كنت أتمنى – مثلى مثل ملايين المصريين- ألا نقابل الجزائر فى منافسات كأس الأمم الأفريقية بأنجولا، ليس خوفا من الفريق الجزائرى الذى نستطيع أن نفوز عليه بسهولة، كما فزنا من قبل على فرق أفضل منه فى الأداء وأقوى لعبا وتنظيما، ولكن خوفى من الأجواء التى ستقام فى ظلها المباراة، ومن الحمق الإعلامى الذى تسبب فى كل ما حدث منذ مباراتنا الأولى مع الجزائر بالقاهرة، وحتى مباراة الخيبة القوية فى أم درمان.. هذا الإعلام الذى يتغنى الآن بالأخوة والمحبة وينادى بعودة المياه إلى مجاريها، هو نفسه الإعلام الذى جاء يطلب ثأرا فأشعلها نارا، وهو الذى استدرج أو استُدرج من الإعلام الجزائرى لتحويل مباراة كرة قدم إلى معركة سياسية وأزمة دبلوماسية، وسببا فى وقف الحال وتعطيل الاستثمارات وقطع عيش مئات المصريين فى الجزائر، وهو الذى نجح بحماقة أعيت من يداويها فى شحن نفوس الكثيرين من العرب ضدنا، بإثارة نعرة التفوق والريادة والسيادة، وتلك الأسطوانة المشروخة التى لا نمل من تكرارها، وهو الذى ظل رموزه يبكون فى الفضائيات والمحطات التليفزيونية الأرضية على كرامتنا المهدرة وحقوقنا الضائعة وهواننا على الناس، وهو نفسه الذى جعلنا مسخة ومضغة فى أفواه الأشقاء قبل الأعداء.. هذا الإعلام الأبله هو ما أخشاه فى مباراة الجزائر، وأخشى أن تصل أصواته الناعقة والمنافقة إلى أسماع حسن شحاتة ورجاله فى أنجولا.. هذا الإعلام الذى حول مهرجوه من أصحاب الألعاب البهلوانية والمواقف الكوميدية "المعلم" من مدرب إلى درويش وجعله يبدو خلال إدارته للمباريات وكأنه ينتظر امرأة عزيزة عليه فى حالة ولادة متعثرة.. نعم التفاعل مطلوب والانفعال جائز والتأثر دليل الإخلاص والرغبة فى النصر، لكن ملامح حسن شحاتة وفريقه المعاون تقول أكثر من ذلك، وتدل على أننا حملناه هزائمنا الداخلية والخارجية، ونريد منه هو وحده أن ينتصر، لكننا لا نفوز أبدا إذا كان ذلك هو شعورنا ومنطقنا.. لقد فزنا بكأس الأمم فى بوركينا فاسو 98 لأن الجوهرى أعلن قبل أن يخوض المنافسات أنه يحلم فقط بالوصول إلى دور الثمانية، وأن ترتيبنا هو الـ13 على مستوى منتخبات القارة الأفريقية، وفزنا فى 2006 بدعوات الملايين داخل الاستاد وفى البيوت، وفزنا على الكاميرون فى مباراة ربع النهائى بصيحة حسن شحاتة "يا حبيبى يا رسول الله" التى أطلقها قبل ثوان من إحراز "جدو" هدف التقدم الثانى، لكننا لو لعبنا بهذا الأداء والأسلوب أمام الجزائر فسوف نخسر، ولو أضفنا إلى ذلك الضغوط الإعلامية والاتصالات الفوقية والشحن الزائد فسنخسر بالثلث، أما لو لعبنا بمنطق المتعة وبذل أفضل الممكن كما عودنا "المعلم" فى مباريات كثيرة لم نتوقع الفوز بها وفزنا، فبإذن الله سيكون النصر حليفنا، وسنرد الاعتبار لهزيمتنا فى السودان، وإلا ستتحول مباراتنا مع الجزائر إلى مباراة تعميق الجراح.. وربنا يستر!
• نائب رئيس تحرير مجلة أكتوبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة