اهتم معهد بروكنجز الأمريكى بتحليل تداعيات اختيار محمد بديع مرشداً جديداً للإخوان المسلمين، وتوقع المعهد فى التحليل الذى كتبه شادى حامد نائب مدير مركز بروكنجز بالدوحة، ألا يتخذ الإخوان منحنى أكثر تشدداً تحت قيادة بديع، مشيراً فى ذلك إلى تجربة الإخوان المسلمين المماثلة فى الأردن، وأكد المعهد الأمريكى على أن مشكلة الإخوان الأساسية ستبقى فى النظام الذى يريد محوهم.
يقول حامد فى البداية: فى السادس عشر من يناير الجارى، أعلنت جماعة الإخوان المسلمين عن انتخاب مرشد عام جديد، وكانت هناك تكهنات مأخوذة فى الاعتبار فيما يمكن أن يعنيه هذا للإخوان والاتجاهات الإسلامية الأوسع فى المنطقة، وتوافقت الآراء على أن انتخاب محمد بديع، أستاذ الطب البيطرى المتشدد والمحافظ يدل على التحول نحو التطرف الإسلامى والانحدار الإيدولوجى لجزء من الجماعة، الذى كان يحظى بالإشادة باعتباره قوى معتدلة بشكل متزايد.
ويتطرق الكاتب إلى الحديث عن تجرية الأردن، قائلاً قبل عامين، أثير مثل هذا الجدل الدائر الآن عندما انتخب الإخوان المسلمون فى الأردن ولأول مرة فى التاريخ زعيماً لهم من أصول فلسطينية, وكان ينظر إلى "حمام" باعتباره شخصاً محافظاً مؤيداً لحماس، وهو ما كان صحيحاً، وحذر محللون غربيون حينئذ من أن الإخوان لا يمكن اعتبارهم بعد ذلك موالون للمملكة، إلا أن التحول الاستراتيجى هذا لم يحدث، وبدلاً من ذلك، خفف الإخوان من حدة خطابهم، وأكدوا على القضايا المحلة وتواصلوا مع الحكومة الأردنية.
والتهويل الحالى بشأن انتخاب بديع والجدل الذى يثيره، سيثبت على الأرجح أنه لا مبرر له، فعلى العكس من عديد من نظيراتها العلمانية، لا تعتمد جماعة الإخوان المسلمين أبداً على الأفراد أو الشخصيات، ولكنها تعتمد على هيكل تنظيمية ومؤسسية قوية، فضلاً عن ذلك، فإن الجماعة أصدرت بالفعل بيانات أيدولوجية نهائية بشأن عدد من القضايا المثيرة للجدل بما فى ذلك حقوق المرأة والتعددية السياسية، وفى عام 2004 كشفت الجماعة النقاب عن مبادرة الإصلاح التى أكدت علناً على المكونات الأساسية للحياة الديمقراطية.
وكان هذا واضحاً فى التصريحات التى أدلى بها بديع بعد إعلانه مرشداً عاماً، فقدم لفتة تصالحية، مما يقول حامد، وشدد على التزام الإخوان بمساواة المرأة بحسب القانون وحماية حقوق الأقليات وعلى الدور المركزى للإصلاح الديمقراطى، ويرى الكاتب إخلاص بديع فى هذا الشأن، فى الوقت الذى يعد فيه ذلك أمراً محل شكوك ليس الأساس، فبالنسبة لجماعة تأثر كثيراً بتصورات الآخرين عنها، فإن الالتزامات التنظيمية تؤثر فى معتقدات القادة، فمنذ هجمات 11 سبتمبر، وتحديداً منذ أطلق الرئيس الأمريكى السابق جورج بوش أجندته للحرية، أثبت الإخوان حساسية شديدة للنقد الخارجى، وهذا ليس استثناءً.
وفى خطوة مفاجئة يجب ألا تكون كذلك، قام بديع بتعيين محمد حسين، المقرب منه وإن كان غير معروف بدلاً من القيادة المحافظ والقوى محمد عزت كسكرتير عام، وهو أحد أهم المناصب فى الجماعة وأكثرها تأثيراً، وهو ما علق عليه الصحفى والعضو السابق فى جماعة الإخوان عبد المنعم محمود بالقول، إنه يبدو أن بديع يريد أن يعطى انطباعاً بأنه سيكون مستقلاً ويطور كاريزمته.
وبمضى التقرير فى القول إن الانتخابات كان لها عواقبها، فالإطاحة بالمعتدلين من المناصب القيادية يعنى أن الإخوان خسروا اثنين من أهم السياسيين المستنيرين، وهما محمد حبيب وعبد المنعم أبو الفتوح الذى يعتبره البعض فى الجماعة "أردوغان مصر".
ويرى معهد بروكنجز، أنه إذا كانت نتائج الانتخابات مختلفة، فإن ذلك لم يكن ليشكل فارقاً كبيراً، فجماعة الإخوان اليوم أكثر من أى وقت مضى، أسيرة ليس لقادتها ولكن لظروفها، فكما يقول محمد، إن الإخوان لن يتركوا المشهد السياسى لكن السؤال هو من سيسمح لهم بالمشاركة، بالتأكيد ليس النظام.
وخلص المعهد فى النهاية إلى أن الإخوان ربما لديها صعوبات داخلية، صعوبات ربما تقود البعض إلى التشكك فى التزامها بالإصلاح، إلا أن المشكلة الأكبر والأكثر تعقيداً للإخوان هى النظام الذى يتمنى محوها من المشهد السياسى.
تغيرات قيادات الإخوان تثير جدلاً عالمياً
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة