وانتهت مباراة مصر والجزائر، بفوز الفريق المصرى وخسارة الجزائرى، وهى نتيجة جيدة لكلا الفريقين، ويبدو أن الأقدار جمعت الفريقين على غير رغبة منهما، حتى تعيد رسم العلاقة، لو كان هناك عقلاء لاستغلوا الوضع. الجزائر فازت وانتقلت إلى كأس العالم، ومصر صعدت لنهائى كأس الأمم الأفريقية. يعنى على رأى الكابتن لطيف يرحمه الله "ما فيش حد أحسن من حد"، قسمة من الصعب أن تتحقق، خاصة وقد استبعدت كل الأطراف أن يلتقى الفريقان لكنهما التقيا" بعد أن ظنا ألا تلاقيا"، ولعبا، وانتهت المباراة على خير، إلا قليلا، يعنى خشونة من فريق الجزائر، وانتهى الأمر كله فى الملعب.
لو حسبت المسألة بهذه الطريقة من البداية، ربما وفرنا على أنفسنا الكثير من المعاناة، التى لا يحتاجها المصريون والجزائريون "الكثير من وجع الدماغ"، كانت مباراة جيدة لعب فيها الفريق المصرى بصورة أفضل كثيرا من مباراتى القاهرة وأم درمان. لأن الكثيرين اكتشفوا، أن ما أخذ فى الملعب لايسترد خارجه، ولا نظن أن هناك فائدة من تجديد التلاسن والكلمات التى بلا معنى وقد اكتشفنا أن الإعلام هو الذى يشعل الحرب وهو الذى يطفئها ثم إن تسخين الأجواء بشكل مبالغ فيه قبل المباريات ينقل التوتر إلى اللاعبين ويفسد اللعبة، وقد رأينا عشرات من مباريات القمة بين الأهلى والزمالك من كثرة التوتر بين الفريقين عادة ما تنتهى المباراة بدون لعب ولا نتائج، وهو ما يجرى فى المباريات التى يشعل المحترفون تحتها النار حتى يجدوا عملا ومشاهدين.
والحقيقة أن أفضل ما جرى هو أن كبار مشجعى الحزب الوطنى اختفوا من الصورة التى بدت مصرية وكروية تماما، بعيدا عن الصورة المؤتمرية التى جرت فى القاهرة وأم درمان وأربكت الجميع بلا داع.. اختفى الرسمى ليظهر الجمهور الذى هو "أصدق أنباء من الحزب"، أيا كان تعصب الجمهور فهو تعصب مفهوم، والجمهور يمكنه أن يتفاهم ، ويفرح ويحزن، بلا مبالغات، بعيدا عمن مثلوا دور المشجعين فى المباريات الأولى فصنعوا حربا مع بعض مطبلى الإعلام الذين حولوها حربا. وأفضل ما فعلته أنجولا أنها حرصت على توازن المشجعين فى الكم والكيف لا تأشيرات جماعية ولا تكتلات للجمهور حتى لو غضب البعض هنا أو هناك. ولا مانع من بعض الفرح والسعادة طالما ظلت فى إطار الأفراح . الجمهور هو أكثر من يفرح أو يحزن، ولو بطريقة متوحشة أحيانا هو أيضا الذى يفهمها. أما الممثلون فلا فائدة منهم، لا يشجعون، ولا يجيدون الفرح أو الحزن.
كل هذه الدروس يفترض أن نعيها وقد انتهت المباراة بحلوها ومرها كسر الفريق المصرى عقدة الهزيمة وصعدوا إلى نهائى كأس الأمم، و صعد الجزائريون إلى كأس العالم، وهى نتيجة يفترض أن تثبت للجميع أن الكرة فى الملعب والفوز والهزيمة فى الملعب، ولا نظن أن من المفيد ما يفعله البعض عندنا من تجديد للهجوم، بينما الجماهير سوف تختتم فرحتها سواء فازت مصر بكأس الأمم أم لا.
كنا وما نزال مع أصوات ترى أن اللعب فى المستطيل الأخضر والباقى عناصر مساعدة مثل الدعاء والجمهور، فالجمهور يستطيع التشجيع وتقديم الدعم للفريق بينما لا يمكنه أن يضع الخطط أو يحدد الفوز أو اللاعبين.
وبهذه النتيجة بالرغم من مرارات الملاعب، أو طراطيش التوتر بين الطرفين ، يمكن للبلدين أن يعيدا نسج علاقة طبيعية تقوم على الود والقرب وليس على التنافر والعداء ، ونعلم أن غالبية الشعب المصرى والجزائرى تريد أن تفرح وتمنح اللاعبين نجوميتهم. وعليهم أن يظلوا فى الملعب وليس خارجه، ولعلهم جميعا يتعلمون أن ما راح فى الملاعب يسترد بها ويظل داخلها، ولعل فريق الشتائم اكتشف كل هذا، لكن القليلين هم من يتعلم. مبروك لمصر والجزائر. وما فيش حد أحسن من حد.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة