ياسر أيوب

الأرقام.. فى بلد لا يعشق الوضوح ولا يحب المواجهة

الخميس، 28 يناير 2010 08:06 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نحن بالتأكيد شعب لا يعشق الأرقام ولا يحترمها.. نفضل الكلمات التى تتسع لكل المعانى والتعابير التى تسمح بكل الاحتمالات.. ونادراً ما نجد أحداً منا.. مواطنا أو مسئولا أو إعلاميا.. يتحدث بلغة الأرقام, سواء عند الحديث عن مشكلة أو أزمة أو مستقبل أو حلم أو وجع.. أو حتى لتحديد موعد ووعد وتاريخ التزام.. ولهذا أود الآن التوقف عند بعض الأرقام التى قد لا تعنى شيئا, وقد تعنى كل شىء.

50 ألف إنسان.. كانوا هم ضحايا زلزال هايتى.. وكانوا هم الدافع لأن يلتقى الرئيس الأمريكى أوباما مع السابق بوش والأسبق كلينتون, ليتباحث الثلاثة رغم ما بينهم من خلافات وصدامات عن الحل الأمريكى الأمثل لمساعدة جزيرة هايتى المنكوبة والموجوعة.. والتوقف أمام هذا الرقم.. يجعلنى أولاً أتحسر على أنه ليس فى بلدى أى رؤساء سابقين.. ولا حتى مسئولين سابقين ممكن أن يلتقوا بالمسئول الحالى عند أى أزمة أو مشكلة.

65 ألف قضية فساد.. هذا هو رقم قضايا الفساد الحكومى فى مصر التى تستقبلها النيابة الإدارية كل عام.. والمشكلة أن الدكتور أحمد درويش.. وزير التنمية الإدارية سعيد جداً بإحالة كل هذه القضايا إلى النيابة كل عام، دليلا على أنه فى مصر إدارة تقاوم الفساد ولا تقبل به.. ونسى الوزير ونسيت إدارته أن مقاومة الفساد ليست هى إحالة قضايا الفساد إلى نيابة إدارية.. وإنما هى محاولة البحث عن تفسير حقيقى لكل ذلك.. معرفة معنى أن يفسد 65 ألف موظف مصرى كل سنة.

4.8 مليون مصرى.. يعملون حالياً فى الدول العربية.. وهذا الرقم لا يعرفه حتى الآن معظم الإعلاميين الرياضيين الذين لا يترددون.. فى كل مباراة كرة تلعبها مصر مع دولة عربية.. فى محاولة كسب تصفيق الناس حتى لو كان الثمن هو خسارة هذه الدولة، وإعلان الحرب عليها.. ولأن هؤلاء الإعلاميين لا يعرفون هذا الرقم.. فهم بالتالى لا يقرأون تقارير البنك الدولى الخاصة بمصر والتى تؤكد أهمية التحويلات المالية لهؤلاء بالنسبة للاقتصاد المصرى.. وكيف أحست مصر بالوجع الاقتصادى، لأن هذه التحويلات تراجعت العام الماضى بنسبة 9 %.. وبالطبع سيواجهنى هؤلاء الآن، صارخين وغاضبين بأنهم على استعداد لأن يجوعوا ولا يفرطون فى كرامة مصر وكبريائها.. والأغرب أن هؤلاء هم آخر من يخشى الفقر ومواجهته أو البطالة وقسوتها.. لا أحد منهم يعرف الثمن المؤلم الذى يمكن أن يدفعه بيت مصرى أو أسرة بسيطة، مقابل مقال رأى فاجر ليس له مبرر أو سخرية فضائية على الهواء دون وعى أو حكمة.

100 ألف مصرى ومصرية.. يصابون كل سنة بالسرطان.. رقم ممكن جداً أن تقرأه فى الصفحات الأولى للصحف القومية التى تتعامل معه وكأنها تشير إلى عدد القتلى فى تاهيتى أو مدغشقر.. وعلى الرغم من احترامى لكل هذا الصخب حول الفساد الإنشائى الذى راح ضحيته معهد الأورام.. ومن خشيتى ألا يتم التعامل بحزم مع هؤلاء الفاسدين الذين لم يتوانوا حتى عن سرقة مرضى السرطان الفقراء.. إلا أننى لا أحب أن نهتم إعلاميا بقضية تشققات جدران المعهد، وننسى أوجاع البشر.. فالمائة ألف الذين يصابون فى مصر كل سنة بالسرطان.. ليسوا كما فى العالم كله من كبار السن.. وإنما هم شبان ونساء فى أوج أعمارهم.

5 مليارات جنيه.. هى فاتورة مصر السنوية مقابل تناول المقرمشات.. و3 مليارات جنيه تكلفة الحديث فى التليفونات المحمولة.. وأن المصريين هم أكثر شعوب العالم إسرافا فى استخدام المياه، وفى تناول السكر وفى إلقاء بقايا الطعام الصالح للأكل فى صناديق القمامة.. وأرقام أخرى كثيرة لابد أن تجبرنا على معاودة التفكير فى قناعاتنا بأننا شعب رائع لكن تحكمه حكومة سيئة.. ففى الحقيقة.. كلنا نحتاج للتفكير والتغيير.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة