لقد تزايدت معدلات ارتكاب الجرائم فى مجتمعنا خلال الفترة الأخيرة زيادة ملحوظة، خاصة جرائم النفس والسرقة والاستيلاء على المال العام.. وقد يرجع البعض أسباب زيادة الجرائم لزيادة معدلات البطالة والفقر وأسباب عدة لامجال لحصرها الآن، وإذا التمس البعض ـ وأنا لست منهم – العذر للفقير لارتكاب جريمة بهدف إيجاد لقمة العيش، فما هو إذن عذر أصحاب المناصب العليا ممن يحصلون على مئات الآلاف شهرياً تحت مسميات عديدة لارتكاب جرائم إهدار المال العام والاستيلاء عليه والتربح من وراء مناصبهم.
ويحضرنى قصة الوزير السابق محمد إبراهيم سليمان، الذى لا أعلم ما إذا كان بريئاً من عدمه، إذ أننا لسنا فى مجال إدانته أو الدفاع عنه فالأمر برمته مطروح أمام جهات التحقيق.
ولقد طالعتنا الصحف بأخبار تؤكد اختفاء مستندات هامة وانتزاع صفحات كاملة من دفاتر تسليم الأراضى لبعض كبار رجال الدولة وقيام عدد من نواب مجلس الشعب وجهاز الرقابة الإدارية بتقديم بلاغات للنائب العام ضد الوزير السابق للتحقيق فى الاتهامات الموجهة إليه التى تتلخص فى إهدار المال العام وتخصيص أراض بالأمر المباشر، وتخصيص أراض لأقاربه.
والسؤال هنا لماذا لم توجه هذه الاتهامات للوزير السابق عندما كان جالساً على كرسى الوزارة لفترة ليست بالقليلة، وأين كانت الأجهزة الرقابية طوال هذه الفترة.. فهل كان لدى سيادته حصانة تحميه من المساءلة، أم كان البعض ينتفع من جلوسه على كرسى العرش والآن انقطعت "السبوبة" وأغلق باب الرزق على بعض المنتفعين؟
وأرجو من جهات التحقيق وعلى رأسهم المحترم النائب العام قبل محاسبة الوزير السابق.. توجيه سؤال لمن قدموا بلاغات ضده والجهات الرقابية، التى ظلت مكتوفة الأيدى طوال الفترة الماضية، أين كنتم طوال سنوات تولى الوزير لوزارة الإسكان، وأين دوركم الرقابى كنواب للشعب فى البرلمان، وأين الأجهزة الرقابية التى تدعى أن لها أعين فى كل مكان!! أم أن الجرائم المنسوبة للوزير السابق كانت تتم سراً أم أن نواب الشعب والأجهزة الرقابية كانت مشغولة بأمور أخرى بعيداً عن الحفاظ على المال العام، وماسبب تقديم البلاغ فى ذلك التوقيت.
وتذكروا معى منذ عام تقريباً تم فتح ملف وزير الإسكان السابق وفجأة وبدون سابق إنذار تم غلقه.. فلماذا تم فتحه ولماذا تم غلقه وما سبب إعادة فتحه مرة أخرى فالظروف أعتقد أنها واحدة فى كل مرة.. إذن ما سبب السكوت طوال هذه الفترة، وقد يدعى بعض نواب المجلس الموقر أنهم فتحوا ملف الوزير السابق فور توافر المستندات لديهم، وإن كان ذلك الإدعاء مردود عليه بأن لهم الحق فى طلب أى مستندات من أى جهة من خلال مجلس الشعب ومن خلال استخدام أدواتهم الرقابية.. ما علينا.. وأين كانت الأجهزة الرقابية فهل كانت هذه الجهات تنتظر لحين ورود بلاغات ضد الوزير السابق وهذا فى الغالب لن يحدث إذ أن طبيعة الإنسان المصرى البعد عن المشاكل والصدامات، خاصة إذا كانت مع الكبار وأصحاب الحظوة والصفوة والمواطن لديه قناعة أن أى شكوى سيتقدم بها ضد أى مسئول سيكون مصيرها الحفظ فمابالك إذا كان وزيرا بوزن محمد ابراهيم سليمان.
وأعتقد أن القضية كان سيكون لها طعم آخر إذا كان قد تم فتح ملف الوزير السابق ومحاسبته إن ثبت إدانته وهو جالس على كرسيه، أم أننا لانستأسد إلا على الضعفاء ممن فقدوا أسلحتهم وأصبحوا فى صفوف الشعب مثلى ومثلك، وأنا لا أدافع عن المسئولين السابقين المتهمين بالفساد بل أطلب محاسبتهم وتوقيع أشد العقاب عليهم، ولكنى ألوم من سكت عليهم طوال سنين توليهم مواقع المسئولية.
وأطلب محاسبة حزب الساكتين، فمثلما يسمى فريقنا القومى فريق الساجدين ونفتخر بهم فى كل مكان فلدينا مجموعة ليست بقليلة من الساكتين عن الحق وهم من توافرت لهم الأدوات الرقابية – من نواب وأجهزة – وتقاعسوا عن استخدامها وسكتوا عن من أفسدوا فى الأرض إلى أن توحشوا، وهؤلاء الساكتين أخطر من الفاسدين من وجهة نظرى لأنه إذا صلحت الأجهزة الرقابية وأدت دورها لما توحش أمثال هؤلاء.
وفى نهاية حديثى أوجه رسالة لكل من توافرت لديه أدوات الرقابة:
"حاسِبوا قبل أن تُحاسبوا".
القارئ أحمد إسماعيل أحمد يكتب: حاسِبوا قبل أن تحاسبوا
الثلاثاء، 26 يناير 2010 11:31 ص
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة