◄◄لجنة السياسات رفضت مشروعاته وأعلنت الحرب عليه.. وديناصورات الوزارة لعبوا فى الخفاء
لم يكن قرار الإطاحة بوزير التربية والتعليم د.يسرى الجمل مفاجأة للمتابعين للأحوال التعليمية فى مصر، فالكل كان فى انتظار هذا القرار المتوقع، وذلك لما شهدته الوزارة من تراجع واضح فى أدائها، خلال فتره توليه الوزارة، كما كان هناك كثير من المتربصين به داخل لجنة السياسات، بسبب عدم تواصله معهم بشكل يرضيهم، وكان لفضيحة تسريب امتحانات الثانوية العامة وتورط عدد كبير من قيادات وزارته فيها دور فى الإطاحة بالرجل، لكن توقيت الإطاحة الذى تزامن مع امتحانات نصف العام، هو الغريب فى الأمر، فالأولى أن يكون هذا التغيير بعد انتهاء هذه الامتحانات حتى لا يتأثر أداء الوزارة بهذا القرار، لكن فى بلد لا يعلم أحد متى تصدر فيه القرارات ولماذا؟ لا يكون الأمر غريبا، والسطور التالية تحمل أهم الخطايا التى أطاحت به، سواء كانت سياسية أو المرتبطة بتقصيره فى أداء مهمته فى حقيبته الوزارية.
وكان غضب لجنة السياسات أول الأسباب التى أدت إلى الإطاحة بالجمل، تعود لرفض لجنة السياسات بالحزب الوطنى للرجل، بسبب عدم تواصله معهم بشكل يرضيهم، والانتقادات الدائمة له من أمانة اللجنة، وأكدت مصادر مطلعة أن اللجنة طالبت فى أعقاب فضيحة تسريب امتحانات الثانوية العامة القيادة السياسية بإقالة الجمل، ولكن أُرجئ الأمر لأقرب تعديل وزارى.
حيتان الوزارة وعدم التغيير أسباب إضافية ويعلم الجميع بالوزارة أن الدكتور يسرى الجمل فشل فى إحداث أى تغيير فى قيادات الوزارة، وأن هناك مجموعة من القيادات أطلق عليها العاملون بالوزارة لقب «الديناصورات»، وذلك لسيطرتهم بصورة كاملة على غنيمة الكنترولات، والحوافز الاستثنائية، والمناصب القيادية، بل ووصل الأمر بهم إلى اختيار بعض وكلاء الوزارة بالمحافظات على حسب هواهم من أجل فرض سيطرتهم بصورة كاملة على الوزارة، وكانت أهم نتائج إطلاق يد هذه المجموعة فى مجريات الأمور بكنترولات الثانوية، فضيحة تسريب الامتحانات.
الحركات الاحتجاجية وتجاهل الوزير لها كانت من أسباب إقالة الجمل من منصبه، رفض الكثير من العاملين بالوزارة سياسته، مما أدى إلى أن عصره شهد عشرات الاحتجاجات والمظاهرات، خاصة من إداريى التعليم الذين طالبوا بضمهم للكادر، وأيضا المعلمون الذين رفضوا اختبارات الكادر، واعتبروها أداة لإذلال المعلم.
وكان مشروع الثانوية الجديدة هو القشة التى أطاحت بالوزير من منصبه، حيث جاء المشروع مخالفا فى بدايته لكل آراء المتخصصين، وقد أبدت لجنة السياسات ولجنة التعليم بالحزب الوطنى كثيرا من الملاحظات عليها وذلك بخلاف رفض الكثير من السياسيين بالأحزاب والقوى السياسية له، وقد تسربت أنباء عن عدم رضا القيادة السياسية عن مسودات هذا المشروع، مما جعل الوزير يعيد دراسته أكثر من مرة، بل نشبت بسببه معارك بين الوزير والمجالس النيابية، وقد وصل الأمر إلى مشادات كلامية بين الدكتور يسرى الجمل، وزير التربية والتعليم، والدكتور فاروق إسماعيل، رئيس لجنة التعليم بمجلس الشورى، بسبب عدم تنفيذ الجمل تعليمات رئاسية بإجراء استطلاع رأى موسع حول مشروع الثانوية العامة الجديد قبل إقراره بالبرلمان، واكتفى الجمل باستطلاع آراء عدد من عمداء كليات التربية.. الأمر الذى دفع فاروق إسماعيل وقتها لمهاجمة الوزير قائلا: «ما يبذله الجمل لقياس الرأى العام لا يتناسب على الإطلاق مع ما أمر به الرئيس، وأؤكد للجمل أنه لن يستطيع فرض ثانويته الجديدة على الطلاب، لأننا سنعترض على المشروع بالشورى إذا لم توافق عليه الأسر المصرية».
لعبت فضائح تسريب الامتحانات فى عهد الدكتور يسرى الجمل دورا بارزا فى الإطاحة به، فقد شهد عصره العديد من عمليات تسريب الامتحانات، وكان على رأسها فضيحة تسريب امتحانات الثانوية العامة بالمنيا، التى كان بطلها الفساد والمحسوبية، حيث تورط بعض ضباط الأمن، فى حادث تسريب امتحانات التفاضل والتكامل، وقام بعض هؤلاء الضباط باستغلال نفوذه من أجل الحصول على أوراق الأسئلة، وإعداد نماذج إجابة لها، من أجل تزويد ذويهم بها، وأيضا ما شهدته محافظة أسيوط من تسريب لورقة الجيولوجيا والعلوم البيئية، أثناء امتحان الثانوية العامة 2008، لكن تمكن رئيس اللجنة من السيطرة على الأمر، وفرضت الوزارة تعتيماً إعلامياً على الحادث حينها، وبالطبع كانت هذه الفضائح مستقرها المحاكم المصرية التى قضت بإدانة قيادات من الوزارة وحكمت عليهم بأحكام بالسجن المشدد.
كان من الخطايا التى أطاحت بالدكتور الجمل من منصبه، فشل تجربة التقويم الشامل بالمدارس المصرية، فبالرغم من نجاح هذا النظام فى جميع دول العالم، فإنه فشل بدرجة امتياز بالمدارس المصرية، وتحول من نظام تعليمى يفجر مواهب الطلاب، إلى نظام ورقى لم يزد عن أنه حبر على ورق، وذلك بسبب العجز الواضح فى إمكانيات المدارس، والتطبيق الخاطئ لهذا النظام الذى يقوم على التعليم العملى الحر وربط النظرية بالتطبيق.
شهد عصر الدكتور الجمل زيادة غير مسبوقة فى الدروس الخصوصية، فقد أكدت أكثر من دراسة بكليات التربية بجامعة عين شمس وبنى سويف والفيوم أن الثلاثة أعوام الماضية شهدت ارتفاعا غير مسبوق فى معدلات إقبال الطلاب على الدروس الخصوصية وصلت نسبة الزيادة بها على 20 % عن الأعوام السابقة، مما أثر بشكل سلبى على الأسرة المصرية وزاد من الأعباء التى أثقلت كاهلها.
لكن ما نخشاه أن يأتى اليوم الذى نندم فيه على رحيل الجمل، خاصة أن خليفته الدكتور أحمد زكى بدر صاحب تاريخ طويل فى التصدى لكل الحركات الطلابية.
كيف اصطادوا يسرى الجمل ليخرج وحده من نعيم الحكومة؟
الجمعة، 08 يناير 2010 12:38 ص
فاروق إسماعيل
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة