اهتمت صحيفة الجارديان البريطانية بالتعليق على اختيار محمد بديع، مرشداً عاماً جديداً للإخوان المسلمين، واعتبرت أن انتخاب بديع يقود الجماعة نحو التدمير الذاتى. وانتقدت الصحيفة فى التحليل الذى كتبه فواز جرجس، أستاذ سياسات الشرق الأوسط والعلاقات الدولية فى كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية، المرشد الجديد، واصفة إياه بالمحافظ المتطرف الذى يفتقد الرؤية السياسية والفكرية.
فى بداية التقرير الذى جاء تحت عنوان "الإخوان المسلمين: قيادة جديدة وسياسة قديمة"، يقول جرجس إنه لا توجد طريقة لمعرفة السياسات العربية أفضل من الوقوف على حالة جماعة الإخوان المسلمين التى تعد أقوى حركة معارضة منظمة دينياً فى مصر والعالم العربى.
فمع وجود فروع لها فى عدد من الدول العربية والإسلامية فإن جماعة الإخوان تصور نفسها بأنها بديل أكثر واقعية وقابل للتطبيق، للحكام العلمانيين السلطويين والمتشدديين الدينيين من أمثال القاعدة.
واختيار زعيم جديد منتخب لهذه الجماعة مؤخراً أفقد هذه الادعاءات مصداقيتها، على حد قول الكاتب، وكشف عن وجود انشقاق خطير داخل الجماعة الإسلامية التى يرجع تاريخها إلى أكثر من 81 عاماً. فبعد أسابيع من الاضطرابات والاقتتال الداخلى، أعلنت جماعة الإخوان المسلمين اختيار محمد بديع الذى وصفه الكاتب بأنه محافظ ومتطرف.
أعضاء الحرس القديم مثل محمود عزت، السكرتير العام وحارس بوابة أموال الإخوان وأسرارهم، ومحمدمهدى عاكف، المرشد العام السابق الذى عارض انفتاح الجماعة، كانت لهم اليد العليا، وتجاهلوا رغبات الكثير من الأعضاء الأصغر سناً الذين دعوا إلى الشفافية واحترام القواعد الانتخابية، وقاموا بترتيب النتائج سراً والإطاحة بالمعارضة.
ويكشف انتخاب بديع عن هيمنة الحرس القديم فى الجماعة الذين يتبنون عقيدة أسلافهم، وكان أغلبهم أعضاء فى شبكة سيد قطب العسكرية عام 1965.
والعديد من أتباع قطب مثل عزت وبديع وعاكف أمضوا 10 أعوام تقريباً فى السجون المصرية، وبعد إطلاق سراحهم منتصف السبعينيات مارسوا نفوذاً على هذه الحركة المؤثرة اجتماعياً.
ويوجه الكاتب انتقادات شديدة للمرشد الجديد قائلاً: رغم مكانته الأكاديمية كأستاذ فى علم الباثولوجى، إلا أن بديع ليس لديه رؤية فكرية أو سياسية لقيادة الإخوان بأسوب منفتح وشامل.
وكانت أبرز سماته هى الطاعة المطلقة للقوى الموجودة داخل المنظمة (عزت وعاكف) وكراهيته للإصلاحات، ورأى جرجس أن الهدف من انتخاب بديع هو الإبقاء على الوضع الراهن.
وبالتالى فإن الجناح الإصلاحى الذى يطالب بالشفافية والانضمام إلى صفوف المعارضة العلمانية عانى بذلك من انتكاسة كبيرة، بالإضافة إلى ذلك، فإن كبار الإصلاحيين مثل عبد المنعم أبو الفتوح والنائب المرشد السابق محمد حبيب فقدوا مقاعدهم فى مكتب الإرشاد وهو ما يمثل ضربة قاسية.
ويعنى ذلك أن الإخوان سيكونون مشغولون خلال السنوات الخمس القادمة بزيادة أعضاء الجماعة الذين وصلوا إلى أكثر من مليون، على حد تقدير الكاتب، أكثر من اهتمامهم بمساعدة المعارضة فى تحقيق تغيير سلم فى مصر، فالقيادة الجديدة سوف تمتنع عن استفزاز النظام الذى شن فى الآونة الأخيرة حملة على الجماعة، وسجن المئات من أعضائها.
ورأى المحلل السياسى أن نظام مبارك هو المستفيد الرئيسى من انتصار المتشددين الانعزاليين داخل جماعة الإخوان، فالجماعة بتهميشها لنفسها لن تهدد هيمنة الحزب الوطنى فى الانتخابات البرلمانية المقررة فى أكتوبر المقبل التى ستمهد الطريق، كما يقول الكثيرون لخلافة جمال مبارك.
ويستطرد فواز جرجس قائلاً: "إن قيادة الإخوان فشلت فى اختبارات الشفافية والمساءلة، بالتأكيد لا يمكن الوثوق فى أن حركة سياسية مغلقة من الداخل ومستبدة يمكن أن تمارس الديمقراطية عندما تصل إلى السلطة، ويعبر عن أمله فى أن الإصلاحيين من أمثال أبو الفتوح سيتجاوزون الهزيمة، وينقذون الإخوان من السير نحو التدمير الذاتى".
ويخلص الكاتب إلى أن هناك حجة مقتعة مفادها بأن الإخوان ومبارك وجهان لعملة واحدة. فمأساة السياسة العربية هى أن النخبة العلمانية الحاكمة والمعارضة الإسلامية القوية غير ليبرالية وغير ديمقراطية، ولا يوجد قوة ثالثة قادرة على البقاء فى الأفق العربى وتضىء هذا النفق المظلم.
للمزيد من الاطلاع اقرأ عرض الصحافة العالمية على الأيقونة الخاصة به.
بديع يعتبر اختياره مرشدا للإخوان اختبارا ربانياً
جانب من تقرير الجارديان
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة