نعيش للأسف فى الكثير من البلدان العربية فى مجتمعات يحكمها للأسف العقلية الذكورية، ولعله من المستغرب أن يقص هذه الشهادة من ينتمى لفئة الذكور وهى الفئة السامية من وجهة نظر الكثير التى أعارضها بالطبع، لأنها لا تستند على أى مبررات منطقية أو علمية سوى النوع الاجتماعى فقط.
فكثيرا ما يقع فى حياتنا اليومية يؤكد صدق هذه النظرية التى باتت تهيمن على الكثير من العقول وتحكم السواد الأعظم من الثقافة العامة، فالرجل فى نظر الكثير يتفوق على المرآة فى العديد من المجالات، وهو الأجدر على فعل مختلف الأعمال فى المجالات وبمهارة وذلك لأنه ينتمى لفئة الرجل ليس أكثر غافلين أى مهارة تتمتع بها المرأة. فليس المعيار هو الكفاءة فى العمل، ولكن النوع الاجتماعى الذى يكون المعيار الظلامى الوحيد.
مما لاشك فيه انه يكون فيه بعض الأعمال الشاقة التى تحتاج لمجهود جبار، وكنت أقتنع منذ زمن بأن هذا العمل هو من نصيب الرجال لاشك ولا غبار عليه، لكنى وجدت من النساء يتمتعن بمجهود جبار وعضلات قوية ويمارسن ألعاب قوى يكن قادرين على سحق أى رجل أقل منهن. فإذن المعيار الذكورى قد تم دحضه.
فعلى الصعيد العملى أجد الكثير من الأعمال التى تسند للرجال وذلك لتمتعهم بميزة لا تقدر بوصف وهى "الرجولة" بغض النظر عن مدى الكفاءة أو الإتقان والإخلاص فى العمل الذى قد يكون فى النساء. ولاشك أنه يوجد أيضا نساء كسالى ويوجد أيضا رجال كسالى، ولكن لا يمكن بحال من الأحوال أن يكون المعيار الذى نحكم به هو النوع الاجتماعى غافلين عن أسس معايير المنطق والعقل، ومن ضمن الحجج التى تساق فى ذات الأمر هو أنه يجب توفير العمل للرجال دون النساء حتى تحل مشكلة البطالة !!! وذلك على أساس أن النساء هم كل وظيفتهم الجلوس فى البيت وهدفها الجواز وتربية الأولاد وإعداد الطعام والقيام بالأعمال المنزلية، بالرغم أن السيدات يساهمن بشكل كبير فى احتياجات الأسرة إذا كانت متجوزة. ويوجد من لم تزوج بعد وتعيش بمفردها وتصرف على نفسها ولذا فليس المعيار هو أن النساء يمكثن فى المنازل والرجال يسعن لطلب الرزق فهذا المفهوم قد تغير منذ زمن بعيد.
ونأتى على الصعيد العمل العام والسياسى فنجد الحاكم "رجلا" منذ الانقلاب العسكرى فى 1952 حتى الآن فالحاكم لابد أن يكون رجلا بالرغم أن الدستور يسمح لها أن ترشح لنفسها لكن الموروث الثقافى الذكورى لا يسمح لها بذلك، وأيضا نجد الأحزاب السياسية كل ورؤسائها رجال بلا شك، وعضوية البرلمان تكون من نصيب الرجال فيكون الحظ الأوفر لهم لاشك فيه ونجد قليلا من السيدات فى المجلس ولعل هذا الوضع يتغير بعد إقرار قانون الكوته الذى يسمح بتولى 64 مقعد للمرأة فى مجلس الشعب.
أما على المستوى الرياضى فالكثير يهاجمون النساء لأنهم يمارسون كرة القدم أو العاب القوى وذلك لأن هذه الرياضيات من وجه نظرهم هم حق للرجال فقط دون النساء، ويتم التهكم عليهم عندما يمارسوها، حتى على مستوى الدراسة فالكثير يوفرون كل القدر والمثابرة للولد دون البنت فى نطاق الأسرة على أساس انه سوف يحمل اسم الأسرة من بعدة , على أساس أنها "أسرة محمد على"، وهو من يحمل لواءها ويشيد بها، ولكن البنت مصيرها منزل الزوجية، ويحلم الأب كل يوم أنه ينجب ولد وعندما تاتى البنت يكون قد نزل عليه كالكارثة ويتم وأدها فى بعض المناطق فى صعيد مصر للتخلص من الخزى والعار الذى لاحقة، ولا أعلم ما هو العار فى ذلك، بل إنه يهاجم زوجته وفى حالات يطلقها لأنها أنجبت بنتا وليس ولدا على أساس أنها هى التى تتحكم فى اختيار نوع الجنين، وعلى ذلك فنظل حتى الآن يحكمنا الثقافة الذكورية ولا أعلم متى نفيق منها ونتحول لمجتمع يحكمه العقل وحدة.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة