال يوسف: لم أفهم لماذا هذا الغضب، ولماذا فهم طلبة فنون جميلة أن العمل موجه لهم، رغم أننى أعتقد أنه يخاطب أى طلبة فنون فى أى جامعة، فمن الممكن مثلا أن نراه يخاطب طلبة الفنون فى بلدى تونس مثلاً، فهو ليس فيلماً وثائقياً.
- فرح يوسف: نحن كجيل فنانين شباب نعبر عن وجهة نظرنا، فنحن من هذا الجيل، لكننا ننقل أفكارنا عن طريق الفن، ولم نلجأ إلى التظاهر أو الوقفات الاحتجاجية.
- إبراهيم صلاح: استغربت بشدة من محاولات إظهارنا ككفرة وملحدين، ومن تلك الجروبات على الفيس بوك التى هاجمتنا وهاجمت مخرج العمل، وتابعت أحد الجروبات بنفسى ورأيت أنه بعد 3 أو 4 أيام يدور نقاش بين الأعضاء فبعضهم شاهد الفيلم وأخذ يدافع عنه، بعدما تيقنوا أنه لا يحمل إساءة لأحد.
- هانى فوزى: دى حالة متأخرة من المرض الذى يصيبنا، فهؤلاء الطلبة يقفون ضد مصلحتهم، فهم يدافعون عن حقهم فى ألا يتعلموا، وهذه كارثة حقيقية، فالشخص يدافع عن جهله، ويرفض الخروج من الشرنقة، لأنهم متأثرون بآراء آخرين سبقوهم، فهناك «خيابة» فى ردود الفعل.
اليوم السابع: لماذا ظهرت فى الفيلم حالة من الفوضى والعشوائية التى نعيشها، خصوصاً فى مشهد الموسيقى الصاخبة مع صوت الآذان وأجراس الكنيسة؟
- هانى فوزى: هذا كان مقصوداً، وعشت ذلك بالتحديد أثناء دراستى فى الكلية حيث كنا نرسم لمدة طويلة حوالى 9 ساعات وهناك من يستمع إلى موسيقى صاخبة، كما كان هناك شخص مسيحى يأتى للكلية بملابس سوداء، وكان هناك طالب مسلم يؤذن بصوت عال، وهذا الخليط هو المحير للبشر، فالإنسان يتساءل أين أنا وسط كل ذلك؟
اليوم السابع: هناك مشاهد لكل منكم تعتبر «ماستر سين» كيف حضرتم لتلك المشاهد؟
- فريال يوسف: هناك مشاهد كانت صعبة ومنها الذى أعترف فيه لكريم بحقيقتى، وهو أول مشهد صورته فى الفيلم.. وتعرضت لنوع من الهجوم من قبل الجمهور التونسى لأننى جسدت دوراً اعتبروه جريئاً خصوصاً أننى فى أعمالى التى قدمتها فى تونس لم أكن أقدم تلك النوعية من المشاهد.
- يسرا اللوزى: أعتبر أصعب مشهد لى هو الذى أشعر فيه بالذنب بعد أن أقيم علاقة حميمية مع كريم، فهو نقطة تحول فى الشخصية، وأيضاً كان أول مشهد صورته فى الفيلم.
- فرح: المشهد الذى يجمعنى برمزى فى الأتيلية، والذى أقول له فيه «أنت كل شىء عندك صنعة الرسم صنعة والجنس صنعة».
- إبراهيم صلاح: هو مشهد متعب جسدياً، حيث بدأنا فى الخامسة صباحاً، وأقوم فيه بإنزال سيدة متقاعدة وثقيلة على كرسى عجل من فوق السلالم.
- كريم قاسم: كانت هناك مشاهد كثيرة فى العمل صعبة جداً، ومنها الذى أعلن عن غضبى وثورتى فى الكلية، وأيضاً المشاهد التى أتحدث فيها إلى الله.
لمعلوماتك...
◄40 دار عرض يعرض بها فيلم بالألوان الطبيعية
ندوة اليوم السابع
نجوم «بالألوان الطبيعية»: الهجوم والوقفات الاحتجاجية ضد الفيلم «خيابة» وتؤكد أن المصريين يعيشون حالة مَرَضية
الجمعة، 08 يناير 2010 12:34 ص