البداية... طفل عمره ثمانى سنوات.. فى المرحلة الابتدائية من التعليم.... ينظر إلى المعلم بعين الإجلال والتقدير.. يتمنى لو يمسك بأنامله الدقيقة القلم ذات الحبر الأحمر..الذى يعنى ويمثل له الكثير..
وتمر الأيام.. وينفرط عقد السنين.. يتخمر بداخل الطفل حلم أن يصبح معلما.... يسعى بكل قوته وطاقته لتحقيق حلمه.. يلتحق بكلية التربية.. ويظن هذا المسكين أنه حقق حلمه.. ولكن ماذا خلف هذا الحلم العاقر العقيم؟
دعونا نسمع من هذا الطفل العجوز أصداء حلمه المزعوم..
ترى.. ماذا تعنى كلمة معلم.. وإلى ما ترمز؟..
هل تشير إلى شخص يؤدى خدمة مقابل أجر؟.. أم عامل يوصل البضائع إلى خزائن مغلقة؟.. أم ماذا؟...
بكل أسف.. ما سبق هو مرادفات كلمة معلم حاليا.
تجد فصول مسرحية مدرسة المشاغبين قد تجسدت حقيقة_ بكل معالمها وأحداثها_ فى فصول تتكون من معلمين وطلبة من لحم ودم..
نعم.. بدون أدنى مبالغة.. والكل يعرف موقف المعلم داخل الفصل.. منتهى الشعور بالمهانة.. وعليه أن يتعامل مع سخافات وتعديات طلابه.. بلا أدنى درجة من التذمر.. مهما تعرض لمواقف.. حتى لو ضغط عليه طلابه وعذبوه.. وجعلوه يبول على نفسه.. كما حدث مع الأستاذ رمضان أبو العلمين..
نأتى إلى وضع المعلم مهنيا وماليا.. المعلم الذى يتقاضى راتبه.. يفكر ويتأمل.. كيف يقضى شهره دون أن يجوع أو يمرض.. حتى لا يذل.. لأنه لن يجد إنصاف من مرتبه لتحقيق تلك الرفاهيات.. إلا إذا.. إلا إذا اضطر إلى أن ينتظر الظرف أخر الشهر فى حجرة الدرس الخصوصى..
وبالتالى يتخذ من مادته بضاعة.. ومن حجرة وبضع كراسى.. دكان لترويج هذه البضاعة.. ولكن.. ما موطن الخطأ هنا؟ ...هل يكمن فى ضعف المعلم وقلة حيلته؟ أم رغبة الطالب؟.. أم فشل وقصور وهشاشة نظامنا التعليمى؟.. سؤال نرجو الإجابة عليه بكل أمانة..
الآن.. يرى المعلم ضآلة قيمته وقامته.. وضعف حيلته وكلمته..
حين تحل التربيطات بين معلم ومعلم على عدد رؤوس الطلبة.. لابد أن يحدث هذا.. حين تصبح فئة المائة جنيه هى العقد الرسمى بين المعلم والطالب.. لابد أن يحدث هذا.. حين يسلط إعلامنا النجيب الضوء على المعلم ضعيف الشخصية.. وإظهاره فى أوضاع مهينة.. لابد أن يحدث هذا.. وأكثر بكثير.. ولا عزاء للعلم والتعليم...
* كلية تربية بدمياط
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة