الطيب أديب يكتب: حال المعلم بين "الأمس واليوم"

الأربعاء، 06 يناير 2010 02:14 م
الطيب أديب يكتب: حال المعلم بين "الأمس واليوم"

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
معارضة شعرية بين أمير الشعراء أحمد شوقى والشاعر "إبراهيم طوقان"..!

عاش أمير الشعراء" أحمد شوقى" فى زمن كان فيه المعلم العربى مبجلا وشجاعا، وقد لاقى فى ذلك الزمن الجميل أوج الرعاية والاهتمام والاحترام من المسئولين عن العملية التعليمية وأولياء الأمور، وكل فئات المجتمع، فلم يكن المعلم فى عصره مطاردا من مرءوسيه الذين يكبلونه بأحمال تمنعه عن أداء واجبه كمعلم داخل الفصول، مثلما يحدث الآن، إذ راح المعلم يلهث حاملا حقيبة "التطوير" بما تحمله من أحمال وأوراق لو قضى عمره ما انتهى منها، أو ليلهث خلف أقسام الشرطة التى تطارده جراء شكاوى أولياء الأمور تحت دعاوى ضرب أبنائهم فى الفصول، أو ليلهث خلف البنوك منتظرا صرف راتبه - نتيجة "سلف القروض " وسدادها أو مترددا على بيوت الطلاب من أجل الدروس الخصوصية، وغير ذلك من صعوبات منعته من أداء واجبه فى رسالته المقدسة. وكتب أمير الشعراء قصيدته الشهيرة "قف للمعلم" اعترافا منه بفضل من علموه فى المدارس التى جعلت منه شاعرا مثقفا، ووطنيا بارعا، وكذلك اعترافا بفضل المعلم على البشرية كلها على مر العصور..!

وأما الشاعر الفلسطينى "إبراهيم طوقان" فقد عارض قصيدة أمير الشعراء شوقى لأنه عاش التجربة بكل آلامها.. ! فماذا قال أمير الشعراء شوقى..؟ وبماذا عارضه الشاعر "إبراهيم طوقان"..؟


* أنشد أمير الشعراء أحمد شوقى فى مدح المعلم يقول :

قُـمْ للمعلّمِ وَفِّـهِ التبجيـلا .. كـادَ المعلّمُ أن يكونَ رسولا
أعلمتَ أشرفَ أو أجلَّ من الذى .. يبنى وينشئُ أنفـُساً وعقولا؟
سـبحانكَ اللهمَّ خـيرَ معـلّمٍ .. علَّمْتَ بالقلمِ القـرونَ الأولى
أخـْرَجْـتَ هذا العقلَ من ظلماتهِ.. وهديْتَهُ النـورَ المبينَ سـبيلا
وطبعتَـهُ بِيَدِ المعلّـمِ تـارةً .. صَدِىء الحديدِ وتارةً مصقولا
أرسَلتَ بالتـوراةِ موسى مُرشدا.. وابنَ البَتـولِ فعلَّمَ الإنجيـلا
وفجـرتَ ينبـوعَ البيانِ محمّداً .. فسقى الحديثَ وناوَلَ التنزيلا ِ
مِن مشرقِ الأرضِ الشموسُ تظاهرتْ .. ما بالُ مغربها عليه أُدِيـلا
يا أرضُ مُذْ فَقَدَ المعلّـمُ نفسَه .. بين الشموسِ وبين شَرْقِكِ حِيلا
ذَهَبَ الذينَ حمَوا حقيقـةَ عِلمِهِم .. واسْتَعْذَبوا فيها العذابَ وبيلا
سُقْراطُ أَعْطَى الكـأسَ وهى مَنـِيّةٌ .. شَفَتَى مُحِبٍّ يَشْتَهِى التَّقْبـِيـلا
عَرَضُوا الحيـاةَ عليْهِ وهى غباوَةٌ .. فَأَبَى وآثَرَ أن يَمُوتَ نبيـلا
إنَّ الشجاعةَ فى القلوبِ كثيرةٌ .. ووجدتُ شجعانَ العقولِ قليلا
رَبُّوا على الإنصافِ فِـتْيانَ الحِمـى .. تَجِدوهُمُ كهفَ الحقوقِ كُهـولا
فهوَ الـذى يبنى الطبـاعَ قـويمةً .. وهوَ الذى يبنى النفوسَ عُـدولا
ويقيم منطقَ كلِّ أعـْوَجِ منطـِقٍ .. ويُريهِ رَأياً فى الأمـورِ أصيـلا
وإذا المعلّمُ لم يكـنْ عدلاً مَشَى .. رُوحُ العدالةِ فى الشبابِ ضـئيلا
وإذا المعلّمُ سـاءَ لـَحـْظَ بَصيـرةٍ .. جاءتْ على يدِهِ البَصائِرُ حُـولا
وإذا أتى الإرشادُ من سَبَبِ الهوى .. ومن الغرورِ فَسَمِّهِ التضـليلا
وإذا أصيـبَ القومُ فى أخلاقِـهم.. فأقِـمْ عليهـِم مَأتَماً وعَـويلا
ما أبعـدَ الغايـاتِ إلاّ أنّنـى ... أجِدُ الثباتَ لكم بهنَّ كفيـلا
فكِلُوا إلى اللهِ النجـاحَ وثابـروا .. فاللهُ خيرٌ كافِلاً ووكيـلا
*******
* أما الشاعر" إبراهيم طوقان" فعارض قصيدة أمير الشعراء أحمد شوقى بقصيدة يقول فيها :
شَوْقى يقول وما دَرَى بمُصيبَتي.. قـُمْ للمعلمِ وَفِّه التَّبْجيلا
أُقْعُدْ، فَدَيْتُكَ، هل يكونُ مُبَجَّلا .. مَن كان للنشءِ الصغارِ خَليلا
ويكادُ يَفْلِـقُنى الأميُر بِقولهِ .. كادَ المعلمُ أنْ يكونَ رسولا
لـَوْجَرَّبَ التعليمَ شوقى ساعةً .. لقَضَى الحياة َشقاوةً وخُمولا
حَسْبُ المعلمِ ذلة وكَآبةً .. مَرْأَى الدَّفاترِ بُكرَةً وأَصيلا
مائةُ على مائةٍ إذا هى صلِّحَتْ .. وَجدَ العَمَى نَحْوَ العيونِ سبيلا
ولَوْ أنَّ فى التَّصْليحِ نَفْعاً يُرْتَجَى.. واللهِ لَمْ أَكُ بالعيونِ بَخِيــلا
لكنْ أُصَلِّح غلطـةً نحويـةً ... مثلاً، وأتَّخِذُ الكتابَ دَليلا
مُسْتَشْهِداً بالغُرِّ مِنْ آياتـِـهِ .. أو بالحديثِ مُفَصِّلاً تفصيلا
وأغوصُ فى الشعرِ القديمِ وأنْتَقي .. ما ليس مُلْتَبـِساً ولا مَبْذُولا
وأكادُ أَبْعَثُ سِيبَوَيْهِ مِنَ البَلـى.. وذَوِيهِ مِنْ أَهْلِ القُرونِ الأولى
فَأرَى "حِمـاراً" بَعدَ ذلكَ كُلـه ِ.. رَفَعَ المُضافَ إلَيْهِ والمَفْعُولا
لا تَعْجَبُوا إنْ صِحْتُ يَوْماً صَيْحَة .. ووقَعْتُ ما بينَ البُنُوكِ قَتيلا
يا مَنْ يُريدُ الانتحارَ وَجَدْتـَهُ.. إن المعلمَ لا يعيشُ طويلا






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة