ماذا لو كانت الأرض منبسطة تشرق الشمس على كل أرجائها وتغرب فى الوقت نفسه؟ لم يكن هناك ليل أو نهار أو فصول مختلفة الأجواء أو شعوب متباينة الألوان والطباع.
الجسد أيضا ليس عضوا واحدا، بل أعضاء كثيرة. إن قال الرجل لأنى لست يدا لست من الجسد، أفلم تكن لذلك من الجسد؟. وإن قالت الأذن لأنى لست عينا لست من الجسد، أفلم تكن لذلك من الجسد؟. لو كان كل الجسد عينا، فأين السمع؟. لو كان الكل سمعا، فأين الشم؟. وأما الآن فقد وضع الله الأعضاء كل واحد منها قى الجسد كما أراد. ولكن لو كان الجسد عضوا واحدا، أين الجسد؟. فالآن أعضاء كثيرة، ولكن جسد واحد.
لا تقدر العين أن تقول لليد لاحاجة بى إليك؟. أو الرأس للرجلين لا حاجة لى إليكما، بل بالأولى أعضاء الجسد التى تظهر أضعف هى ضرورية وأعضاء الجسد التى تحسب بلا كرامة نعطيها كرامة أفضل، والأعضاء القبيحة فينا لها جمال أفضل. أما الجميلة فينا فليس لها احتياج، لكن الله مزج الجسد معطيا الناقص كرامة أفضل لكى لا يكون انشقاقا فى الجسد، بل تهتم الأعضاء اهتماما واحدا بعضها ببعض. فإن كان عضو واحد يتألم فجميع الأعضاء تتألم معه، وإن كان عضو واحد يكرم فجميع الأعضاء تفرح معه. تتنوع الرتب والمواهب فى الجسد الواحد.
أى أن التنوع والاختلاف هو الأصل وبالتكامل تحيا لا بالانشقاق، لأن كل مملكة منفسمة على ذاتها تخرب.