محمد حمدى

إعلام النكسة.. والوكسة

الأحد، 31 يناير 2010 02:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى الخامس من يونيو 1967 استيقظ العالم العربى على صوت المذيع أحمد سعيد عبر الإذاعة.. وهو يمهد العرب لنصر كاسح على إسرائيل، وإسقاط مئات الطائرات وإحراق ألاف الدبابات، وأسر أعداد لاحصر لها من الجنود الإسرائيليين، وأتذكر وأنا طفل صغير فى مدينة المحلة الكبرى أننى شاهدت ستوديو تصوير يضع لافتة مكتوب عليها: انتظروا فرعنا القادم فى تل أبيب.
لم يفتح الاستوديو فرعا فى تل أبيب وإنما احتلت إسرائيل ماتبقى من فلسطين وسيناء المصرية والجولان السورية، وهزمت الجيوش المصرية والسورية والأردنية والقوات العربية التى كانت تحارب معها.
وفى عام 2003 تكرر نفس المشهد لكن مع وزير الإعلام العراقى سعيد الصحاف الذى سار على نفس منهج أحمد سعيد، وأخذ يظهر يوميا على شاشات التليفزيون وهو يتحدث عن صمود الجيش العراقى، والمعارك الطاحنة التى يخوضها، وفى آخر ظهور له، كان يستعد للهرب بينما بشر الناس بمعركة طاحنة بين العراقيين والأمريكيين حول بغداد التى وصفها بمقبرة الغزاة.
وبعد ساعات سقطت بغداد، ولم تندلع أم المعارك ولا غيرها وهرب النظام العراقى كله بما فى ذلك الصحاف الذى وافق الرئيس الأمريكى السابق جورج بوش على خروجه إلى أبو ظبى لأنه كان يستمتع بمشاهدته على التليفزيون ويحفظ عباراته الرنانة مثل النشامى!
هذا هو إعلام النكسة والوكسة الذى يزيف الحقائق، ويدلس على الناس ويؤدى إلى الهزائم، لكن هذا الإعلام لا يعمل فقط فى الحروب، بعد أن اكتشفه الناس، وإنما أصبح يأخذ من الرياضة ميدانا له للانطلاق وإشاعة روح الهزيمة والفرقة بين الشعوب العربية، وداخل كل بلد عربى على حدة.
وقبل مباراتى مصر والجزائر فى القاهرة وأم درمان فى نوفمبر الماضى لعب الإعلام المصرى والجزائرى دور إعلام النكسة على أفضل وجه، ونجح فى الوقيعة بين شعبين شقيقين والتسبب فى أزمة دبلوماسية وقطيعة بين البلدين لا تزال قائمة حتى الآن.
وعقب مباراة أم درمان على وجه الخصوص لم يتقبل إعلامنا خسارة مباراة وراح يبحث عن تبريرات مثل الجو غير الرياضى الذى أقيمت فيه المباراة، مع أنه يفترض باللاعبين التركيز فقط داخل المستطيل الأخضر، وصار يلتمس لهم الأعذار والمبررات حتى ولو كانت غير حقيقية، وهو ما فعله الإعلام الجزائرى عقب مباراة بانجيلا، حيث حول الفريق المهزوم إلى بطل.
وكما قلت بالأمس الإعلام الحقيقى هو الذى يصحح المسارات الخاطئة، وقد كانت مشاركة الفريق الجزائرى فى كأس الأمم الأفريقية ضعيفة وباهتة، فقد لعب الفريق ست مياريات هزم فى ثلاثة وتعادل فى واحدة، وفاز فى اثنتين فقط ولم يسجل فى أربع مباريات.. ومثل هذه النتائج يجب أن تكون موضع بحث وتدقيق لفريق سيلعب فى الصيف القادم فى نهائيات كأس العالم.. لا أن نبحث له عن تبريرات ونعلق أخطاءنا على شماعات الغير.. ويواصل إعلام النكسة تغيير الحقائق وصناعة الأوهام.








مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة