توقفت عن متابعة الصحافة الجزائرية عقب مباراة مصر والجزائر الثالثة فى أم درمان، لأنها حافلة بالأكاذيب، وتتحمل جانبا كبيرا من الأزمة فى العلاقات الشعبية بين مصر والجزائر، بسبب ما اختلقته من أكاذيب عن قتل الجزائريين فى شوارع القاهرة، وعودتهم فى توابيت، ونشر صور من قالت إنهم شهداء القاهرة، واتضح أن كل ذلك محض أكاذيب.
صحيح أن بعض الإعلام المصرى منفلت ولايتثبت من المعلومات، ويجرى دس أخبار عليه، كما حدث فى قضية مقتل ابنة الفنانة ليلى غفران، حين اتضح أن المعلومات التى نشرتها الصحف، تم تسريبها من ضابط شرطة، وعندها تقدمت نقابة الصحفيين المصريين باعتذار علنى لأسرتى هبة ونادين.. لكن فى معظم الأحوال لا تعمد الصحف المصرية إلى اختلاق الأكاذيب، ولا تصنع حكايات دون أن يكون لها ظل من الحقيقة، ويظل فى النهاية هذا السلوك مستهجنا فى الوسط الصحفى، ونحاول مواجهته بشدة، ونطالب أيضا بقانون يتيح حرية الحصول على المعلومات حتى نغلق نهائيا باب الشائعات والأكاذيب.
فى الصحافة الجزائرية التى عدت إليها عقب مباراة بانجيلا لم أجد أن الوضع قد اختلف عما قبلها، ولم تستطع تقبل فكرة أن يفوز الفريق الوطنى المصرى على نظيره الجزائرى فى كرة القدم فعمدت الصحافة الجزائرية إلى الأكاذيب، وعلى رأسها الترويج لوجود مؤامرة مصرية أفريقية لاختيار حكم ذبح الفريق الجزائرى.
والحقيقة أن مثل هذا الكلام ليس له أى ظل من الحقيقة، وقد شاهدت المبارة ثلاث مرات ولم أجد الحكم البنينى منحازا للفريق المصرى، بل أنه تهاون فى تنفيذ قانون اللعبة، خاصة حين نطح حارس الجزائر الحكم، وكلنا يتذكر اللاعب الفرنسى الكبير زين الدين زيدان حينما نطح مدافع إيطاليا فى نهائى كأس العالم 2006 بألمانيا فطرده الحكم مباشرة، بينما اكتفى الحكم المنطوح من حارس الجزائر بإنذار فقط، بينما هذا التصرف سلوك سيئ يستوجب الطرد، ثم عقوبة من اتحاد اللعبة بعد ذلك.
وعدت إلى معظم الصحف العربية والأجنبية المحترمة فلم أجد أحدا يتحدث عن انحياز أو عدم جدارة الحكم، ولا حديث المؤامرة الذى روجته الصحف الجزائرية، مما يعكس عدم حيادية تلك الصحف من ناحية وعدم قدرة القائمين عليها على تقبل هزيمة فى مباراة فى كرة القدم.. وهو ما أدى أيضا إلى احتقان جماهيرى تحول إلى عنف استهدف شركة جيزى للمحمول التى تمتلكها عائلة ساويرس فى الجزائر.
ومثل هذا التبرير غير المسئول واختلاق حديث عن مؤامرة ضد الجزائر من جانب صحافتها بالإضافة إلى بعده عن الحقيقة، يحرف أنظار الجزائريين عن حقيقة مهمة وهى أن فريقهم المتأهل لنهائى كأس العالم فى كرة القدم فى حاجة إلى مراجعة جادة حتى يقدم عروضا ترضى الجزائريين.
وبعكس كل الكلام الذى يقال عن الأداء المشرف للجزائر فى كأس الأمم وأن الفريق حقق إنجازا أرى أن الآداء الجزائرى جاء ضعيفا جدا، فقد هزم أمام فريق متواضع هو مالاوى بثلاثة أهداف نظيفة، وفاز على مالى بهدف واحد، وتعادل مع أنجولا بدون أهداف، وحصل الفريق على أربع نقاط من تسع فى الدور الأول وأحرز هدفا ومنى مرماه بثلاثة أهداف.
وباستثناء أداء مميز أمام ساحل العاج انتهى بالفوز بثلاثة أهداف لهدفين يمكننا القول بمنتهى الحيادية أن الفريق الجزائرى لم يلعب كرة قدم سوى فى مباراة واحدة من خمس مباريات، أنهاها أمام مصر بمستوى بعيد كل البعد عن كرة القدم، واتسم بالسلوك السيئ.
وكان من المفترض على الصحافة الجزائرية أن تصارح قراءها بالحقائق، وتشدد على الحاجة لإصلاح مسيرة الفريق الوطنى الجزائرى، لا أن تحوله إلى ضحية مؤامرة وهمية، وللأسف فقد تم زرع هذه المؤامرة لدى المواطنين الجزائريين الذين يستحقون صحافة أفضل من صحافتهم الحالية.. صحافة تقول الحقيقة ولا تختلق الأكاذيب.. صحافة تبرز السلبيات، لكنها فى نفس الوقت تمهد الطريق للإصلاح.. وهذا هو دور الصحافة الوطنية الحقيقية.. وليست صحافة الأكاذيب وصناعة الوهم كما تفعل الصحافة الجزائرية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة