نبيه القرشومى يكتب: التطبيع مع الزحام

الإثنين، 04 يناير 2010 09:51 ص
نبيه القرشومى يكتب: التطبيع مع الزحام

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
خصمان بغى بعضنا على بعض… قاتلان ومقتولان..
من ضروب المستحيل اكتشاف البرىء ممن وقع عليه القول.
أنا... بهشاشة تحملى -ربما- بأنفاسى التى تلهث هاربة من صدرى إلى المطلق عندما
يحاصرنى ذلك العدو الشرس.
هو…زحام الأماكن واكتظاظ زواياها.. حينما تطبق بأكف القسوة على أجساد البشر.
بالنسبة لى تجتاح حدود صبرى فتنفذ إلى لحم طاقتى المبعثر على فراش الضجر …
غارق أنا فى أوحال عرقى المتوحد مع صهد الأجساد التى تنتحر فى أتون التلاصق والتصادم
وعنف اللحظات.
عندما تعجز الأماكن أن تحتوينا… ويهرب البراح إلى شقوق الضيق.. نتلاصق كحبات قمح
على جسد سنبله… نختنق كسمكة على شاطئ نهر.. نحترق كعصفور النار.
َّّالزحامًََ ثقافة جديدة اقتحمه حياتنا… تضغط على أعصابنا.. تتصارع طول الوقت مع عقولنا
ومشاعرنا كى نتقبلها ونتعامل معها بصورة طبيعية.. تدعونا إلى التطبيع معها بلا أى شروط.
التقطت بنفسك صوره من أى زوايا الكون لأى مقطع فيه.. بكل اليسر لن تكتشف إلا زحاما
يصيبك بالغثيان... ربما لن تجد فى الصورة إلا هو.

الخالق العظيم منحنا الأرض نتبوأ منها حيث وكيف نشاء.. إنها تكفينا جميعا دون أن نتعاط
الزحام فى أطباق طعامنا أو فى فناجين قهوة أحلامنا أو تحت ملابسنا الخارجية منها والداخلية.
لكننا فى لهاثنا المحموم نحو إشباع حاجات الأنا والذات المطلقة… سقطت منا شارة العدل
والإيثار على أرصفة الحياة.

فراغ هائل بلا حدود لا تدركه إبصار الأدنى من الناس -على كثرتهم- ينعم به قلة من الأقوياء
والمحظوظين.. وشقوق ليلية الإيقاع..حجرية المفردات.. لغتها خرساء.. أضواؤها عمياء
تضم تحت أضلاعها المتوحشة معظم القطيع من بنى البشر… أولئك الضعفاء… المطحونين
المعجونين من قمح المعاناة والسابحين فى أتون الكد وصهد الشقاء
كم يصبح العنف يسيرا فى زحام الأمكنة
بقدر ما تتقارب الرؤوس…تتباعد النفوس وتتنافر المشاعر والأعصاب.
يسيل دم الحب على أرصفة الضجر.. يتسرب من ثقوب الملل والقرف والضيق.
أيتها الأرض المباركة سامحينا… ساعدينا… أعيدينا إلينا.. فجرى فينا
ينابيع الصبر والتحمل.. وامنحينا أعظم هديه لابنك الإنسان.. –العدل والحب
علنا بتلك المنحة نبدأ التطبيع مع الزحام رغم قسوته ووحشيته.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة