إيمان بالله أحمد عبد الجواد تكتب: المدنية المقهورة والغضب المكتوم

الخميس، 07 يناير 2010 02:09 م
إيمان بالله أحمد عبد الجواد تكتب: المدنية المقهورة والغضب المكتوم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا بد أن المتابع لواقع المجتمع المصرى يلحظ جليا حالة ارتفاع درجة حرارة الغضب المنتشرة بين أعضاء هذا الجسد. كل فى موقعه يشكو ويعانى بعضهم قد يستطيع كتم حرارة الغضب حتى ليصيبه الاحتقان والبعض الآخر لا يستطيع كتمان غضبه فعبرت عن مشاعره الساخطة سلوكيات صارخة و غريبة لم نعهدها فى السابق.

والعجيب حقا من أمر هذه الموجة التى إن لم نتصد لها فإنها ستأتى على الأخضر واليابس، أنها شملت جميع الفئات والأعمار على اختلافها. فالعامل مهضوم حقه وأصحاب الأعمال يعانون أيضا. المدرس والتلميذ، المستهلك والمنتج، الرجل والمرأة، المسلم والمسيحى وغيرهم... إلخ.

الخيط المشترك فى هذه السيناريوهات هو المعاناة التى يتطلب عليك مواجهتها للحصول على حق طبيعى وبديهى لم تلتفت إليه المنظومة التشريعية والتنفيذية فلم تلزم أحدا بتأديته إليك لتوفر عليك عناء ووقتا ومالا بحثا عنه..
الكل يشكو من كم المجهود والوقت والمال المهدر لنيل حق المفترض أن القانون قد نص عليه، ولكنه لم يردع من يعرقل وصول هذا الحق لصاحبه ولم يضمنه لصاحبه فأضحى الحق حبرا على ورق أو حق لم يلتفت إليه القانون أصلا .

المفترض أن نحذو حذو من سبقونا فى سن تشريعات ومواد تنفيذية لتنفيذها فى المضامير المستحدثة علينا غير أننا نسينا أو تناسينا صرخات مهضومى الحقوق ولا نتحرك إلا بعد أن تستفحل المشكلة وتصبح الشكوى الفردية جماعية وتنبئ بكارثة قومية !!

ووسط كم الإصلاحات المنفذة فعلا والمجلجلة صوتا فقط لا فعلا، أصبحت الفجوة تتسع بين كل صاحب حق وبين حقه؟ لا أعرف لماذا؟ هل هو خلل فى البنية الاجتماعية أم فى البنية التشريعية أم تقاعس فى المنظومة التنفيذية؟ أم جميع تلك الأسباب مجتمعة معا.

تعاملت الحكومة مع أفراد المجتمع كمجرمين فأصبحوا بالفعل مجرمين، تعاملت معهم كعسكريين مجندين فقط لطاعة وحماية نظام ما، فأصبحوا مجرد أدوات وأجساد ورؤوس خاوية بلا روح أو عقل أو منطق، ووئدت رجولة الرجال واستأصلت العقول المفكرة وشلت الإدارة الإنسانية.

هل اهتمت الدولة بالأمن والانضباط فى المجتمع المدنى ونسيت أنها لا تدير ثكنة من ثكنات الجيش، بل مجتمعا من المدنيين فسقطت منها "سهوا" الحقوق المدنية للمواطنة ؟ ألم تلح فكرة المواطنة إلا الآن ؟ وما هو مفهومها ؟ ومن يحميها ؟ وما المواد التى تفعلها؟ أين الحضارة المدنية بجانب الحضارة الأمنية والاقتصادية التى تلهث الدولة وراءها؟ لماذا تتقهقر علامات التمدن على المستوى الفردى والاجتماعى بهذا الوطن؟

الفقر ليس عيبا هناك شعوب أفقر منا ولكنها تتسم باللباقة فى حديثها والرقى فى تصرفاتها وتقبل الآخر واحترامه والوعى بحقوقها والتزاماتها. هذا الحس الاجتماعى المدنى الواعى فى الشعب من المسئول عن ضياعه وتلاشيه فى المجتمع المصرى؟ كيف نبنيه؟ وكيف نحميه؟ وكيف نردع من يخترقه؟ لماذا أصبحت البلد مليئة سبابا وصراخا وقتالا وسخطا وشكاء ورفضا للآخر ولهاثا؟

لا أعرف... إنه الغضب المكتوم الذى قد ينفجر نارا أو ينقلب إلى تبلد و تقاعس. من يحمى حق المواطن فى أن يشعر بمواطنته أيا كان موقعه ؟ لماذا يشعر المصريون أنهم "ضيوف" فى بلادهم؟ وأحيانا يشعرون أنهم ضيوف غير مرغوب بهم إن لم يتسقوا سياسيا وثقافيا واقتصاديا وفكريا مع السائد أو الذى تريده بعض المؤسسات أن يكون سائدا ؟ أتمنى الاعتراف بحقوق المواطنة وتأمينها وتفعيلها وأتمنى أن تبدأ الحكومة معطية لشعبها المثل الأعلى فى ذلك. فإن كان رب الدار للدف ضارب، فشيمة أهل بيته الرقص والشعوب على دين ملوكهم.

بعد أن أصبح كل مصرى من موقعه يتبارى لأخذ ما لا يحق له ويلتوى ليتملص من أداء ما يحق عليه؟
مجرد سؤال.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة