أحمد إبراهيم أبو العلا يكتب: من حكايات جدتى

الجمعة، 29 يناير 2010 03:25 ص
 أحمد إبراهيم أبو العلا يكتب: من حكايات جدتى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الليلة الأولى........... الولادة:

تمخض الجمل فولد فأرا. أخذ العجب بالناس بالقرية كل مأخذ. كيف يلد الجمل فأرا وهو الجمل الضخم الكبير ذو الرقبة العالية والسيقان الطويلة. لم ينم الناس فى تلك الليلة. تجمعوا أمام النار يحتمون بها من البرد ويتحدثون. قال أحدهم ... لم يحدث فى قريتنا من قبل مثل هذا الحدث... سأل شاب من الحضور هل لدى أحدكم تفسير؟. مصمص القوم شفاهم. هز عجوز رأسه قائلا: أصمت يا بنى..... هذه علامة من علامات قيام الساعة. صاح فيه الشاب صغير... أية ساعة هذه يا جدى التى تتحدث عنها!. بدت تباشير الفجر فى الظهور والقوم مازالوا فى لغطهم وحوارهم حتى أحسوا أن هناك من يراقبهم............ كان الجمل يحدق إليهم.... فسكتوا و.... ناموا.

ذات صباح كان الجمل يتبختر مزهوا عليه مهابة وقوة والكل يوسع له الطريق.. إنه الجمل الضخم ذو الرقبة العالية والسيقان الطويلة.... حدث ما أذهل الجميع... اصطدم رأس الجمل ذى المهابة والقوة والرقبة العالية والسيقان الطويلة بنخلة عالية... عالية جدا... شجت رأسه. ماذا حدث؟.... هذا ما أذهل الجميع. لم تسل من نقطة دم واحدة، بل صار يصدر صفيرا عاليا مزعجا وخرج منه هواء ذو رائحة نتنة جدا.. جدا.. جدا... وبدأ ينكمش وينكمش وينكمش حتى صار فأرا..... فأرا صغيرا... صغيرا جدا... فطاردته قطة واختفيا فى أحد الزوايا.

سؤال أصبح يشغل بال الجميع وهم ينظرون إلى جمال كثيرة تعيش بينهم... من منهم جمل حقيقى ومن منهم جمل مزيف؟

الليلة الثانية............ الفيضان:

أصاب القرية فيضان كبير. اجتمع القوم للتشاور فيما سيفعلونه لمواجهة هذه الكارثة التى حلت بهم، خاصة وأن بيوت القرية وحيواناتها بدأت تغرق تحت مياه الفيضان الغزيرة، ولم تكن هناك قوارب كافية لنقل كل هذا العدد من أهل القرية إلى الضفة الأخرى حيث الأمان. فجأة تقدم رجل كهل من وسطهم كان يوزع الماء على بيوتهم وأفرغ ماء القربة الجلدية التى يحملها على ظهره وبدأ ينفخها نفخا جيدا حتى صارت كالبالون، وأحكم ربطها وتقدم صوب النهر وقال لهم.... من أراد أن ينجو فليفعل مثلى وبدأت مياه النهر تحمل القربة المنفوخة والرجل الكهل متعلق بها حتى وصل الضفة الأخرى. ابتهج الناس وسارع بعضهم ليفعل مثل ما فعل الرجل الذى نجا... إلا أن الكثيرين صاروا يتجادلون ويتنقاشون حول جدوى هذه الطريقة وهل ستصلح للجميع... قال أحدهم يمكن أن تنفجر القربة فى الماء... وقال آخر يمكن أن تنثقب... وقال ثالث يمكن للقربة أن تتشقق ومازالوا فى جدلهم حتى غمرتهم المياه فصاح عليهم من نجوا من الجهة الأخرى... انفخوا... لا وقت للجدال.... ووصل الماء إلى الأعناق.... ونفخوا باستعجال... وربطوا بإهمال.. وبدءوا بالعوم... ولأن النفخ كان باستعجال.... والربط بإهمال... انفك الرباط وخرج الهواء وبدءوا يغرقون وصاح أحدهم على من فى الضفة الأخرى لقد هلكنا بسببكم فرد عليه الرجل الكهل الذى نجا........ (يداك أوكتتا (أى ربطت) .... وفوك (أى فمك) نفخ).



* باحث متخصص فى مجال البيئة.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة