خلال أزمة عقارات الهجانة المخالفة، تردد كثيرا مصطلح ثروة مصر العقارية، والتى ذهب البعض إلى أنها تصل إلى 500 مليار جنيه، عبارة عن قيمة مبانى وأراضى أقيمت عليها، وذهب البعض إلى أن هذه الثروة العقارية هى أهم وأكبر ثروة تمتلكها مصر.
والحقيقة أن هذا الكلام الذى يتردد بين الخبراء والمسئولين، وينتقل إلى الناس، يحتاج إلى تحليل دقيق، ليس فى تقدير حجم هذه الثروة المفترضة، وإنما فى التعامل معها على اعتبارها ثروة وقيمة مهمة فى الاقتصاد الوطنى.
لا أدعى معرفة كبيرة بالأمور الاقتصادية، لكن أن تصبح أهم وأكبر ثروات مصر مجرد مبانى سكنية أو تجارية فهذا أمر يبعث على القلق، لأن عوائد هذه الثروة العقارية الضخمة على الاقتصاد الوطنى ليس لها تأثير يذكر، فلا هى تسهم فى انتعاشه، ولا هى تدر موارد كبيرة، ولا هى أيضا تساهم فى حياة الناس بشكل كبير.
وقد يكون من الجائز الاعتاد على الثروة العقارية وحسابها ضمن الاقتصاد الوطنى فى بلاد أخرى، حيث الشوارع المخططة، والبناء وفقا للقانون، لكن كل هذا لا يزال غائبا عن مصر والتى تعد من أكثر دول العالم فى البناء العشوائى، حيث تبلغ المناطق العشوائية المسجلة نحو 1221 منطقة يسكنها نحو 15 مليون شخص، وتدخل مبانيها غير الأدمية ضمن هذه الثروة العقارية.
أما المناطق الشعبية المتدهورة فهى تفوق المناطق العشوائية فى عدد المبانى والسكان، مما يعنى أن نصف المبانى فى مصر لا تمثل ثروة بأية حال، وإنما تحتاج إلى إزالة وإعادة بناء لأنها تمثل خطورة على ساكنيها من ناحية، ولا تراعى اشتراطات البناء من ناحية أخرى.
أما إذا ذهبنا إلى ريف مصر فحدث ولا حرج، فقد تحولت القرى المصرية إلى مستعمرات من الطوب الأحمر والأسمنت، فى مزيج مشوه لا يمكن القول إنه يمثل أى طراز معمارى على الإطلاق.
وتعانى معظم البيوت المصرية من أزمة اسمها صيانة العقارات، وباستثناء حالات قليلة، نجحت فى تنظيم عملية الصيانة لأسباب خاصة جداً مثل أن يكون المنزل مملوكاً لأسرة واحدة أو يكون مسئولية شركة أو اتحاد ملاك يتسم بالفاعلية، تبقى المشكلة بدون حلول واقعية رغم تدخل الدولة بسن تشريعات ملزمة بصيانة المبانى.
ويعرف البعض الثروة بأنها وسيلة مهمة جدا فى حياة الإنسان والمجتمع، وهى مصدر قوة لهما، فهناك علاقة وثيقة بين الثروة والقوة، فمن يملك ثروة يملك قوة اقتصادية، تؤمن للإنسان الحماية من النكبات.
والثروة نوعان، الثروة الفردية وهى كل ما يملكه الإنسان من أموال نقدية أو عينية منقولة وغير منقولة. أما ثروة الشعب فهى كل ما يمتلكه البلد من ثروات طبيعية مادية وزراعية وحيوانية ومن طاقات بشرية منتجة، فهل يمكن اعتبار الثروة العقارية قوة للاقتصاد الوطنى المصرى؟ وهل تؤمن الحماية لأصحابها؟
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة