د. حسن أحمد عمر يكتب:عمار يا صين

السبت، 30 يناير 2010 01:43 م
د. حسن أحمد عمر يكتب:عمار يا صين

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أذكى شعب فى العالم هو الشعب الصينى لأنه يعرف من أين تؤكل الكتف ويجيد استغلال الأمور بشكل خرافى ولا يخفى على أحد أن أفراد هذا الشعب العريق القديم والبالغ عددهم الآن ما يزيد عن المليار ونصف المليار نسمة ولا يضيقون ذرعًا بأعدادهم المهولة وأرقامهم المجهولة لأن مصانعهم ومنتجاتهم كثيرة وغير معقولة ولكنها فعلاً من الناحية التقنية مقبولة.

منتجات دول جنوب شرق آسيا وخصوصاً الصين تغزو العالم كله بجدارة واقتدار فائقين وأخص بالذكر غزوها للعالم العربى الذى وصل به الأمر لدرجة أن يستورد من الصين كل شىء من الإبرة إلى الصاروخ حتى الفواكه المعلبة والخيار المخلل وحلويات عيد الفطر.

عندما نستورد منهم ماكينة الخياطة والغسالات والثلاجات والتلفزيونات والسيارات والقاطرات فقد يكون لنا بعض العذر ذلك لعلمى التام أن هذه الصناعات تعتبر ضرباً من ضروب المستحيل فى أغلب بلدان عالمنا العربى علماً بأن هذه الصناعات أصبحت صنعة عاجز فى أغلب دول العالم النصف متحضرة.

ولكن عندما تصل بنا الدرجة من السذاجة بحيث نستورد من الصين الجلباب والخمار الإسلامى والصناعات البلاستيكية والطاقية والكوفية والشباشب والشماسى فهذا ما لا يمكن أن يطاق ولا أن يستوعبه عاقل محب لبلاده وخائف على مستقبلها الصناعى والاقتصادى.

يستغل الصينيون بشكل خارق للعادة جميع ما نقوم به من عادات وتقاليد فى حياتنا اليومية فإذا بهم يقيمون المصانع ويشيدون شركات التصدير التى تمد عالمنا العربى والإسلامى بعروسة وحصان مولد النبى ثم المسابح التى نذكر عليها اسم الله تعالى والمصليات التى نصلى عليها فرض الله .

لهذه الدرجة يهتم الصينيون بالمسلمين ويحرصون على أدائهم فريضة الصلاة بانتظام شديد كما يحرصون على ألا يكف المسلم عن ذكر الله تعالى فصنعوا له المسابح الجميلة والمصليات الحريرية الناعمة الفخمة التى تصدرها له بالشىء الفلانى.

مبلغ علمى المحدود أن الله تعالى لم يفرض علينا ذكره علانية وأنه طلب منا أن نذكره فى نفوسنا تضرعًا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال كما جعل الله لنا الأرض مسجداً وطهوراً ويمكن للمسلم أن يفترش أى شىء طاهر نظيف ويصلى عليه فلماذا نستورد هذه الأشياء بالملايين ولا نصنعها فى بلادنا؟؟.
ومن الذى اخترع عروسة مولد النبى والحصان كذلك ؟ وهل طلب منا الرسول الخاتم (ص) أن نحتفل بيوم مولده؟
وإذا كنا نريد الاحتفال بيوم ميلاد خاتم النبيين ألا يمكن أن نحتفل بكثرة الصلاة والصيام وعمل الخيرات؟ ألا يمكن أن نرسل أطفالنا بأموال للفقراء والمساكين حتى نعودهم على الكرم والعطاء والبذل بدلاً من أن نحضر لهم حصاناً وعروسة لا يحملان أى معنى بل يتعلمون منهما الأنانية والنرجسية وحب الذات والتسلط والحصول على طلباتهم بسهولة مما يعودهم على الضعف واللامبالاة والانهزامية.

المسلمون يخترعون فى دينهم وحياتهم اليومية أموراً غريبة ما أنزل الله بها من سلطان والصينيون متربصون لنا ينقلون الوصف التفصيلى لهذه العادات وتلك التقاليد إلى بلادهم وخبرائهم لدراستها ولمعرفة كيف يمكنهم استغلالها على أكمل وجه يعود على الصين الحبيبة بالخير واليمن والبركات ونحن فقط نكع (نخسر) المليارات ثمناً للمسابح والمصليات والجلابيب والعباءات والخمار وقد يكونون على وشك زراعة شجر الأراك الذى يستخرج منه المسواك حتى يعيدوا تصديره لنا فى صورة جديدة أنيقة وفى علبة مزركشة تجعل المسواك الواحد بثلاثة دولارات واللى عاجبه!!!.

ما زلنا قططاً يموء كل منا فى وجه الآخر ويريد أن يهبشه فى فمه وأنفه وصارت الصين وجاراتها نموراً بفضل ذكائهم وفلوسنا التى نشترى بها منهم حتى إبرة الخياطة والجوارب والأزرار والملابس الداخلية ولم يعد ناقصاً سوى أن نستورد منهم الهواء مغلفاً ومعبأً ومعلباً ولكن بالدولار ولأنهم يحترم كل منهم رأى الآخر وفكره ودينه ومعتقده ولا يحشر أحدهم أنفه فى سلوكيات وتصرفات بقية القوم ولا يكتب كل منهم تقريراً مفصلاً عن خط سير أخيه الإنسان لكى يتسلى فى سيرته ليلاً فى البيوت والقهاوى والمصاطب والشوارع.

هم قوم فقهوا قيمتهم وتفرغوا لأكل عيشهم وسهروا السنين الطويلة من أجل الارتقاء بشأن وطنهم فاستحقوا أن يكونوا نموراً ونحن نغط فى ظلمات الجدال والمشاحنات وصناعة الطبقية والأحقاد والضغائن فيما بيننا بسبب وبدون سبب لأن كلاًّ منا قد يئس من الحياة الدنيا ويستعجل للذهاب إلى جنة الخلد التى تننظره حتى لو لم يقدم لها أى عمل صالح فيكفيه أن يكتب فى بطاقته مسلم حتى يضمن رضوان الله عليه ودخول جنات النعيم.
نحن قوم نائمون فى العسل وفى غفلة مفزعة من غفلات الزمان الذى لن يرحمنا وسوف يدوس علينا لأننا- والحمد لله- نصبنا من أنفسنا إلهاً يحاسب الآخرين على أعمالهم وجعل كل منا من نفسه قاضياً وجلاداً لا يرحم ويصدر الأحكام الجزافية على الآخر لمجرد أنه يخالفه الرأى والفكر والتوجه فهل هذا يرضى الله تعالى؟!
هل يرضى الله أن نعيش ونموت ذيولاً للأمم بحجة أن الجنة مأوانا والنار مأوى غيرنا؟ أى فكر وأى زيف هذا الذى يسيطر علينا؟ وهل يحب الله أناساً يعيشون عالة على أفكار ومخترعات وإبداعات الآخرين؟ نأخذ علمهم وحضارتهم وننعتهم بالكفر ونعدهم بجهنم وبئس المصير وكأن مفاتيحها فى أيدينا فمن نحن إذاً يا قوم؟.
أليس لنا من يقظة تخرجنا من تلك الغيبوبة الرهيبة التى نغط فيها؟
هل خلقنا الله فقط لنصلى ونصوم ونزكى ونحج ؟
لا والله فهذه العبادات رغم قيمتها العظيمة فإنها لا تساوى عند الله من يمد يده وينقذ الملايين من أمراضهم وحممهم وسرطاناتهم وكسور عظامهم ويمد يده للمحتاجين فى الزلازل والسيول والعواصف القاتلة والأوبئة المرضية غير عابئ بدينهم ولا لونهم ولا فكرهم ولا عرقهم.

فالصحوة الصحوة يا عرب وكفى جدالاً بالباطل وكفى عراكاً بعضكم مع بعض فهذه هى فرصتكم الأخيرة لكى تثبتوا فيها وجودكم وتتحولوا من قطط يموء بعضها فى وجه بعض إلى نمور قوية باقتصادها متينة بترابطها عظيمة باحترامها وتقديسها لحرية الإنسان وحقوقه مؤمنة بالمساواة والعدل كطريق وحيد لإرضاء الله تعالى فارضة مبدأ هاماً جداً يجنينا ويلات المهالك والحروب الأهلية وهو أن الدين لله يصرفه كيف يشاء والوطن للجميع، شركاء فيه متساوون، يحكمهم قانون واحد عادل لا يفرق بينهم إلا على أساس ما يقدمه كل منهم من خدمات وإنجازات للوطن الأم.
* طبيب بشرى






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة