اختلف النقاد السينمائيون حول أسلوب التناول السينمائى لأحوال "المهمشين" فى مصر ، والتى يتبناها حاليًا المخرج" خالد يوسف" فى أفلامه، وذلك بدءًا بفيلم "حين ميسرة"، مرورًا بفيلم "دكان شحاتة"، وحتى فيلمه الأخير " كلمنى شكرًا "، حيث لاقت إعجاب البعض، وهاجمها البعض الآخر بضراوة مقارنين بينها، وبين أفلام الثمانينيات، والتى قدمها لنا مجموعة من صناع السينما المصرية مثل داود عبد السيد، وعاطف الطيب، وخيرى بشارة، وغيرهم، منتقدين اعتماد يوسف على الإفيهات، والمشاهد الجنسية على حساب القصة.
الناقد" رفيق الصبان" قال :"إن أهم أخطاء خالد يوسف هو التكرار والنمطية، وذلك بالتزامه قالبا واحدا فى عرض أفلامه، ومناقشتها، وهو ما يحصره فى خانة التوقع ،والتنبؤ بما سيقدمه فى أفلامه المقبلة"، كما تعجب الصبان من تمسك يوسف بالإفيهات والمشاهد الجنسية كعامل جذب لأفلامه. مشيرًا إلى أنه بلغ مرحلة النضج الفنى الذى لا يحتاج فيه لمثل هذه الأساليب التى يستخدمها المخرجون المبتدئون لجلب الشهرة وغيرها.
ومن ناحية أخرى فقد ناقش صناع سينما الثمانينيات نفس الموضوعات لكن بأسلوب تميز بالجدية، وتسليط الضوء على مواطن المشكلات بشكل مباشر، وأكثر ذكاء.
الناقد" طارق الشناوى" يرى أن فيلم " كلمنى شكرًا " لـ" خالد يوسف" حمل تصالحًا مع الأجهزة الحكومية، وهو ما يعكس توجهًا جديدًا فى رؤية يوسف الفنية، والدليل هو اختفاء حدة ما قدمه يوسف حول معيشة المصريين فى فيلميه " حين ميسرة، ودكان شحاتة "، إضافة إلى إلقاء جزء من ذنب الحياة الضنك التى يعيشونها على المواطن نفسه، وهو ما ظهر فى صاحب المخبز الذى يبيع الدقيق فى السوق السوداء.
وأضاف "الشناوى" أن مسألة الجنس ليست المعيار الوحيد لقياس تحقيق الفيلم أهدافه المرجوة من عدمها، وإنما الأهم هو انعكاس صدق المخرج، والمؤلف، والمنتج، والممثلين على الشاشة حتى يقتنع المشاهد، وهو ما أجاد صناع سينما الثمانينيات تقديمه فيما يسمى بـ " الواقعية السحرية"، بمعنى أنهم وضعوا أيديهم على الجرح، وحاولوا معالجته بشكل أكثر عمقًا من فيلم "خالد يوسف" الأخير " كلمنى شكرًا " الذى شعر الجميع بتضمينه للعديد من المشاهد الجنسية "المتعمدة"، وهو ما يوضح لنا أن" خالد يوسف" يقدم فى أفلامه حكايات رغم أنه من المفترض أن يقدم أفكارا ويترك الحكايات للدراما التليفزيونية، وهو ما يتعارض مع مبدأ الحكايات فى المسلسلات، والأفكار فى الأفلام...
وعلى النقيض ،ورغم اعترافها أن" خالد يوسف" اهتم بالشخصية على حساب الحدوتة فى فيلمه الأخير " كلمنى شكرًا"، إلا أن الناقدة" ماجدة خير الله" ترى أنه استطاع أن يكون نجم هذا الفيلم، والذى لم يستند فيه على نجوم بخلاف "غادة عبد الرازق"، إلا أن اسمه كان كفيلا بجذب المشاهدين ، واهتمام وسائل الإعلام، وفى الوقت ذاته استطاع صناعة نجم جديد للسينما المصرية، وهو الفنان" عمرو عبد الجليل".
وفيما يتعلق بالفارق بين" سينما الثمانينيات"، و"السينما الحالية" خاصة أفلام" خالد يوسف"، تساءلت ماجدة: لماذا نتعجب من وجود بعض المشاهد الساخنة فى أفلام "خالد يوسف" فى حين أن "سينما الثمانيات" كانت مليئة بهذه المشاهد وأكثر منها؟! فعندما نبحث مثلا فى فيلم " زوجتى والكلب" نجده يقدم مشاهد أجرأ من مشاهد "خالد يوسف"، إضافة إلى أن الفضائيات المصرية تقدم جرعة جنسية أكبر بكثير من التى يقدمها يوسف فى أفلامه، إلا أن هذا لا يمنع تفوق سينما الثمانينيات بعذوبتها، ورقة تناولها للقضايا.