◄◄ ممثلو الحكومة فشلوا فى تقديم أسباب ترجيح موقف مصر أمام التحكيم الدولى
حصلت «اليوم السابع» على أوراق تتعلق باجتماع 15 من القيادات التنفيذية وأصحاب القرار بالحكومة المصرية فى مشروع إنشاء مطار رأس سدر بنظام BOT، وهو الاجتماع الذى تم فيه التحضير لفسخ التعاقد مع ماليكورب.
محضر الاجتماع يعود تاريخه إلى 21 يوليو 2001 - أى قبل 15 يوما من قرار فسخ التعاقد - ويتكون من 6 ورقات مكتوب عليها سرى جدا ووقع عليه المهندس إبراهيم الدميرى وزير النقل آنذاك، ويتضمن العديد من المعلومات والمتناقضات التى تعاملت بها الحكومة المصرية فى إدارة هذا الملف الذى قد يكبد الحكومة ملايين الدولارات فى المستقبل مثلما تم مع قضية سياج.
أولى هذه الحقائق هى عبارة وردت على لسان الطيار عبد الفتاح كاطو رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية القابضة للطيران، السابق مفادها «أن الحكومة المصرية أمام وضع شائك ومضطرة لفسخ التعاقد مع شركة ماليكورب وعليها تحمل التبعات القانونية من دعاوى التعويض التى ترفعها ماليكورب أمام القضاء أو أمام مراكز التحكيم الدولية»، وهى عبارة تعد اعترافا رسميا بأن الحكومة المصرية على يقين بأن موقفها ضعيف، وأن شركة ماليكورب لها حق قانونى وستأخذه من خلال دعاوى تعويض، ورغم ذلك لم يتحرك أى قيادى بوزارة النقل أو الطيران نحو التفاوض مع ماليكورب قبل أن يتضخم الأمر، وترفع ماليكورب دعوى قضائية ضد الحكومة المصرية أمام المركز الدولى لفض منازعات الاستثمار «أكسيد» تطالب فيها بتعويض 518 مليون دولار بما يسىء إلى مناخ الاستثمار المصرى فى الخارج.
ثانى الحقائق التى وردت فى محضر الاجتماع هو التضارب الواضح بين متخذى القرار، فقرار فسخ التعاقد مع ماليكورب والذى سبق أن نشرته «اليوم السابع» يستند إلى ثلاثة أسباب أهمها هو الرفض الأمنى لشركة ماليكورب، وذلك لأن هناك اختلافا فى الأسماء بين الشركة التى أبرمت التعاقد «الشركة الأم» وبين أسماء مؤسسى الشركة المصرية «المنشأة حديثا» والتى ستتولى إنشاء المطار «وهو ما جاء على لسان العقيد هشام البستاوى ممثل مباحث أمن الدولة فى الاجتماع، إلا أن الاجتماع نفسه جاء به نفى واضح وصريح من عبد القادر قنديل المستشار القانونى لرئيس مجلس إدارة الشركة المصرية القابضة للطيران قائلا: «طبقا لشروط التعاقد المنصوص عليها فإنه ليس من الضرورى أن تكون أسماء الشركة المنشأة حديثا هى نفس أسماء الشركة الأم التى أبرمت التعاقد واستند فى ذلك إلى أحكام القانون رقم 8 لسنة 1997»، وهو الأمر الذى يلغى السبب الأمنى فى فسخ التعاقد مع ماليكورب ويضع الحكومة المصرية فى حرج كبير.
ثالث الحقائق أن الحكومة المصرية استندت فى قرار فسخها للتعاقد على أن الشركة زورت رأس مالها الموجود فى السجل التجارى من 2 مليون جنيه إسترلينى إلى 100 مليون جنيه إسترلينى، فضلا عن ضعف الموقف المالى لها، بما لايسمح معه إنشاؤها المشروع على النحو الأكمل، غير أن محضر الاجتماع الذى بين يدينا يقضى على ذلك السبب فكما جاء على لسان وزير النقل آنذاك المهندس إبراهيم الدميرى أنه تلقى خطابات من السفارة المصرية بالنرويج تؤكد دعمها للشركة وخطابا مماثلا من السفارة البريطانية بمصر تحدد فيه رأس مال ماليكورب بـ 90 مليون دولار، بما يعنى أن موقفها المالى يسمح بالاستمرار فى المشروع، فضلا عن أن المستشار أمجد عبد الغفار مدير شئون العلاقات الاقتصادية بوزارة الخارجية أكد بنفسه أنه تم الاستفسار عن الشركة وتبين جديتها فى إنشاء المشروع، وهو ما يقضى على السبب الضعيف الذى اتخذته الحكومة المصرية فى فسخ التعاقد بما يضع الحكومة المصرية من جديد فى حرج أكبر.
الحقيقة الرابعة هى أن شركة ماليكورب هى أفضل الشركات من حيث العرض المالى والفنى وتم اختيارها عبر لجنتين مختلفتين، فضلا عن أن الفارق بينها وبين شركة الأسواق التجارية التالية لها يبلغ 139 وحدة قياس والاستثمار العائد منها سيكون 690 % مقارنة بشركة الأسواق التجارية 462 %، وكذلك فإن قيام ماليكورب بتنفيذ المطار كان سيترتب عليه تنمية شاملة بمنطقة رأس سدر وطبقا لدراسة الجدوى فإنه كان من المنتظر خلال الثلاث سنوات القادمة - أى فى غضون 2004 - أن يتم إنشاء 240 ألف حجرة للسياح حسبما أكد سمير حليبة ممثل الهيئة العامة للتنمية السياحية بمحضر الاجتماع، وأكد ذلك العقيد عمرو عز الدين ممثل الرقابة الإدارية، لكنه رغم كل ذلك فقد تم التوصل إلى أن الحكومة المصرية أمام وضع شائك ومضطرة لفسخ التعاقد مع ماليكورب وتحمل التبعات المترتبة على ذلك والدفاع عن هذا القرار فى كل الأحوال.
وانتهى الاجتماع بوضع سيناريو لفسخ التعاقد مع الشركة مفاده أن يتم موافاة الشركة المصرية القابضة للطيران وشركة ماليكورب بخطاب من هيئة الاستثمار مفاده عدم الموافقة على تأسيس الشركة لعدم الموافقة الأمنية، وعندما ترد الشركة القابضة على هذا الخطاب يتم اتخاذ إجراءات فسخ التعاقد وتسييل خطاب الضمان والاستعداد لمواجهة التبعات القانونية.
الأغرب فى هذا الاجتماع كما يقول الدكتور جمال أبو ضيف المستشار القانونى السابق لشركة ماليكورب أن 15 قيادة تنفيذية بالحكومة المصرية متمثلة فى المهندس إبراهيم الدميرى وزير النقل آنذاك والطيار عبد الفتاح محمد كاطو رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية القابضة للطيران والطيار ممدوح محمد حشمت الرئيس التنفيذى للهيئة المصرية للرقابة على الطيران المدنى وعبد القادر حسين قنديل المستشار القانونى لرئيس مجلس إدارة الشركة المصرية القابضة للطيران والمهندس ناجى يوسف صموئيل رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية للمطارات ومحمود إسماعيل على رئيس قطاع الشئون المالية والتجارية والاقتصادية بالشركة المصرية القابضة للطيران، واللواء عبد الحميد هداية مدير عام مصلحة أمن الموانى، والعقيد هشام البستاوى ممثل عن مباحث أمن الدولة، والعقيد عمرو عز الدين ممثل الرقابة الإدارية، والمستشار أمجد عبدالغفار مدير شئون العلاقات الاقتصادية بوزارة الخارجية، والمهندس عبد المهيمن أسعد مدير عام التخطيط بوزارة السياحة، والمهندس جمال زغلول مدير عام البنية الأساسية بوزارة السياحة، وسمير حليبة ممثل الهيئة العامة للتنمية السياحية وسيد سلام المستشار القانونى للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، وعصام عبد الواحد رئيس قطاع المشروعات التمويلية بالهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، فشلوا فى الخروج بأسباب قوية ترجح كفة الحكومة المصرية أمام القضاء ومراكز التحكيم الدولية فى قضيتها أمام ماليكورب، وهو ما يضعهم تحت المساءلة القانونية فى حال خسارة القضية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة