معصوم مرزوق

حقوق الحيوان فى فنلندا

الأربعاء، 06 يناير 2010 07:34 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الخنازير والدجاج وغيرهما من الحيوانات الأليفة تعانى فى فنلندا.. هكذا صرخت جماعة حقوق الحيوان فى فنلندا، وقامت بنشر لقطات من بعض المزارع، واتهمت وزيرة الزراعة بأن ابنتها تعامل الحيوانات بشكل سيئ فى مزرعتها، وقد أنكرت الوزيرة هذه الاتهامات.
وقد أبرزت اللقطات أن الحيوانات تعانى من وضعها فى أماكن ضيقة وقذرة، فضلاً عن إهمال علاج الجروح التى تصيبها، وقد أشارت الجماعة إلى قانون "رفاهية الحيوان" الذى أجازه البرلمان ( Animal Welfare )، مؤكدة وجود مخالفات عديدة لهذا القانون.
اهتمت وسائل الإعلام الفنلندية بالموضوع ونشرته بشكل واسع، وهرع المسئولون فى هيئة الأمن الغذائى لزيارة عدد من المزارع المشتبه بوجود انتهاكات لحقوق الحيوان فيها، كما قام البرلمان الفنلندى بمناقشة الموضوع، حيث صرحت وزيرة الزراعة بأنها تشعر أن المزارعين الفنلنديين يعاملون حيواناتهم بطريقة لائقة، رغم إقرارها بأن هناك إمكانية لإضافة بعض التحسينات لهذه المعاملة.
وقد عكست اللقطات بعض الخنازير وهى تتحرك فى زرائب ضيقة وقذرة، وقد تلطخت أبدانها بالطمى، وقد بدت على وجوه تلك الخنازير المسكينة أمارات الضيق والضجر، بما يؤكد أن ثمة انتهاكات جسيمة قد ارتكبت فى حقها، وخاصة صورة الخنزير التى تصدرت الصفحة الأولى وعينيه تلمعان بالدموع وبشكل يهز المشاعر ويدمى القلوب.
من المؤكد أنه لو ثبتت هذه الانتهاكات الجسيمة لحقوق الحيوان، فإن ذلك يعنى مدى ما وصلت إليه البشرية من وحشية وقسوة، وقد يؤدى ذلك إلى عواقب وخيمة تشبه ثورة الحيوانات فى مزرعة جورج أورويل الشهيرة.
والحقيقة أن المشرع الفنلندى كان حريصاً فى صياغة قانون حماية الحيوان، حيث أكد أن الغرض منه هو حمايته من المعاناة والألم والكآبة مع تطوير رفاهيته وحسن معاملته، وأن هذا القانون يساوى بين جميع الحيوانات الوحشية منها والمستأنسة.
ويحدد القانون الاشتراطات الخاصة بأماكن تربية الحيوانات، وكيفية معاملتها، حيث يركز على ضرورة المعاملة الإنسانية لها، وهو فى ذلك لا يقتصر على تحريم تعرضها للمعاملة الوحشية، وإنما الاهتمام بصحتها وسعادتها ورخائها بشكل عام.
ويشمل النظام القانونى لمعاملة الحيوانات فى فنلندا، قانون حماية الحيوان، والنظام الأساسى للحماية، والنظام الأساسى لنقل الحيوانات، والنظام الأساسى للمختبرات الحيوانية، فضلاً عن عدد كبير من القرارات واللوائح التى تصدرها وزارة الزراعة.
وقد انضمت فنلندا إلى خمس اتفاقيات للمجلس الأوروبى تتعلق بحماية الحيوان، وهى المعاهدة الأوروبية لحماية الحيوانات أثناء النقل الدولى ( 1975 )، والمعاهدة الأوروبية لحماية الحيوانات المستخدمة فى التجارب أو الأغراض العلمية الأخرى (1990 )، والمعاهدات الأوروبية لحماية الحيوانات المستخدمة فى المزارع، والحيوانات الأليفة، وحماية الحيوانات المعدة للذبح (1992).
وقد حدد القانون أماكن سكن الحيوانات، وشدد على ضرورة أن تكون فسيحة ومغطاة وجيدة الإضاءة، فضلاً عن ضرورة أن تكون نظيفة وآمنة، بما يوفر للحيوان الحماية من البرد أو الحر مع تهوية جيدة، هذا بالإضافة أن يكون المكان متسعاً بالشكل الذى يحقق للحيوان تلبية حاجاته البدنية والسلوكية.
ومن ناحية أخرى، أكد الخبراء على ضرورة أن يمارس الحيوان بعض الرياضات للمحافظة على صحته النفسية والبدنية، وتضمن القانون حظر المعاملة السيئة أو العنيفة ضد الحيوان، وضرورة عدم تعريضه للخوف أو الانفعال، مع مراعاة عاداته التلقائية، مع التشديد على أهمية توفر الثقة المتبادلة بينه وبين الراعى، حيث ينبغى تذكر أن الحيوان أيضاً يحتاج للسلام والهدوء.
ومن الحقوق التى تضمنها القانون أيضاً، توفير غذاء جيد يشمل كل القيم الغذائية، وألا يكون ملوثاً، ويجب على الراعى أن يضمن عدم اغتصاب الحيوان القوى للحقوق الغذائية للحيوان الضعيف، كما يكون عليه أيضاً مسئولية استحمام ونظافة كل حيوان.
يحظر القانون الفنلندى الوسائل العلمية التى تعرض الحيوان للألم أو تؤثر على صحته أو رفاهيته، كما يحظر استخدام الهندسة الوراثية لتعديل الإنتاج الحيوانى كماً أو نوعاً، إذا كان ذلك سيعرض الحيوان للخطر، ويحظر استخدام المنشطات، ويجيز لهيئة رفاهية الحيوان أن تقوم بالتفتيش وأخذ عينات للتأكد من التزام المزارعين بذلك.
ولم يتخل القانون عن حقوق الحيوانات الضالة، فقد ألزم السلطات المحلية بتوفير ملاجئ مؤقتة للقطط والكلاب الضالة تتوفر فيها الاشتراطات السابقة، وهو ما تقوم به المحليات بالفعل، حيث يوجد أكثر من 80 ملجأ للحيوانات الضالة حالياً فى فنلندا.
أما الحيوانات الفنانة، سواء تلك التى تمارس فنها فى السيرك أو حدائق الحيوان أو تلك التى تمارس رياضة السباق، فإن المسئولين عنها يجب أن يعينوا طبيباً بيطرياً ليتأكد من عدم تعرض هذا النوع من الحيوانات لأى آلام أو ضغوط، كما تحدد وزارة الزراعة نوع الحيوانات التى يمكن استخدامها فى السيرك، ويحرم القانون استخدام عدد من الحيوانات مثل الأفيال والنعام على سبيل المثال..
لو أثبتت التحقيقات صحة الاتهامات التى وجهتها جماعة حقوق الحيوان، فإن ذلك لا يمثل انتهاكاً للقانون الفنلندى وحده، وإنما لالتزامات فنلندا الدولية بموجب الاتفاقات التى انضمت إليها، بما يستوجب اتخاذ إجراءات عاجلة وحاسمة لحماية حقوق الحيوان...

*عضو اتحاد الكتاب المصرى









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة