بعد عام من رئاسته..

لوموند: أوباما لم يحقق الآمال المتوقعة فى الشرق الأوسط

الخميس، 28 يناير 2010 12:10 ص
لوموند: أوباما لم يحقق الآمال المتوقعة فى الشرق الأوسط
إعداد ديرا موريس

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
"أوباما ضحية الآمال التى عقدت عليه فى حل الصراع الفلسطينى الإسرائيلى".. هكذا وصف روبرت مالى المستشار السابق للرئيس كلينتون للشئون العربية الإسرائيلية حال الرئيس الأمريكى أوباما، فى مقال بصفحة الرأى فى صحيفة "لوموند" الفرنسية، حيث يحلل مالى الأسباب التى أدت إلى فشل أوباما فى تحقيق ما توقعته منه المنطقة فى هذا الملف بعد مرور عام من توليه الرئاسة.

ويقول روبرت مالى، إنه بقدر ما استفاد أوباما من انخفاض شعبية الرئيس بوش فى العالم العربى، بقدر ما كان ضحية التوقعات والآمال التى علقت عليه، إذ كان يكفى منذ عام مضى ذكر اسم هذا الرئيس الجديد أو قيامه بإلقاء خطاب فى القاهرة، لتتغير نظرة العالم العربى للولايات المتحدة، غير أن الرأى العربى فى أوباما لم يكن ليظل قائماً فقط على المقارنة بينه وبين بوش، بل كانت ستأتى اللحظة التى سيتم فيها الحكم عليه فى ضوء الآمال الضخمة التى أثارها والتى لا يمكن التهرب منها.

ويرى مالى، أن الجهود الأمريكية التى تبذل فى الساحة الفلسطينية الإسرائيلية، لم تؤتِ بثمارها، فعلى الرغم من أن الأهداف المعلنة للولايات المتحدة كانت تجميد المستوطنات والشروع فى عملية التطبيع العربى الإسرائيلى واستئناف محادثات السلام، وتدعيم ما يسمى بالمعتدلين واستعادة مصداقية الولايات المتحدة، إلا أن ما حدث حتى الآن هو العكس تماماً، حيث فقد الفلسطينيون الثقة فى الإدارة الجديدة، والعرب يتشككون والإسرائيليون ينظرون إلى باراك أوباما باعتباره مبتدئاً لا يوحى لهم بأى احترام أو تقدير.

ويرجع مالى هذا الأمر إلى عجز تكتيكى يعود إلى اختيار الولايات المتحدة لأهداف مشكوك فيها وغير واقعية و"هى التجميد التام للمستوطنات، والتى على الرغم من كونها هدفاً يستحق الثناء، إلا أن حتى حكومة إسرائيلية يسارية كانت لتحجم عنه"، ثم تحول غير مبرر فى موقفها عن طريق وصفها للتجميد الجزئى للمستوطنات بأنها مبادرة "غير مسبوقة"، وأخيراً ممارسة الضغوط مراراً وتكراراً على محمود عباس، رئيس السلطة الفلسطينية حتى يوافق على الاجتماع مع رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتانياهو ويرجئ مناقشة تقرير جولدستون.

ويرى مالى، أن الضحية الأساسية فى هذه التحولات الدبلوماسية الأمريكية هو محمود عباس الذى كانت الإدارة الأمريكية قد تعهدت بدعمه، ومنذ ذلك الحين، يبدو أن الهاجس الوحيد الذى يسيطر على أمريكا هو العودة إلى المفاوضات، وذلك على الرغم من أن فشلها سيكلف أكثر بكثير من تأجيلها.

السبب الثانى يرجع إلى عجز فى الرؤية الاستراتيجية الأمريكية، فعلى خلاف ملفات أخرى، لم تحصل عملية السلام "حتى ولو بعد" على التزام قوى من الإدارة الأمريكية، فبالرغم من الضغوط الداخلية والخارجية القوية، ظلت واشنطن تركز على المسألة الإيرانية وتجديد دعوتها للحوار مع النظام، وهنا وبصرف النظر عن التصريح عن مبادئ مبهمة "مثل مركزية الصراع وأهمية الدور الأمريكى وعدم شرعية المستوطنات"، يبدو أن أوباما لا يعرف بالضبط أين يريد الذهاب وأى ثمن قد تسببه المخاطر السياسية، وهذا أمر يرى مالى أنه يمكن فهمه فى ظل الأولويات الأخرى التى يواجهها أوباما سواء من إصلاح قطاع الصحة إلى خطة الانتعاش الاقتصادى، مروراً بأفغانستان والعراق.

أما العجز الثالث، وهو الأكثر خطورة، يرجع إلى عدم التكيف مع الوضع الإقليمى الجديد، فمنذ عام 2000، تغيرت الأوضاع فى المنطقة تغيراً جذرياً، إذ ظهر لاعبون آخرون، غير اللاعبين التقليديين، أى مصر والأردن والمملكة العربية السعودية، قاموا بتعميق تواجدهم فى الساحة الفلسطينية وأصبحوا يمثلون ثقلاً فى الرأى العام، وهم إيران وسوريا أو حتى تركيا.

وقد كانت نتيجة الخيارات الكارثية للرئيس جورج بوش إلى حد كبير أن أُهدرت هيبة وسلطة الولايات المتحدة، وباتت الساحة الفلسطينية مجزأة سياسياً وأيديولوجياً وجغرافياً، وأصبح من المستحيل بناء استراتيجية ذات مصداقية قائمة حصرياً على الضفة الغربية وفتح والسلطة الفلسطينية أو قادتها.

أما بالنسبة للأداة المفضلة لأمريكا، أى المفاوضات الثنائية بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية حول الوضع النهائى، فقد عفا عليها الزمن هى الأخرى وفقدت مصداقيتها، إذ يجمع الفلسطينيون والإسرائيليون يوماً بعد يوم على أنهم لن يتوصلوا إلى سلام حقيقى، أو أن أى اتفاق يمكن أن يلبى متطلباتهم.

وفى هذا السياق، يعتقد مالى أنه حان الوقت لتغيير الأسلوب الأمريكى، بل وحتى الأهداف، لا سيما وأن الأسس الأمريكية نفسها وليس فقط الأسلوب كانت مغلوطة، فإن تقسيم المنطقة بين "معتدلين" و"متطرفين"، ودعم البعض ومقاطعة البعض الآخر وكذلك اللامبالاة تجاه قطاع غزة ومأساتها الإنسانية والمواعظ الجوفاء من أجل السلام، كل هذا يؤدى إلى وجود فجوة صارخة بين ما تفعله الولايات المتحدة وما يحدث فى الشرق الأوسط.

ويخلص مالى إلى أنه إذا كان أهم خطأ بين أخطاء الرئيس جورج بوش التى لا تحصى هو بلا شك عدم قدرته على تجديد نفسه والتوفيق بين عقائده وما يحدث على أرض الواقع، فإن الرئيس أوباما، بعد عام من رئاسته قضاه فى التحقق من مدى ملائمة المفاهيم الأمريكية القديمة، بدأ الاختبار الحقيقى وعليه إثبات قدرته على تحقيق ما هو أفضل، وبشكل مختلف.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة