أصبح الكلام عن حب مصر نغمة تتردد، خاصة بين أناس لم نعهد عليهم هذا الحب الجارف لها فما رأيناهم إلا سماسرة لبضائع فاسدة أو أغذية مسرطنة أو محتكرين لأقوات الشعب. وأشك فى أن أحد المحبين الأقوياء قد أقام مصنعا فى الصين لتصنيع الأعلام المصرية ويريد تصريف منتجاته!!!!!
والأوطان كالإنسان.. تفرح وتحزن.. تشقى وتسعد.. أحيانا تلهو وتلعب.. وأحيانا أخرى تكد وتتعب..
أوطان حزينة مكتئبة.. وأخرى سعيدة مبتهجة..
أوطان عجوز.. قد أصابتها الشيخوخة وآلامها..
وأوطان شابة فتية.. تتفجر حيوية وقوة وفتوة..
أوطان أخذت الأرض فيها زخرفها وازينت لشبابها الطموح الواعد فى مستقبل أفضل.
وأوطان قد اتشحت السواد وكأنها قد أعلنت الحداد على وفاة الأمل فى أى مستقبل.
بل الأوطان كالغيد الحسان تمشى فى دلال فيكثر خطابها وتتمنع فترتفع أسهمها.
تنتظر فارسها الذى طالما حلمت به لتحلق معه فى أجواء أوسع وعوالم أرحب
تهفو لمغامراته !!! تشتاق لصولاته وجولاته !!! ولا تغضب من هفواته وذلاته!!!.
وللمستغربين.... ارجعوا لسيرة المصطفى عليه السلام وهو يتحدث عن جبل أحد الذى يحبنا ونحبه.
نعم الجبل يحب الفوارس الأطهار الباذلين للأنفس الحاملين أرواحهم زودا عن حياض الوطن.
كذلك الأوطان تحب فوارسها وهل يشك أحد فى ذلك؟ هل رأى أحد روسيا أيام رئيسها يلتسين المخمور؟
كئيبة كالحة باردة !!! أما اليوم انظروا كيف ازدانت شوارعها بروح الشباب.
هل رأينا كيف تزينت موسكو لاستقبال الفارس بوتين، وكيف ذاب الثلج فى شوارعها من حرارة رئيسها الشاب ميدفيديف..؟
وانظر إلى باريس العجوز!! كيف استعادت نضارتها وفرحتها وهى تستقبل الشاب ساركوزى – على جنونه - ووزير خارجيته كوشنير رغم تعجرفه ورعونته.
وأرجع البصر إلى طهران المتعصبة لترى تسامحها مع أجيال جديدة من خاتمى إلى نجاد، وكأنها تتحدى المتربصين بها بحلاوة التغيير وعذوبة الديمقراطية.
ثم أرجع البصر كرتين لترى حلاوة المشهد من واشنطن وترى أمريكا وهى تجدد شبابها وتستقبل فارسها الأسود باراك أوباما القادم من أفريقيا، وتحيى من جديد الحلم الأمريكى بدولة الفرص المتاحة لكل مجتهد يكد ويتعب دون تفرقة بين لون أو جنس أو دين – مع التحفظات - لترسخ قيم العدل والمساواة، ومؤكدة للسنن الكونية بأن الدولة العادلة باقية منصورة حتى وإن كانت كافرة وما كان ربك بظلام للعبيد.
وإذا ببصرك اليوم حديد وأنت ترى أرض الخلافة فى تركيا تجدد شبابها وتعاود الابتسامة من جديد لأحفاد محمد الفاتح وجنده ؟؟؟؟؟؟
هل رأيتم أنقرة وهى تتزين لاستعادة أمجادها تحتضن فى حنان رئيسها الهادئ عبد الله جول؟؟؟؟؟ وها هى استنبول تكاد تسمع دقات قلبها المملوء حبا وفرحا وعشقا لبطلها القادم- الطيب - ليلبسها تاج السيادة فى منطقة عز فيها الأبطال.
وها هو البصر يرتد خاسئا وهو حسير وهو يرى كآبة المنظر وأنت تطالع صورة بلادنا العربية والإسلامية وسوء المنقلب الذى ينتظر أهلها القابعين فى درجات الفقر والجهل والمرض.
قاهرة المعز عجوز- رغم حداثة سنها - متسخة مختنقة تلفها السحابة السوداء طوال العام.. سحابة الديكتاتورية والظلم والفساد المستشرى فى كل ركن من أركانها. ولم يبقى من اسمها إلا القهر لأبنائها تحت سياط أنظمة استمرأت الفساد والتزوير لإرادة شعبها المستكين.
أدعياء يدعون حب مصر وهى تلعنهم، لا تطيق سماع كلماتهم الممجوجة تلوكها ألسنتهم، تكاد تتقيأ لتلفظهم وهم يطئون بأقدامهم أرضها الطاهرة !!! كلهم يدعون وصلا بها وهى منهم براء.
ودمشق الخلافة تشكو غياب الحرية والأمل فى التغيير، وطرابلس المختار تئن تحت حكم المشكوك فى قدراتهم العقلية!!! والرياض على رحابتها واتساعها جامدة لا روح فيها كأنها بيوت أشباح أما بغداد الرشيد فما يحدث فيها يعجز القلم عن التعبير.
والمنامة يكفيك اسمها لتذكرك بأهل الكهف فى نومهم الطويل!!! ما لها من فواق ؟؟؟؟ والدوحة- على جمال اسمها- تأتى من بعيد... تحاول.. ويكفيها شرف المحاولة فهى أصغر من أن نعول عليها رغم إعجابى بتجربته.
ظلمات بعضها فوق بعض ولكن المستقبل – بإذن الله للشباب- الواعى بأمته وقدرها... المؤمن بدوره فى إصلاح وطنه والوقوف فى وجه الظالمين، وأن نعالج جروحا نفسية عميقة تعانى منها أوطاننا المكلومة.
حبنا لأوطاننا يحتم علينا أن نعمل بجد - أيها الشباب - لاستكمال مشروعنا التغييرى ..- نعم التغيير- فلا بديل عن التغيير لاستعادة الحياة لأوطاننا التى ماتت وأصبحت خارج إطار التاريخ. فهل تملكون القبلة... قبلة الحياة أيها المحبون !!! هيا فهى فى انتظار.
• أخصائى العيون.
