هناك حوالى خمسة ملايين مغترب من مواطنى البلاد ورغم الشوق والحزن الكبير للفراق عن الوطن العزيز إلا أنه قدر وعلى "أعيُن" المهاجرين طلباً للرزق، فمثلى من حفيتْ قدماه بين ربوع وأرجاء الوطن للبحث عن عمل والالتحاق بوظيفة مناسبة بعد أن ضاقت الأرزاق، وبعد حوالى عقدين من سنى الغربة جلستُُ مُحاسباً لنفسى ماذا فعلت وماذا جنيت؟ وجدتنى يا مولاى كما خلقتنى.! وهناك من يشكك فى مصداقيتى ويعتقد أن البلاط يخبئ الكثير ولديه مبرراته فمن غير المنطقى أن يبقى الشخص صفر اليدين بعد سنوات اغتراب عجاف، ونحن على أعتاب مرحله انتقاليه هامه جداً أتوجه لحضرة فخامة المرشح للرئاسة وكلى أمل فى الإنصات، ولا عجب فمصريتى كواحد من أكثر من ثمانين مليون مصرى تعطينى الحق، فأقول لفخامته أنه برغم اغترابى الطويل إلا أنى كغيرى من ملايين المغتربين أتابع وبلهفه بصفة يومية عبر الصحف والتلفازات والمواقع المتنوعة أحداث الوطن الكبير فأبتهج وأسعد وأطفالى لما أقرأه وأسمعه وأشاهده على تلفازات فضائيه من بشائر النصر والفرحة وقُرب انفراج للأزمات وتقدم لبلادنا وأبنائها فى نواح مختلفة وأحزن، ويعزُ على كثيرا ما أشاهده وأقرأه من مآزق وحوادث..
فخامة المرشح للرئاسة.. لا يهم كثيراً أن تكون حضراتكم "جوانىَ" أى مقيم فى ربوع مصر ولم تخرج منها أو مثلنا"برانى" تغربت وهاجرتْ بسبب ظروف ما والمهم أن تكون مصرياً حتى النخاع تملؤك المصرية، شربت من النيل الخالد ورضعت هوى وحبُ مصر ومُلماً بكافة مشاكل المجتمعات والبيئات المصرية من جنوبها لشمالها ومن شرقها لغربها، ولديك الحلول والخطط التنموية الناجحة وبدائلها فالذى يهم كافةْ الطبقات الكادحة من الشعب المصرى أن يعثروا على من يشعرهم بإنسانيتهم ويحقق لهم الحياة الكريمة، والذى يهم الصبية والشباب تكافؤ الفرص الاجتماعية من تعليم جيد متكافئ حتى التخرج بالمؤهل الذى يخدمون به بلادهم وينفعون أنفسهم، ويعينهم ليحصلوا على كافة حقوقهم الاجتماعية الأخرى، ويهمهم أكثر تحقق أمانيهم بالالتحاق بالوظائف المناسبة وألا يتعرضوا لما تعرض له المغتربون من محن، تماماً كما يهم الفلاحون توافر التقاوى والبذور الجيدة بأسعار معتدلة وتوافر مياه الرى بانتظام والأسمدة بأسعار معتدلة ويتمكنون من بيع نتاج محاصيل أراضيهم بأسعار مجزية تبهجهم بنتيجة كدهم وتدفعهم للاستمرار، فما جعل معظم الفلاحين يهجرون الأراضى و"يهجون" من البلاد هى العراقيل المحبطة، تلك التى جعلت الكثيرين من المزارعين المقاومين حتى الآن يعزفون عن زراعة القمح المورد الأساسى والرئيسى لأقوات الشعب والذى تسبب نقص زراعته وقلة إنتاجه فى أزمات جمة، وما جعل زُرّاع القطن ومحبيه يتخلون عنه هو تدنى أسعار توريده بعد أن كان محصول وسلعة القطن هو الرئيسى فى البورصة ويأتى كبار التجار من كافة أنحاء العالم للتعاقد على القطن المصرى الناصع البياض طويل التيلة، وهى أمور غاية الأهمية لإعادة النصاب للسلع القوية التى كانت يوماً رمزاً للزراعة والصناعة فى آن واحد.
كان يجاورنا فى المنزل عن اليمين بيت العم زكى إسكندر وزوجته وأبنائه عادل ومها وعن الشمال العم صبحى الترزى وأولاده ومقابلنا منزل عدلى الجزار وفى المدرسة الابتدائية كان يجلس بجوارى صديقاى أمجد غالى وحنا وزميلاتنا كارولين ومارى ونادية حليم وغيرهم وفى المدرسة الإعدادية كان فى فصلى الدراسى زملائى ملاك وبطرس ورفيق وفى الثانوية كان بيننا ألبير وجرجس، وفى الجامعة كان معنا مايكل ورمسيس وريمون وتريزا وإنجيل وغيرهم وفى الخدمة العسكرية كان معنا ميخائيل وجورج ورزق وغيرهم والجميع فى كل المراحل إخوة ولم نعرف من هو مسلم ممن هو قبطى، فلم يكن هناك دخل للدين فى الأخوة والصداقة والجيرة ونقرأ ونشاهد ونسمع منذ سنوات ما تشيب له الرؤوس فعلاقة الأخوة والصحبة بين المصريين يجب أن تعود لأصلها الطبيعى، أطفالى كثيراً ما يسألونى متى سنزور بلدنا مصر؟ متى نرى الأهرامات وأبو الهول والمتاحف والنيل ونذهب للإسكندرية ونستمتع ونرى على الطبيعة الصور التى طالما ترينا إياها بين الحين والآخر على حاسوبك الصغير والتى طالما أشبعتنا بالحكاوى والقصص عنها؟ فكلما وعدتهم بصدق وعزمنا على قضاء الإجازه بين ربوع بلادنا أتردد وأغير رأيى خائفاً مرتعدا من أن يتعرض أحد أطفالى للخطف أو الصدم من قبل سائق توك توك طائش.!
*الكمبيوتر وعلوم الحاسوب والإنترنت أشياء هامةْ فى التعلم والدراسة، هذا العصر وجيد جداً عمل لقاءات بتواضع وارتياح على Face Book أو You Tube وغيرهما من المواقع الإليكترونية المعروفة مع الآلاف أو الملايين من شباب الوطن لإلقاء محاضرات وعمل اللقاءات الهامة لما فيها من النموذج الديمقراطى الحديث عبر المواقع الإليكترونية ولكن بضع ملايين من أبناء الشعب المصرى لا يعرفون الكثير عن الكمبيوتر أو تطبيقاته ولا يهمهم المعرفة بل لا يهم الناس العاديون وحتى خريجى المؤهلات المتدنية والمتوسطة غير وظائف يحققون بها ذاتهم ويرتزقون ويعيشون منها بدلاً من البطالة والجلوس عاطلين على المقاهى فى الشوارع، ولا يهم المواطن الكادح غير تحسن الخدمات وتوافر السلع اللازمه للمعيشة وانخفاض أسعارها، وأرجو ألا أكون قد أطلت.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة