فى أحدث كتبه "شخصيات ومواقف"، يتناول الدبلوماسى والكاتب المعروف الدكتور وليد عبد الناصر سفير مصر فى اليابان الحديث عن دور الشخص فى صناعة التاريخ من خلال تناول عدد من الشخصيات المهمة من داخل مصر وخارجها تصل إلى ثلاثين شخصية.
ورغم تركيز المؤلف فى الكتاب الصادر فى يناير 2010 عن دار الهلال على الشخصيات المصرية بحكم الانتماء، فإن طبيعة الاهتمام ومساحة العمل تجعله قادرا على الإشارة لعدد متنوع من الشخصيات المختلفة ليس فقط من ناحية الجنسية- ولكن وهذا هو الأهم- من حيث الخلفيات والاهتمام ومجال العمل والإنجاز.
وفى هذا السياق يتناول الكتاب مواقف من حياة تلك الشخصيات فى صورة أشبه بتركيز الكاميرا على لقطات مميزة من الأحداث وإبراز تلك الأحداث والربط بينها عبر خط ومعنى واحد مفاده أن الفرد له دور مهم فى رسم الأحداث التى تخص الأمم ومجالات النشاط والحراك العالمى. وهو ما يركز بشكل غير مباشر على دور الفرد كأحد الفاعلين الرئيسيين فى صنع القرار وصناعة الحدث ورسم الحاضر وتشكيل المستقبل.
فكل فرد أيا كان مكانه وأيا ما كان نطاق عمله واهتمامه قادر على تشكيل الكثير من الأحداث حوله، سواء بالتأثير فى الآخرين أو فى الأحداث ذاتها بصورة مباشرة. كما يؤكد على أن هذا الأثر يتجاوز حدود الجغرافيا والتاريخ فى الكثير من الأحيان: فالفرد قد يمتلك أثرا عابرا للحدود، وهو الأثر الذى يجعله قادرا على التأثير فى أحداث تقع فى مناطق جغرافية بعيدة، كم هو الأثر الذى ارتبط بالعديد من الشخصيات الثورية والكاريزمية، بالإضافة إلى أن هذا الأثر داخل الدولة الواحدة قد يتجاوز حدود اللحظة الزمنية ليرسم الكثير من التطورات المستقبلية سواء لتلك الدولة أو الأقليم أو الصعيد الدولى نفسه.
وبهذا ومن خلال تناول تلك الشخصيات يعيد المؤلف التأكيد على دور العنصر البشرى فى التأثير، وهو أحد الاقترابات المهمة فى تفسير الأحداث وصنع القرار بالإضافة إلى اقترابات أخرى تؤكد على دور المؤسسات أو دور القوانين وغيرها من الأطر المؤثرة بدورها على عملية صنع القرار كالرأى العام مثلا، أو صنع التاريخ كما هو الحال هنا من خلال التأثير على مجال عام، أو اختراق حدود الجغرافيا واللحظة الزمنية، فالفرد كما يتضح من تلك الحالات التى يعرض لها المؤلف، قد يكون قادرا فى الكثير من الأحيان، وفى ظل سمات شخصية معينة وظروف ملائمة، على ممارسة دور مؤثر فى الحاضر والمستقبل.
يضاف لهذا أن القدرة على التأثير لا تقتصر على نطاق محدد، فهى ليست حكرا على العمل السياسى مثلا ولكن تمتد لتشمل أدوار اقتصادية أو ثقافية أو فنية مهمة فى فترات تاريخية مختلفة.
وللموضوعية حرص المؤلف دكتور وليد عبد الناصر حرص على التأكيد على عدة نقاط، وهى: أن قيامه بتناول تلك الشخصيات لا يعنى أنهم شخصيات بلا أخطاء، ولكنه يؤكد على الطبيعة البشرية للشخصيات التى تناولها، فكلهم بشر اجتهدوا فأصابوا وأخطأوا. كما يؤكد على التناول الموضوع البحثى خاصة وأن بعض الشخصيات الواردة فى الكتاب للمؤلف علاقة مباشرة بها وهو ما جعله يؤكد على أن كتابته لم تتم فقط بناء على تلك المعرفة الشخصية ولكن من خلال الكثير من القراءات المعمقة عنها.
وفى النهاية يمكن القول إن الكتاب يكتسب أهميته من عدة نقاط أساسية لعل أولها طبيعة ما يقدمه حول دور الفرد، بالإضافة لما يبرزه من معلومات وأحداث ترتبط بتلك الشخصيات خاصة وأن بعض تلك الشخصيات لم ينل حظه الكاف من التناول الإعلامى وهو ما يبرزه الكتاب بشكل شيق يستحق القراءة لكل متابع ومهتم، ولكل مؤمن بدور الفرد مهما كانت التحديات فى بعض الأحيان.
من أبرز الشخصيات التى تناولها الكتاب:
من ضمن الشخصيات التى تناولها المؤلف: الرئيسان جمال عبد الناصر ومحمد أنور السادات والمشير عبد الحكيم عامر والأسطورة الثورية تشى جيفارا والمفكرين جمال الدين الأفغانى والإمام محمد عبده والأستاذ محمود أمين العالم والدكتور محمد السيد سعيد، والرئيس الفنزويلى هوجو تشافيز، والدكتور مراد غالب وزير الخارجية الأسبق، والسيد محمد فائق وزير الإعلام الأسبق، والسيد أمين هويدى وزير الدفاع الأسبق، والسيد محمود عبد الناصر أمين عام رئاسة الجمهورية الأسبق، والكاتب الصحفى محمود عوض، والناشطة السياسية شاهندة مقلد، والأديب الكبير جميل عطية إبراهيم والأديبة نعمات البحيرى، ومن الفنانين العندليب عبد الحليم حافظ، والمخرج السينمائى يوسف شاهين، والمخرج المسرحى توفيق عبد اللطيف، ومن الناشرين يتناول المؤلف الحاج مدبولى.