لم يكن هانى عادل حنفى الرجل الثلاثينى يعلم أن عمله فى وزارة الكهرباء سيضعه فى دائرة من المشاكل التى لا تنتهى، وأنه سيصبح واحداً من منظومة مأساة الموظفين الحكوميين وتعسف الإدارات.
يحكى هانى عن معاناة مدتها أربع سنوات هى فترة عمله فى الكهرباء، فقد اضطر بعد التحاقه بالعمل بوزارة الكهرباء لإجراء عملية جراحية على نفقة الدولة ومن يومها وهو يرى بعين واحدة فقط، يقول هانى: «أنا اتولدت نظرى ضعيف، وعانيت كتير لحد ما عملت العملية، خلصت دراستى بصعوبة وحصلت على دبلوم التجارة، واشتغلت فى إحدى المطابع، بيها ثم اشتغلت فى وزارة الكهرباء، لكن المصلحة عينتنى فى وظيفة مراقب كشافات، ومحصل كهرباء، ولم أعرف ماذا أفعل غير القبول والرضا والسكوت».
يسكت هانى قليلاً ويضيف فى أسى: «أنا عندى ثلاثة أولاد صغيرين، وبقبض 380 جنيها، وساكن فى الإمام الشافعى، وماسك مراقبة منطقة السيدة زينب والقلعة، لأنها قريبة من بيتى بس بشوف الأرقام بالعافية وبحسب الحساب بالعافية، لأن نظرى ضعيف، والناس مفكرانى شغّال عندهم لدرجة إن فى مرة من المرات واحد ضربنى واتخانق معايا علشان بس بقوله على فلوس متأخرة عنده».
ليست هذه هى المشكلة الوحيدة فى عمل هانى، فهو يعمل طوال الأسبوع دون أن يحصل على إجازات حتى أيام الجمع والأعياد، ويحصل على مقابل بسيط حوالى 30 جنيها فى أربعة أسابيع فى الشهر، يقول: «أنا بشتغل طول الشهر من الساعة عشرة الصبح لحد11 بالليل، ولأننى فعلا أعانى قررت أتقدم بطلب للشركة حتى يتم نقلى من هذه الوظيفة إلى أخرى إدارية تتناسب مع ظروفى، وبالفعل تقدمت للقومسيون الطبى، وجاءت النتيجة بأن مرضى لا يتناسب مع عملى، وتم إرسال التقرير للشركة بضرورة نقلى وتغيير مكان عملى، وانتظرت طويلا ولكن دون فائدة، فأرسلت مذكرة لرئيس مجلس الإدارة، وروحت قابلته لكنه قالى مش عاجبك امشى»، يتوقف هنا ويكاد يبكى، ثم يستكمل: «أنا مش عارف أعمل أيه تعبت، وكل اللى طالبه إنى أتنقل فى وظيفة مناسبة لقدراتى ولظروفى».