فى أمتنا العربية تلعب الكاريزما والبروباجندا أهم الأدوار فى الحكم على الأمور، لذلك تجدنا أكثر شعوب الأرض تعلقاً وتقليداً لقصات شعر عمرو دياب، وملابس وشعر صدر تامر حسنى، وإنجذاباً لمهند، فلا سبيل للعقل أو التعقل، فالعقول مغيبة، والتفاعل مفقود، وإبداء الرأى عيب فى ذوات الفخامة والجلالة والسمو.
فى رحلة البحث عن رئيس لمصر، سيطرت المشاعر وليست العقول، مشاعر غاضبه من النظام الحالى وأوضاع الدولة، وعقول مستسلمة وراضخة منذ ما يقرب من ثلاثين عاماً لنفس النظام .
فى رحلة البحث عن رئيس: طُرحت أسماء وأفكار، فرضت على أصحابها انتقاد النظام المصرى الآن والآن فقط، فانتقاد السوء من باب الوطنية يجب ألا يرتبط بزمان ومكان وظروف.
فخرج الدكتور محمد البرادعى علينا بشروط عظيمة، والتى أتمنى أن تطبق على أرض مصر فى الخمسين عاماً القادمة- لا أعرف على من يفرضها (فالشروط تفرض ولا تطلب)، هل على الشعب المكلوم اليائس المستسلم أم على النظام المزمن المتغطرس، أم على الأحزاب السياسية أم على مطبخ الشعب؟
معذرة دكتور برادعى: أبشرك بالفشل الذريع فى كل الحالات، فلن تجد شعبا ثائراً يحملك على الأكتاف لقصر الرئاسة، أقصى ما ستجده تظاهرة مؤيدة عند وصولك لمصر، محاطة بآلاف عناصر الأمن المركزى محكومة بقانون الطوارئ.
وبالطبع لن يستجيب هرم السلطة وزبانيته فى التنازل لك طوعاً عن الكرسى، ولن تجد أحزابا أو حزبيين لديهم القدرة أو الصلاحية على الصمود ولو كانت لديهم الإرادة، وأبشرك آخرا وليس أخيرا بأن مجلس الشعب بكل فئاته خاضع لهيمنة الحزب الوطنى.
وفاجأنى السيد عمرو موسى بجرأته المغيبة منذ سنوات حمله لحقيبة الخارجية المصرية، فانتقد هو الآخر النظام الحالى فى مصر، وأيد الدكتور البرادعى فى شروطه، ولكنه كان أكثر وعياً بالواقع المر الأليم نظراً لقربه من السلطة فى مصر، فأقر بأن الطريق إلى رئاسة مصر مغلق، وبذلك أنقذ نفسه من ألسنة قرود القلم من روّاد القصور الرئاسية.
يشترك المرشحان فى الخبرة السياسية والكاريزما والتأييد الشعبى العليل، ويفتقدا الجدية فى خدمة وحب هذا البلد، فكل منهما عاش لسنوات وسنوات ينعم بالمنصب، ويعرف بالسوء، ويصمت عن النقد، خوفاً على الكرسى.
كل منهما يحظى بحب العامة وكراهية أمريكا وإسرائيل نظراً لتوجهاتهما الشاذة سياسيا عن رغبات البلدين، وهذه حلقة أخرى مفقودة، وهى دور بعض الدول فى تحديد رئيس مصر، نسيها أو تناساها من أيدوا وألحوا على الاثنين فى الترشح لرئاسة مصر، إما لطغيان كاريزما الرجلين أو سيطرة عاطفة المؤيدين.
نسى أو تناسى المحاورون والإعلاميون عند مخاطبة البرادعى أو موسى عند أول انتقاد لما آلت إليه الأحوال فى مصر، لماذا الآن بالذات تنتقد، وأين كنت منذ سنوات؟؟؟
فى رحلة البحث عن رئيس، ظل الجميع يهتف وينادى ويؤيد هذا وذاك، وتجاهل الجميع دراسة ردود أفعال ومخططات السلطة ووريثها الشرعى (فهو الابن) تجاه المرحلة القادمة، فماذا سيكون البرادعى مثلاً؟ رئيساً أم طريداً أم مقرباً؟
أشك فى أن يصبح البرادعى رئيساً لمصر فى ظل هياج الوسط السياسى الحالى، ومن يردد بأن مصر على أعتاب مرحلة التغيير فأظنه واهما، خاصة بعد شروط الدكتور البرادعى، إذن هو إما طريداً بالترهيب أو مقرباً بالترغيب.
لا أبالغ فى وصف الحالة ولا أهدف لتكريس اليأس ولكن أدعو للمضى قدماً فى رحلة البحث عن رئيس مطابق لمواصفات الجودة المصرية.
ملاحظة: مواصفات الجودة المصرية أن تجيد لغة الكرباج وتأميم القضاء وتكميم الأفواه وبناء الجدار وتصدير الغاز والحج إلى تل أبيب وتوفير الحشيش لملايين العاطلين تحت خط الفقر والحياة الآدمية.
وأخيراً عفواً أصحاب الفخامة والجلالة والسمو إن كنت تجرأت وأبديت رأيى.
*إعلامي
الدكتور محمد البرادعى
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة