ما هى علاقة أحمد عز بالآثار لكى يتقدم إلى مجلس الشعب بمشروع قانون يطالب فيه بالموافقة على السماح بحرية تداولها والاتجار بها فى مصر؟ هل الآثار من اختصاص أمانة تنظيم الحزب الوطنى؟ ولماذا صمت نواب الشعب عند مناقشته؟ ولماذا تصدى الزميل أحمد موسى بمفرده لشطحات رجل الصناعة القوى والسخرية منه فى أهرام السبت؟ وأين صفحات البرلمان والتحقيقات وملحق الجمعة والصفحات الثقافية من قضية كهذه؟ هل امتد نفوذ الرجل إلى كل الصحف القومية التى يحلم صحفيوها «المسئولون» بمقاعد فى البرلمان المقبل؟.. كل هذه الأسئلة دارت فى ذهنى وأنا أتتبع المناقشات وردود الأفعال فى الصحف والمواقع الإلكترونية الأسبوع الماضى.
عز قدم دراسة مقارنة للتشريعات التى تنظم حماية الآثار فى بعض دول العالم مثل فرنسا واليونان وإيطاليا وتركيا، قيل إن أمانة التنظيم هى التى أعدتها، وقال أيمن نور إنها مسروقة من سجين قابله فى السجن (عندما ذهب لعمل أشعة فى قاع العين)، ولحسن الحظ تصدى له وزير الثقافة فاروق حسنى وهدد بتقديم استقالته إذا تم إقرار القانون، ووقف رئيس مجلس الشعب إلى جواره «لمعرفته بخطورة إقرار القانون»، حتى زاهى حواس قال بصرامة بعد انتهاء الجلسة «لقد رفضنا المشروع المقدم من النائب أحمد عز ولن نسمح بتجارة الآثار داخلياً!»، المؤكد أن قانونا كهذا توجد وراءه قوى «غامضة» تسعى لإقراره، واختيار عز للتقدم به جاء لاختبار نفوذه، وأن فشله فى الدفاع عن مقترحه يعنى فشلا لطريقة فى التفكير، طريقة لم تعتدها الدولة المصرية من قبل، وهى استهانة رجال أعمال الحزب الحاكم بثقافة وتراث وحضارة وقوانين بلد يحتوى بمفرده على معظم آثار البشرية، الدولة وضعت قوانين الآثار منذ عام 1935، واقتراح عز الغامض يعد تخلفاً قانونياً (على حد تعبير حواس)، ومصر ملتزمة بالحفاظ على آثارها بموجب اتفاقية اليونسكو لعام 1970، ويوجد بها 28 وحدة أثرية بمختلف المنافذ البرية والجوية والبحرية، وإحباط محاولة عز «لتسييل التاريخ» كان ضرورياً، لأنه لم يعد للمصريين غير تاريخهم وما يدل عليه، بعد أن باع النظام الأرض وحاصر الناس فى الشوارع والبيوت، ويحاول أن يجعلهم فاقدين الثقة فى التغيير والمستقبل، بالطبع توجد تجاوزات لا حصر لها فى الآثار، والنهب والتهريب لن يتوقفا طالما يوجد أشخاص نافذون يعتبرون الاتجار فيها «نشاطا مسموحا به وفقا لقوانين الدول المختلفة!»، الكارثة الحقيقية أن غالبية نواب الشعب المنوط بهم حماية تراث الشعب لم يقدموا مقترحات أو يطوروا الأفكار التى طرحت فى البرلمان حول المواد الخلافية ،مثل المادة 16 الخاصة بحرم الأثر الإسلامى، والتى عندما سئل فاروق حسنى عنها قال «إن حرم الأثر الفرعونى 6 آلاف كيلو متر!»، والمادة 39 الخاصة برسوم زيارة المتاحف والمناطق الأثرية للمصريين والأجانب (وذلك بما لا يتجاوز مبلغ ألف جنيه للمصريين وعن خمسة آلاف للأجانب!) والمادة 17 الخاصة بإزالة التعديات، وهل هى من اختصاص زاهى حواس أم فاروق حسنى أم البلدية، ومن سيتحمل تكلفة الإزالة: الحكومة أم المعتدى؟ ولم أفهم التعديل الذى أدخل على المادة 35 من مشروع القانون والتى تنص على أن تكون جميع الآثار المكتشفة والتى تعثر عليها البعثات العلمية المصرية والأجنبية «ملكا للدولة المصرية» بدلاً من «ملكا لمصر»!.
الموضوع لم يأخذ حقه فى الصحافة ولا فى برامج الديوك، وكان ضرورياً معرفة الناس بتفاصيله، لأنه حسب اعتقادى أهم من أفلام خالد يوسف، ولا يخص الحكومة وأمانة تنظيم القوانين فقط، ولكن إحباط مخطط عز... هو الانتصار الوحيد.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة