محمد حمدى

عن اليمن الحزين

الأحد، 24 يناير 2010 12:32 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قديما كان اليمن يقترن اسمه بوصف السعيد، لكن هذه السعادة لم يعد لها مكان، وحل محلها الحرب والحزن والخراب، فهذا البلد الذى لم يخرج بعد من دائرة الفقر، سقط فى أتون ثلاثة حروب مرة واحدة، الأولى فى الشمال مع الحوثيين المطالبين بالاستقلال وإقامة دولة شيعية، والثانية مع تنظيم القاعدة والقبائل الموالية له فى الجنوب، ثم مع الحراك الجنوبى الذى يسعى لفصل الجنوب عن الشمال.

أمام اليمن توجد الصومال، وهى كانت دولة حتى تم الانقلاب على رئيسها محمد سياد برى فدخلت منذ هذا التاريخ أتون حرب أهلية لم تتوقف منذ عام 1991 حتى الآن، بدأت بصراع قبلى على السلطة، وانتهت بصراعات قبلية ودينية طاحنة وتدخلات إقليمية تسعى لاستمرار هذا البلد فى حالة حرب دائمة وضعت الصومال على رأس الدول الفاشلة فى العالم.

اليمن الذى يواجه الصومال يتعرض لنفس المصير تقريبا، أى دولة فاشلة تفتتها الحروب الأهلية وتقضى عليها، حتى يصبح التدخل لاحتواء ما بها من حروب واقتتال أمرا فى غاية الصعوبة، إن لم يكن مستحيلا.. ليس فقط بسبب القبائل والمذاهب المتصارعة، ولكن لأن الحرب فيه تأخذ أبعادا إقليمية وتدور على أرضه عدة حروب بالوكالة، نيابة عن دول وقوى أخرى تتصارع فيما بينها فى أماكن أخرى وتصفى حساباتها على أرض اليمن.

ولم يعد خافيا على أحد، أن الحرب مع الحوثيين هى فى الواقع صراع بين مشروعين الأول قومى عربى تمثله اليمن، والثانى إمبراطورى إيرانى يسعى إلى مد نفوذه فى المنطقة العربية بأكملها والامساك بأوراقها كافة، حتى تدعم مواقفه حين يأتى الوقت اللازم للجلوس مع الغرب لتصفية الملفات وتقسيم النفوذ.

أما القاعدة فقد كانت اليمن بحكم الجوار الجغرافى مع السعودية، من ناحية، وانعدام سلطة الدولة على القبائل من ناحية أخرى محطة مهمة لمعظم التنظيمات الإسلامية المسلحة، وقد أدلى المتهمون فى القضية التى عرفت إعلاميا باسم "العائدون من ألبانيا" عام 1989 باعترافات تفصيلية عن كيفية تحول اليمن إلى محطة مهمة لجأ إليها قادة الجماعة الإسلامية والجهاد فى منتصف تسعينات القرن الماضى، قبل العودة إلى أفغانستان مرة أخرى.

ومن بين الوثائق المهمة وثيقة كنت قد حصلت عليها قبل عدة أعوام تكشف عن توجيهات من قيادة القاعدة فى السعودية للتوجه إلى اليمن، والاستقرار فيها ومحاولة السيطرة على هذا البلد، وإسقاط الحكم فيه وإقامة إمارة إسلامية تحكمها القاعدة، بعد فشل الحرب التى خاضها التنظيم ضد السلطات السعودية.

ولا تقف مشاكل اليمن عند كونها مسرحا لحروب إقليمية وتنظيمات إسلامية، لكن الخطر الأكبر على هذا البلد يكمن فى تبعات عدم تحول الوحدة الطوعية بين شمال اليمن وجنوبه فى عام 1990 إلى واقع يتفسر على الأرض، وشعور أهل الجنوب بالتمييز وانعدام تكافؤ الفرص والنمو مما أدى إلى شن حرب فى عام 1994 لمنع الجنوب من الانفصال مرة أخرى.

ورغم مرور عشرين عاما على الوحدة اليمنية لا يزال الجنوب يعانى التهميش وعادت دعوات الانفصال لتبرز من جديد وبشكل علنى وهو الأمر الذى يضع اليمن فى مفترق طرق صعب.

من قبل سقطت فلسطين ثم الصومال والعراق، والآن نستعد لنعى اليمن، وتمزيق السودان.. فهل سنستمر فى نفس الطريق.. ونشيع كل عدة سنوات بلدا عربيا، يسقط فى أتون احتلال أو حروب أهلية.. أم يعى العرب ما يحيق بهم ويؤمنون بالديمقراطية والتعددية والتنوع للحفاظ على بلدانهم وأمتهم؟!








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة