أكرم القصاص - علا الشافعي

د. خميس الهلباوى

رعب الاقتراب من الرئيس

السبت، 02 يناير 2010 06:56 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا يفتأ أى معلق أو مراقب أو ناقد للوضع السياسى فى مصر أن يبتعد ويمتنع ويخشى التحدث بصراحة عن رأى الرئيس ودوره المتوقع، والواجب فى مسألة تطبيق الإصلاح السياسى فى مصر بما فى ذلك من تعديلات دستورية أو وضع دستور جديد لمصر يبتعد عن جميع التشوهات الموجودة فى الدستور الحالى، بما فيها المادتين 76 و77.

ونحن نرى أن هذا الموضوع بالتحديد لابد أن يكون واضحاً أمام الجميع لأن الغموض الذى يكتنفه يفتح الطريق للتخمينات الخاطئة من المواطنين وافتراض سوء النية من جميع المسئولين، نتيجة لقيام بعض شاغلى الوظائف التنفيذية أو التشريعية فى الدولة أو المقربين منهم بالإيحاء تصريحاً أو تلميحاً بأن مجرد الهمس أو التحدث فى هذا الأمر إنما هو خط أحمر لا يجوز الخوض فيه، خوفا من السيد الرئيس شخصيا أو من بطش السلطات الممثلة للدولة بمن يقوم بذلك، أو من بعض من يستفيدون من إرهاب الشعب باسم الرئيس وباسم السلطة، فى حين أن الرئيس والسلطة براء من ذلك.

وبنظرة موضوعية لموقف مصر وفقاً لأمنها القومى فى الوقت الحالى بعد الحروب السابقة، وتوقيع معاهدة السلام مع إسرائيل، وبعد حوالى 29 عاما من حكم الرئيس مبارك نجد ما يلى:
1- أن الأمن القومى المصرى مازال مهدداً من إسرائيل طالما كانت إسرائيل مستمرة فى ممارسة اعتداءاتها على العرب والفلسطينيين وتصميمها على خططها التوسعية، بالرغم من معاهدة السلام مع مصر ومع الأردن، ولم تتوقف إسرائيل عن محاولات اختراق الأمن القومى المصرى.
2- أن المنطقة العربية مازالت منطقة ساخنة بالرغم من معاهدات السلام التى لم تترسخ بعد بسبب رغبة إسرائيل للتطبيع مع مصر ورفض مصر التطبيع إلا بشروط لم تقبلها إسرائيل بعد.
3- الموقف الإيرانى فى المنطقة غامض وغير واضح، والدليل على ذلك هو تهديدات إيران لدول الخليج العربى، واحتمالات الاعتداء عليها وتصميمها على تسمية الخليج بالخليج الفارسى، بالإضافة إلى الموقف الإيرانى النووى الغامض.
4- الموقف الداخلى ليس أكثر حظاً فى داخل مصر منه خارجه، فنجد مثلاً جماعات المجتمع المدنى والأحزاب السياسية الرمزية ليس لها توجه فى مصلحة مصر: فالإخوان المسلمون يصرون على الاستيلاء على حكم مصر وما وراء ذلك من مخاطر على الأمن القومى المصرى، وكان ذلك واضحاً خلال أزمة اعتداء إسرائيل على غزة بغرض تفريغها من سكانها لتسهيل تهويد فلسطين بالكامل، وتهليل الإخوان المسلمين لفتح الحدود، بالرغم من ضرر ذلك على الأمن القومى المصرى وسلامة أرض مصر، ومساعدتها لإسرائيل "ولو برفع الحذاء فى البرلمان" بتحقيق هدفها بترحيل شعب غزة إلى سيناء لنشر فكرة دولة الخلافة الإسلامية العالمية، والتضحية بأمن مصر القومى، وبهذا يكون الأمن القومى المصرى مهدداً من الداخل ومن الخارج، والأحزاب الأخرى كل همها الحصول على المعونة السنوية من الحكومة، وكلها تحمل شعارات غير مسئولة، مستبيحة الاستيلاء على الحكم بأى طريقة بدون وجود برامج سياسية جدية تسمح بتحقيق التغيير والتطوير بالمحافظة على الأمن القومى المصرى ودون المساس بأمن مصر.

وقد ترتب على هذا تحمل الرئيس أعباء خارجية وداخلية لحماية الأمن القومى لمصر وآخر تصريحاته هو أن أمن دول الخليج من أمن مصر، وبهذا يكون الرئيس مبارك يحقق مصالح الوطن العليا فى الأمن القومى خارجيا وداخلياً، فما هو الحال فى تحقيق مصالح المواطن المصرى وهو الشق الثانى من مسئوليات الرئيس؟.

بلا شك أننا نرى الآن انهيار الخدمات الداخلية وانتشار الفساد فى مصر، ومن أسباب هذا طبيعة نظام مصر السياسى الذى يركز جميع السلطات فى يد الرئيس منذ عهد الرئيس جمال عبد الناصر، مروراً بالرئيس السادات وصولا إلى الرئيس مبارك، فإذا أضفنا إلى ضعف أو انعدام ضمائر الكثير من المسئولين المعاونين للرئيس، تكون النتيجة هى الفساد، لأن الرئيس لا يستطيع مهما أوتى من قوة مراقبة كل شخص فى مصر ومراقبة أدائه، خاصة وأن الضمير الشخصى للعاملين بجهاز الدولة قد غاب عن العاملين بمعظم الأجهزة التنفيذية، وهذا الفساد فى رأيى بدأ نتيجة لفترة سيطرة مراكز القوى ما قبل حكم الرئيس محمد أنور السادات، وهى الفترة التى رسخت فى ضمير المواطن المصرى الخوف من السلطة التنفيذية، مما أدى إلى سيطرتها على السلطة التشريعية والسلطة القضائية، وعدم محاسبتها، وبالتالى إطلاق يدها فى الأمور الإدارية من أول الوزير إلى الخفير.

واستمر هذا الخوف وتزايد وترسخ فى ضمير الشعب المصرى حتى مرحلة حكم الرئيس مبارك، وبالرغم من أن فوضى حرية الصحافة وحرية إبداء الرأى الآن مكفولة للجميع، إلا أن الجميع مازال عنده فوبيا الخوف من التحدث فى بعض الأمور السياسية، ومنها الصراحة فى عرض المواضيع والمشاكل السياسية بطريقة مهذبة وحضارية مباشرة، وبدون لف ولا دوران.

ومما سبق نرى أنه لا يوجد على الساحة الآن شخص محدد بالانتخاب ولا بالتوريث، ولا بأى طريقة أخرى يمكنه القيام بمسئوليات قيادة النظام فى مصر، والجمع بين المحافظة على الأمن القومى المصرى الخارجى والداخلى، وفى نفس الوقت المحافظة على مصالح المواطن المصرى بالكامل، بإلغاء الفساد ونشر وسيادة الشفافية، فى ظل الظروف القائمة داخلياً وخارجياً، فى الوقت الذى لا يوجد دستور جيد يمكنه ضمان فصل السلطات ومحاربة الفساد، ونشر الشفافية أو فرضها. إن الرئيس مبارك يقوم بالتصرف الفورى الشخصى بالأمر بمعالجة المشاكل التى يعلم بها مثال "مشكلة أزمة الخبز، ومشكلة إضراب عمال المحلة وغيرها من المشاكل التى سمع بها.."، ولكن هذا لا يكفى فيجب أن تكون الخدمات كاملة متكاملة للمواطن.

والسؤال الآن، كيف يمكننا تخمين كيفية تفكير الرئيس فى المشكلة المعروضة الآن، وهى تغيير الدستور وتطبيق الإصلاح الديمقراطى السياسى، والمحافظة على الأمن القومى المصرى داخلياً وخارجياً فى نفس الوقت؟، وهو ما سوف يؤدى بالتالى إلى تسليمه المسئولية إلى من يليه بحيث يستطيع تحقيق الأهداف المرجوة المذكورة حتى تستطيع مصر وشعب مصر أن تجد مكانها تحت الشمس مرة أخرى، بعد أن غربت عنها تلك الشمس؟.

*دكتوراه فى الإدارة ورجل أعمال









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة