القارئ أحمد حامد يكتب: الإعلام صناعة رأى

الجمعة، 22 يناير 2010 10:05 ص
القارئ أحمد حامد يكتب: الإعلام صناعة رأى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لقد أصبح الإعلام لغة عصرية وحضارية لا يمكن الاستغناء عنها أو تجاهلها، مما يتطلب فهمها واستيعابها من خلال امتلاك مقوماتها وعناصرها ومواكبة التطورات التى تشهدها وسائله المختلفة، حيث تعددت أدوات الإعلام وتنوعت، وأصبحت أكثر قدرة على الاستجابة مع الظروف والتحديات التى يفرضها الواقع الإعلامى، الذى بات مفتوحاً على كل الاحتمالات فى ظل ما تشهده أدواته ووسائله المختلفة من تطورات وابتكارات نوعية، بررت تناوله وطرحه العديد من القضايا التى أحدثت اهتماماً واسعاً ولافتاً فى مختلف الميادين والاتجاهات.

إذا كان من حق الرأى العام أن يعرف الحقيقة ويتابع ما يجرى من أحداث على الساحة المحلية والإقليمية والدولية، فإن التعاطى مع هذه الأحداث ونشرها ومتابعة ما يجرى منها، يجب أن يتم وفقاً لضوابط مهنية ومعايير أخلاقية وإنسانية وموضوعية تراعى ظروف المجتمع ومزاج الرأى العام، مما يعنى ضرورة التوازن بين حق الجمهور بالمعرفة، وبين الضوابط والمعايير المهنية الإعلامية وباعتبار أن المعايير الفاصلة بين إعلام وآخر هى فى النهاية معايير مهنية وأخلاقية فى نفس الوقت.

إن أهمية الإعلام لا تكمن فى اقتنائه ومجاراة الآخرين فى استخدامه وتوجيهه، وإنما فى كيفية استعماله وتوظيفه بشكل هادف وعلى نحو يجعله قادراً على التعبير الموضوعى عند تناول القضايا المختلفة، بحيث نضمن وسائل إعلام بإطار مرجعى كفيل بتوفير تغطية منهجية تتماشى مع قواعد الإعلام والأسس القائم عليها بعيداً عن العفوية والارتجال، وربما هذا ما تفتقد له الكثير من وسائل الإعلام فى وقتنا الراهن مع كل آسف، بعد أن رهنت سياساتها وتطلعاتها بالتعايش مع متطلبات السوق "الإعلامية" بما يضمن لها ترويج سلعتها الإعلامية فى أكبر عدد ممكن من الأسواق لضمان وصولها بالتالى إلى أكبر عدد ممكن من الجمهور، وهذا هو الشىء الذى ربما أفسح المجال لحدوث ممارسات إعلامية خاطئة وغير مسئولة أفرزت حالة من الشك حول حقيقة دور وسائل الإعلام ومصداقيتها، وما إذا كانت تقوم بالفعل بتأدية رسالتها المفترضة بما هى توعية وتثقيف أم لا وإن كنا فى مصر نفتقد عصور الريادة الإعلامية، خاصة الإعلام الرسمى الذى انصرف فى الآونة الأخيرة إلى أشياء وقضايا ليست ذات جدوى وترك مهمته الأساسية نحو المواطن المصرى.

ولا شك بأن ظاهرة الإرهاب تحظى باهتمام الشعوب والحكومات فى شتى أنحاء العالم لما لها من آثار خطيرة على أمن الدول واستقرارها، بعد أن اتضح أننا أمام ظاهرة إجرامية منظمة تهدف إلى خلق جو عام من الخوف والرعب والتهديد باستخدام العنف ضد الأفراد والممتلكات؛ مما يعنى أن هذه الظاهرة الخطيرة تهدف إلى زعزعة استقرار المجتمعات والتأثير فى أوضاعها السياسية وضرب اقتصادياتها الوطنية مما يخلق حالة من الفوضى العامة تؤثر على مسيرة التنمية فى هذه الدول، ولا شك أن دور بعض وسائل الإعلام فى تضخيم الأعمال الإرهابية وآثارها التدميرية فى المجتمع التى تثير خوف الرأى العام وتؤلبه ضد الحكومات بحجة عجزها عن حماية أمنه.

ولذلك يتعمد الإرهابيون إلى التسلح بوسائل الإعلام المختلفة لتسويق أغراضهم وغاياتهم وتوظيفها فى تضليل الأجهزة الأمنية واكتساب السيطرة على الرأى العام عن طريق نشر أخبار العمليات الإرهابية التى يقومون بتنفيذها على اعتبار أن الحملات الإعلامية التى تغطى هذه العمليات تساعد على تحقيق واستكمال أهداف الإرهابيين، الذين يرون فى التغطية الإعلامية لجرائمهم معياراً هاماً لقياس مدى نجاح فعلهم الإرهابى، لدرجة أن البعض اعتبر العمل الإرهابى الذى لا ترافقه تغطية إعلامية عملاً فاشلاً، من هنا يأتى استغلال الإرهاب للإعلام لترويج فكره الإرهابى ودعمه من خلال محاولاته المستمرة فى البحث عن الدعاية الإعلامية.

الأمر الذى يجعلنا نسلط الضوء على أبرز سمات المعالجة الإعلامية العربية للظاهرة الإعلامية من حيث تركيزها على الحدث أكثر من التركيز على الإرهاب كظاهرة لها أسبابها وعواملها، حيث تتوارى فى الغالب معالجة جذور هذه الظاهرة وأسبابها العميقة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والدينية ما يجعلها تبدو وكأنها مجردة ومطلقة، حيث تسود فى الغالب معالجة العملية الإرهابية كحدث منعزل وليس كعملية تجرى فى سياق معين وتحدث فى بيئة معينة، إضافة إلى هيمنة الطابع الإخبارى على التغطية الإعلامية وتغييب التغطية ذات الطابع التحليلى والتفسيرى، الأمر الذى يؤدى إلى بقاء المعالجة الإعلامية على سطح الحدث أو الظاهرة ما يضعف قدرتها على الإقناع ويفقدها التأثير الفاعل والملموس، كذلك تفتقر وسائل معظم وسائل الإعلام العربية إلى كادر إعلامى مؤهل ومختص، قادر على تقديم معالجة مناسبة لهذه الظاهرة فيتم الاعتماد على مذيعين عاديين أو مقدمى نشرات تجدهم فى معظم الأحيان يفتقرون إلى الثقافة الإعلامية أو حتى طبيعة الحدث الذى هم بصدده إلى جانب افتقار هذه الوسائل إلى الخبراء والمختصين فى المجالات الأمنية والاجتماعية والنفسية والتربوية لمواجهة أية أحداث لإقناع المشاهد بحقيقة الحدث وعدم الانسياق وراء التضخيم الإعلامى الذى يؤدى فى معظم الأحيان إلى نتائج عكسية إضافة إلى ذلك يجب التركيز على المسألة العلاجية للظاهرة الإرهابية، لا على تغطية الحدث الإرهابى، وضرورة الانتقال من التركيز على تفاصيل العمليات الإرهابية وردود الأفعال الرسمية والشعبية إلى تقديم رؤى تساعد القارىء أو المشاهد على تكوين رأى وطنى.

فى النهاية لا بد أن نعلم تماما الإعلام يخلق أحياناً حالات شعورية كاذبة لدى البشر لذا يجب قيام إعلام مقاوم للاستغلال الشعورى لدى البشر قائم فقط على الحقائق المجردة من أى تفسير غيبى للأحداث وما أكثر من يستغلون الغيبيات فى الشرق الأوسط.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة