د. محمد سيف

حقائق حول أنفلونزا الماعز

الإثنين، 04 يناير 2010 07:11 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أماط الإعلان عن انتشار ما سمى بأنفلونزا الماعز، اللثام عن مدى حاجة المجتمعات العربية وبخاصة وسائل الإعلام فيها إلى مزيد من الثقافة الصحية حول الأمراض المشتركة بين الإنسان والحيوان وأنواع هذه الأمراض ومسبباتها وأعراضها وكيفية الوقاية منها، فهناك ما يربو على المائتين من الأمراض المشتركة التى تنتقل من الحيوان إلى الإنسان والعكس، والتى لا يعلم عنها كثير من الناس شيئا، أما أنواع الميكروبات المسببة لهذ ه الأمراض فيمكن تصنيفها إلى ميكروبات بكتيرية أو فيروسية أو طفيلية أو فطرية أو آخر ما اكتشفه العلم ما يسمى بالميكروبات البريونية والتى تسبب مرض جنون البقر، وكل تصنيف من هذه الميكروبات يندرج تحته عشرات بل مئات الأنواع من الميكروبات الممرضة، وعليه فنحن أمام عالم خفى من جحافل الجيوش الممرضة التى تطيف بنا وتحلق حولنا وتخترق أجسادنا ولكنا لا ندرك كنهها ولا نحس بها إلا أن تحدث فعلها الممرض وتؤتى آثارها بالأعراض المرضية.

فأنفلونزا الماعز التى ظهرت فى هولندا، وأصابت نحو 2300 شخص توفى منهم 6 أشخاص، ليست تابعة لما يسمى بفيروسات الأنفلونزا ولا تنتمى إلى تصنيف الميكروبات الفيروسية وإنما هى نوع من أنواع الميكروبات البكتيرية يسمى كوكسيلا برونيتى والذى يصيب الماعز والأغنام والأبقار والقطط والكلاب وبعض الكائنات الأخرى مثل القوارض والطيور ولكنها لا تحدث أعراضا فى هذه الحيوانات، اللهم إلا الإجهاض فى إناث الماعز والأغنام، ولهذا السبب تعود التسمية لهذا المرض إلى زمن اكتشافه،عندما كان البحث عن أسباب الإجهاض فى الماعز متزامنا مع بعض الأعراض شبيهة أعراض الأنفلونزا، فكان اشتقاق الاسم على هذا النحو ولكن الاسم العلمى للمرض هو (حمى كيو).

وأنفلونزا الماعز أو حمى كيو تنتقل إلى الإنسان عن طريق استنشاقه لغبار حظائر الحيوانات أو أماكن تربيتها، المحمل بالميكروبات الناتجة من إفرازات الحيوان من البول والروث، ولكن الأخطر يكمن فى الإفرازات الرحمية للماعز المجهضة نتيجة للمرض، والمحملة بأعداد هائلة من الميكروب الممرض، كما تنتقل إليه فى حالات قليلة عن طريق شرب اللبن الملوث والغير معامل حراريا (الغير مغلى)، كما أنه ثبت أنه فى حالات نادرة قد ينتقل المرض من الإنسان إلى الإنسان، ويعتبر المزارعون ومربو الأغنام والماعز والماشية والأطباء البيطريون والباحثين من أكثر البشر عرضة للإصابة بهذا المرض.

وتكمن خطورة الإصابة بهذا المرض أن خلية بكتيرية واحدة تكون قادرة على إحداث الإصابة، كما أن الميكروب مقاوم للحرارة والجفاف وبعض المطهرات، مما يجعله قادرا على العيش فى الطبيعة لفترات طويلة، الأمر الذى دفع الولايات المتحدة الأمريكية إلى إنتاج هذا الميكروب كواحد من منظومة الأسلحة البيولوجية فى عام 1950، كما تجدر الإشارة إلى أن نصف من يتعرضون للعدوى تحدث بهم إصابات وأن أعراض المرض تظهر فى غضون أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع من التعرض للعدوى متمثلة فى الأعراض شبيهة الأنفلونزا، مثل ارتفاع عال فى درجة الحرارة وصداع شديد وإعياء عام وألم فى العضلات والتهاب وألم فى الحلق وسعال ورعشة وعرق وغثيان وقىء وإسهال وألم فى البطن والصدر، وأن الحرارة قد تستمر من يوم إلى 15 يوما ويمكن حدوث تراجع فى الوزن.

ولكن الأخطر فى الموضوع المضاعفات التى تنجم عن المرض وبخاصة فى حالة عدم العلاج حيث تحدث التهابات بعضلة القلب والغشاء المبطن له وغشاء التامور المغلف له، مما يؤثر على صمامات القلب، لذلك فإن مرضى القلب يكونون أكثر عرضة للتداعيات الخطيرة للمرض والتى قد تؤدى إلى الوفاة، كما أنه يحدث التهاب بالكبد وقد يؤدى إلى تليفه، أضف إلى ذلك الالتهاب الرئوى والالتهاب السحائى والتهاب المخ وما يعقبهم من تداعيات خطيرة قد تؤدى إلى الوفاة، فتصل نسبة الوفيات لهذا المرض من 1-2 % فى حالة الإصابات الحادة، واذا ما تحول المرض إلى الحالة المزمنة فتصل نسبة الوفاة إلى 65% وبخاصة لهولاء الذين يعانون من أمراض الكلى والمصابين بالأورام، ولكن من رحمة الله بنا، كون أن الميكروب المسبب للمرض هو من النوع البكتيرى، لذلك فهو يستجيب للعلاج بالمضادات الحيوية مثل الدوكسى سيكلين وغيره من المضادات الحيوية مثل مجموعة الكينولون.

وللوقاية من هذا المرض لابد من اتباع بعض الإجراءات الوقائية مثل تثقيف الجمهور حول مصادر العدوى والتخلص السليم من المشيمة ومخلفات الولادة وأنسجة الجنين والأجنة المجهضة للماعز والأغنام، وعدم الاقتراب من الحظائر والمختبرات التى يكون فيها حيوانات مصابة واستخدام اللبن المبستر ومنتجاته، واتباع الإجراءات المناسبة لتعبئة وحفظ وغسيل الملابس فى المختبرات، والحجر الصحى للحيوانات المستوردة، والتأكد من كون المرافق التى بها حيوانات مصابة بعيدة عن المناطق المأهولة بالسكان واختبار الحيوانات دائماً لوجود الأجسام المضادة للبكتيريا ومنع انتشار ذلك الميكروب عن طريق الهواء وذلك باستخدام المطهرات المناسبة لأماكن تربية الحيوانات.

* أستاذ بجامعة بنى سويف





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة