منذ كنت طفلة صغيرة وأنا أحلم بالنجاح والتفوق والتميز، وكثيراً ما سألت نفسى هل سأستطيع أن أحقق كل طموحى وأحلامى؟ وهل هناك من يصل إلى كل ما يصبو إليه؟ أم أن كل خطوة فى طريق النجاح توازيها خطوة أو خطوات فى فقد شىء، أو أشياء أخرى.. لا أعلم هل أنا متشائمة أم واقعية وأرى الدنيا بوضوح، فدائماً ما أتذكر مقولة "محدش بياخد كل حاجة، وربنا بيقدر لكل واحد نصيبه من متع الحياة المختلفة كالمال، السلطة، الزواج، الأبناء، الصحة، النجاح، الشهرة ، راحة البال، وغيرها من متع الحياة والتى تختلف فى قيمتها وأهميتها كما تختلف أجسادنا وعقولنا.. لا أعلم إن كنت بالفعل واقعية وأفكر بالشكل الصحيح أم أننى أصبحت متشائمة من كثرة ما مر بى فى حياتى، وإن كان ما مررت به لا يعتبر سوى لحظات قصيرة من الألم و الإحباط والحزن بالنسبة للكثيرين الذين أعلم أنهم يتمنون أن يحيوا حياتى ليستمتعوا بكل ما فيها من متع وراحة ورفاهية ونجاح، وسأروى قصتى فربما تراجع بعض هؤلاء عن تمنى حياتى، وربما تمسك الآخرون بها.. ربما فلا أحد يعلم كيف يفكر الآخر!!
أنا فتاة من أسرة صغيرة، محترمة، طيبة، ومتفاهمة، تخرجت منذ سنوات وأعمل بأحد الشركات الخاصة وأشعر بالرضا عن حياتى العملية، كما أشعر بالرضا عن شخصيتى وشكلى ومظهرى، ولى العديد من الزملاء ولكن قليلا من الأصدقاء، ولكننى لا أشكو هذا فالصداقة حاليا أصبحت نادرة فان وجدتها فى شخصين أو ثلاثة فأنت إنسان محظوظ بالتأكيد، فالصديق الوفى حاليا أصبح كالكنز المفقود يبحث عنها الكثيرون ولا يجدها إلا ذوى الحظ السعيد !!
إذن فما هى المشكلة أو ما الذى أشكو منه مادمت أتمتع بالرضا عن الكثير من جوانب حياتى ربما ما أشكو منه هو شىء قد يتعجب له الجميع وهو "قدرى" أو "جزء من قدرى"، فقدرى أن أصبح عضوة من أعضاء أسرة ذات مستوى اجتماعى ومادى مرتفع أو فوق المتوسط!!
أعلم أنه سبب غريب وغير منطقى وربما يعتقد الكثيرون إنه محاولة فتاة مرفهة إلى خلق أية مشكلة أو أزمة لتحيا بها، ولكننى ولله الحمد لا أحاول أن أصنع مأساة من لا شىء أو أحاول أن أفسد حياتى، ولكن ومع الأسف الشديد هذا المستوى الاجتماعى والمادى المتميز أصبح الحجر العثر فى زواجى !!
ولا أعلم لماذا أصبح العديد من الرجال يخشونى ؟ لقد أصبح سبب اعتذار العديد من الذين جاءوا للتقدم لى أو لطلب يدى هو شعورهم بتفوقى المادى والاجتماعى والأسرى عليهم، وليس لأى سبب آخر، فالحمد لله يحدث قبول وانجذاب لشخصيتى وشكلى ومظهرى وتدينى واحترامى لذاتى وللآخرين، ولكن حين يبدأ السؤال عن أين أسكن ؟ أو أين أعمل ؟ أو ماذا يعمل والدى أو والدتى أو إخوتى يبدأ التردد ثم الانسحاب والاعتذار ؟ ولا أعلم لماذا لا يكلف هذا الخاطب نفسه مشقة سؤالى عن استعدادى لقبوله أم لا ؟ ولماذا لا يذكر وبشكل مباشر ظروفه وامكانياته المادية وظروف أسرته الاجتماعية، ويدع لى وله الفرصة أن نفكر ونرى إن كان كل منا يصلح للآخر أم لا ؟ لماذا يفكر الرجل المصرى والعربى أنه يجب أن يكون المتفوق فى جميع المجالات على شريكة حياته ؟ ولماذا لا يثق الرجل فى شخصيته وأخلاقه ودينه وطموحه ؟ ولماذا لا يفكر أن لكل منا مشاكله وأزماته وأن صاحبة المستوى الاجتماعى أو المادى المرتفع هى الأخرى قد تعانى من مشاكل مختلفة فى حياتها، فبالتأكيد حياتها ليست ربيع وسعادة دائمة ؟ ولماذا لا نرى أو نحكم إلا على المظاهر البراقة فقط ؟ لماذا لا نرى الجوهر والأصل والمعدن الطيب والأخلاق ؟ ولماذا لا يع الرجل أن العديد من تلك الأسر الميسورة الحال لم تصل إلى هذا بين يوم وليلة ولكنهم كانوا مثله فى يوم ما، واجتهدوا وكافحوا ووفقهم الله ويسر لهم رزقهم حتى استطاعوا أن يرتقوا ويصلوا إلى المركز المرموق و الحالة المادية الميسورة والتى توفر لأبنائهم وبناتهم حياة كريمة تقيهم شر العوز والاحتياج فى المستقبل؟
لا أعلم هل لو علم بعض الآباء والأمهات أن بسبب سعيهم ودأبهم لعمل حياة كريمة لبناتهم سوف يكون السبب الرئيسى فى أن تحصل بناتهم وبجدارة على لقب "عانس"،هل كانوا سيظلون يسعون إلى تلك الحياة الكريمة أم لا ؟ لا أعلم ولكن ما أعلمه جيداً أنهم الآن يتمنون أن تجد كل فتاة من بناتهم الرجل المناسب الذى لا يعاقبها على قدر ليس ذنبها!!
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة