كان الموعد الذى ترك فيه الدكتور يسرى الجمل مقعد وزير التربية والتعليم مفاجئاً، خاصة فى تزامنه مع بدء حملة تطعيم طلاب المدارس ضد أنفلونزا الخنازير، إلا أن مشهد الخروج يطرح 3 سيناريوهات يراها المتتبعون لمسار الجمل سبباً لرحيله عن منصبه.
توسعه فى تطبيق سياسة اللامركزية فى إدارة قطاع التعليم قبل الجامعى يعد الأقوى برأى هؤلاء، فالجمل منذ دخل الوزارة قبل 4 سنوات و3 أيام يؤمن بالتوسع فى تطبيقها لدرجة دفعته لمطالبة مدير كل مديرية بوضع خطة لإدارة المؤسسات التعليمية باستقلالية إدارية ومالية تامة بعيداً عن الوزارة اقتناعاً منه بأن زمن القرارات المركزية انتهى دون رجعة، وأن اللامركزية هى الأسلوب الأنجع لإصلاح أحوال التعليم.
غير أنَّ تلك الرؤية لم تحقق النجاح المنتظر، بتقدير البعض، لعدم استيعاب قيادات التعليم بالمحافظات لها بالشكل الذى كان الجمل يقصده، وهو الأمر الذى دفع، حسب قولهم، للبحث عن وزير جديد يملك منهجاً مختلفاً يقوم على الإمساك بكافة خيوط اللعبة وتفويض القيادات المحلية فى اتخاذ القرارات، ولكن بنسبة أقل من تلك التى أتاحها الجمل وهو ما يتفق إلى حد كبير مع سمات الدكتور أحمد زكى بدر.
فى حين يرى آخرون أن المرحلة التى جاء من أجلها الجمل إلى الوزارة، وهى مرحلة "وضع الخطط الاستراتيجية لتطوير التعليم"، انتهت بما يفرض نوعاً آخر من المسئولين يجيد تطبيق تلك السياسات أكثر من إجادته وضعها، هذا لا يعنى أن أحمد زكى بدر لا يجيد رسم السياسات بقدر ما يعنى أنَّ الجمل حقق هدفاً تواجد لأجله، لتصبح بعدها مسألة بقائه بمنصبه أمراً يحتمل النقاش داخل دوائر صنع القرار مع التسليم بوجود نوع من الإجماع ضده من الرأى العام صنعه اختلاف طبيعة وزارته عن باقى الوزارات.
هذا الإجماع يقود إلى السيناريو الثالث، وهو أن الجمل، الأكاديمى المعروف بالابتعاد عن الأضواء، خرج من منصبه لأنه لم يحسن، حسب معتنقى هذا الرأى، امتصاص غضب أولياء الأمور والمعلمين والإداريين من بعض سياساته طوال فترة بقائه بالوزارة، وهو غضب تطور إلى مطالبات أخذت شكلاً جماهيرياً بإقالته وتزايدت خلال الأزمات التى مر بها الرجل وآخرها ارتفاع معدلات الإصابة بالأنفلونزا داخل المدارس.
غير أن تلك السيناريوهات الثلاثة لم ترُق لخبراء تربويين كانوا يفضلون بقاء الجمل وزيراً للتربية والتعليم حتى 2012 موعد بدء تطبيق النظام الجديد للثانوية العامة والفنية على اعتبار أن من رسم الشكل النهائى للمشروع الجديد هو الأقدر على تحويله إلى واقع ملموس، خاصة أن مرحلة تمريره بالبرلمان من المتوقع أن تشهد معارضة عنيفة خاصة فيما يتعلق بسياسة القبول بالجامعات وهو ما يحتاج إلى دفاع قوى لا أقدر عليه من الوزير الذى وضع المشروع، وهى رؤية- وإن بدت واقعية– إلا أنها تفتقر المنطق فما الذى يمنع زكى بدر عن الاستماتة فى تمرير "الثانوية الجديدة" بالبرلمان خاصة أنه عضو بارز بلجنة التعليم بالحزب الوطنى إحدى الدوائر التى خرج منها المشروع.
لكن الجمل صانع كل تلك التكهنات لا يكترث بها، وهو ما تعكسه حالة الارتياح التى بدت واضحة عليه بعد علمه بالرحيل من الكرسى امتثالاً لقرار القيادة السياسية، ويشدد مقربون منه على رضاه التام عما قدمه من إنجازات على رأسها تخصيص كادر مالى لأكثر من مليون معلم، ووضع مشروع "الثانوية الجديدة" ورسم الخطة الاستراتيجية لتطوير التعليم وفق 12 برنامجا.
الجمل، وحسبما قال فى حواره مع "اليوم السابع" قبل أسبوعين، سيعود للعمل الأكاديمى الجامعى بعد رحيله عن المنصب لأنه فى الأصل يحمل لقب أستاذ جامعى وهو ما يعتز به كثيراً، كما أنه من المتوقع أن يستمر الجمل فى العمل العام لخدمة وتطوير مؤسسات التعليم بمحافظته الإسكندرية ومن خلال عضويته بالحزب الوطنى.
"الثانوية الجديدة" و"اللامركزية" و"غضب أولياء الأمور".. ثلاثية أزاحت الجمل عن مقعد "التعليم".. والوزير يعود للتدريس بالجامعة والعمل العام بالإسكندرية
الثلاثاء، 05 يناير 2010 08:47 ص
الدكتور يسرى الجمل وزير التعليم السابق
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة