شعرت بالفخر والزهو من موقفى ضابطى الشرطة اللذين رفضا بكل إباء وشمم ربع مليون دولار أمريكى من حوت من حيتان الآثار المصرية فى صعيد مصر والذى يستعين بحفار للتنقيب عن آثار مصر وطبعاً يهربها ويبيعها بملايين الدولارات ولذلك عرض على الضابطين الشريفين شوية فكة وإيه يعنى ربع مليون دولار فهى عنده كربع جنيه فى يد كادح مصرى أو ثمن ربطة جرجير أو بقدونس أو قرص طعمية سخن من عند أم زينهم بياعة الطعمية فى حارة الشيخ العريان بحى الدخاخنى (أسماء وهمية) وربع مليون دولار بحسبة بسيطة يساوى أكثر من مليون وربع جنيه مصرى، وقال أحد الضابطين لمذيعة القناة الفضائية عندما سألته عن إغراءات المبلغ رد بشرف: الفلوس موش كل حاجة وهذا الرد ذكرنى بدموع البسطاء ودماء الشهداء وبالسيدة العجوز أم إبراهيم التى رأيناها فى برنامج واحد من الناس والتى تعيش أيام الشهر بأربعين جنيهاً وترد على أسئلة المذيع الليثى بعبارة الحمد لله الحمد لله وذكرنى بعجوز فى بلدتى فقيرة فقراً ينافس حالة السيدة أم إبراهيم وكنت أزورها بين الحين والآخر لأطمئن عليها وأطلب منها الدعاء وكانت عندما ترانى تدب فيها روح صحة الصبايا وتعدو إلى عشة لها فى قعر بيتها المتهالك حيث دجاجتان وديك وهذا كل (رسمالها) رأس مالها، وتلتقط بيضة أو بيضتين وتعدو خارجة لتستبدل بهما قرطاس سكر أو شاى حسب ما لديها الآن منهما وأنا أتوسل إليها أن تجلس وألا تذهب ولا تتعب نفسها ولكنها تصر وأقسم أن طعم شاى عجوزنا ليس له نظير.
ذكرنى موقف الضابطين بالمصرى الذى بنى الأهرامات على كاهليه وحفر القناة بفأسه وهزم خط بارليف المنيع قبل أن يقهر الجيش الذى لا يقهر وطافت فى ذاكرتى الأغنيات القديمة المنسية والتى دفنت تحت السح الدح امبو إلى أنا بحبك ياحمار: أنا المصرى كريم العنصرين– ياللى بنيت المجد فوق الأهرامين وقوم يا مصرى خد بنصرى– نصرى دين واجب عليك.
كلنا نصرخ ونستصرخ من الفساد والمحسوبية والرشوة ونصب جام غضبنا على الحكومة وحتى الفاسدين واللصوص والنصابين والمرتشين يتهمون الحكومة بالفساد ونحن ولله الحمد والمنة لدينا شريحة كبيرة من تجار المخدرات والآثار والغذاء والعقارات والأدوية الفاسدة وكل أنواع البلا الأزرق يتفوقون على نظرائهم فى كولومبيا وبيرو وإيطاليا وما ذلك الذى حاول رشوة الضابطين أحد هواة الإجرام الصغار فى مجال التماثيل والأنتيكات.
وخطرت على بالى طريقة لقتل الرشوة قتلاً وذبحها ذبحاً وقد تنهى هذه الظاهرة من مصرنا المحروسة للأبد وأرجوكم ألا تضعوا أفواهكم فى أكمامكم وتضحكوا وهى تتلخص فى طريقة تكريم الشرفاء الذين يتعرضون لإغراءات من هؤلاء الفاسدين بالمئات أو الآلاف أو الملايين أو عشرات الملايين من الجنيهات أو الدولارات أو اليوروات بأن تكون جائزة هذا الشريف العفيف هو نفس المبلغ الذى عرض عليه ولن نكلف موازنة الدولة مليماً واحداً ولكن تقوم السلطات بأخذ هذا المبلغ من ذلك الراشى وتعطيه لهذا البطل الشعبى وبطريقة (من قرنه وادهن له) وتمنيت أن يكون تكريم وزارة الداخلية للضابطين منحهم الربع مليون دولار وهى قيمة الرشوة التى عرضت عليهما من تاجر الآثار ومن أموال تاجر الآثار وإذا أرادت الدولة المزيد من التكريم فللمحسنين الحسنى وزيادة ويجب أيضاً أن يكون صرف الجائزة فوراً وكاش وعلناً ومعفاة من الضرائب وحتى لا يكون إغراء الفاسدين منصباً على كون فلوسهم كاش وفور انتهاء العملية ومش ناقصة دولار واحد وكذلك حلمت بأن يكون فى كل مصلحة حكومية وفى كل مكتب تفتيش آثار وسجل مدنى وإدارة محلية مكتب ونسميه مثلاً (مكتب الرشوة) ويكون شعاره: (بلغ نتحقق استلم) وأرقامنا 0800 (المجانى) والأرضى.... والدقيقة بـ 3 قروش ومعلوماتك سرية.
وهمس أحد الخبثاء وقال لى: طيب ولو كان العكس وطلب الموظف رشوة من المواطن لإنجاز عمل ما وغالباً ما يكون ذلك العمل مشروعاً فقلت له: يذهب لنفس المكتب فى تلك المصلحة ويبلغ عن ذلك وجائزته أن يقوموا هم بإنجاز عمله ويعاقبوا المرتشى بنفس مبلغ الرشوة، وتكون فورية مثل غرامة المرور وقال لى أحد الخبثاء: طيب و لو غير هؤلاء المجرمون أسلوب الرشوة وخلوها مثلاً..... والعياذ بالله، فأجبته لا تخف يا صديقى الخبيث فسوف نحلم لها حلم ونشوف لها سكة وستكون سكة اللى يروح ما يرجعش.
* باحث تربوى
