دعا الدكتور عبد الحليم نور الدين أستاذ المصريات بكلية الآثار جامعة القاهرة، المجتمع المصرى للمشاركة فى الضغط على مجلس الشعب للموافقة على مشروع تعديل قانون الآثار الحالى، مشيرا إلى أن هذا التعديل طالب به المجلس منذ عام 1998 ولم يقبل، ثم عام 1994، ولم يقبل أيضا، وحاليا يناقش القانون بمجلس الشعب.
جاء ذلك خلال الندوة التى أقامتها الدار المصرية اللبنانية بمقر المجلس الأعلى للثقافة بمناسبة الاحتفال باليوبيل الفضى لها، واستضافت كل من د.محمد محمد الكحلاوى أستاذ الآثار الإسلامية والأمين العام لاتحاد الأثريين العرب، وأشرف العشماوى المستشار القانونى للمجلس الأعلى للآثار.
وفى كلمته قال "نور الدين" إن قضية استرداد الآثار المصرية من الخارج لا تقل أهمية عن الاكتشافات الجديدة، ولا عن الحفاظ على الآثار الموجودة حاليا، وأنها قضية تحت الضوء فى السنوات الأخيرة، كما أنها لا تتمثل فى رأس نفرتيتى وحجر رشيد فقط، بل هى أكبر من ذلك، مؤكدا أن مصر تمتلك أدلة على خروج الكثير من القطع الهامة بطريقة غير شرعية، وأن استرداد "قشة" مصرية فهذا أمر هام، فلا يمكن تصنيف الآثار لمهم وغير مهم، وكل الآثار المصرية هامة ومن حقنا استردادها.
وأضاف نور الدين أن مصر وقعت على اتفاقية اليونسكو والتى تؤكد أن من حق أى دولة استرداد أى تراث لها موثق فى دفاترها، لكن المشكلة أن هذا القانون يطبق على الآثار التى خرجت بعد عام 1972، وما قبل ذلك على مصر إثبات خروجه بطريقة غير شرعية، والتفاوض مع الدول، مؤكدا أن مصر بموجب هذه الاتفاقية، وبالتفاوض استطاعت استرداد العديد من الآثار وكانت أكبر مجموعة تلك التى تم استردادها من إسرائيل والتى تكونت من 38 ألف قطعة أثرية سرقت من أرض سيناء.
وأكد نور الدين على ضرورة الحفاظ على الآثار المصرية داخل مصر وحمايتها من السرقة عن طريق تأمين منافذ الخروج من مصر جيدا، خاصة أن من يسرق الآثار ويهربها يمتلك كل الخدع لتشويه الآثار والخروج بها.
واستعرض المستشار أشرف العشماوى خلال الندوة القوانين المصرية الخاصة بالآثار منذ نشأتها، مشيرا إلى أن مصر لديها قانون لحماية الآثار منذ عام 1835، أيام دولة محمد على، وحذر هذا القانون من تصدير الآثار من مصر، وفى عام 1897 خرج مواطن أمريكى بآثار مصرية وكشف الحادثة مواطن مصرى، فقام بإبلاغ الخارجية المصرية وتم استرداد الآثار وكانت أول حالة استرداد للآثار، وفى عام 1912 ظهر قانون قسمة الآثار مع البعثات الأجنبية، وعن طريقه خرجت رأس نفرتيتى، وتم إلغاء هذا البند عام 1983 وجرم القانون خروج الآثار من مصر تماما.
وأشار العشماوى إلى أن المجلس يستند فى عملية الاسترداد على هذه القوانين المصرية القديمة واتفاقية اليونسكو، موضحا أنه لا يمكن عودة كل الآثار المصرية من الخارج، فهناك آثار خرجت كهدايا وهناك ما خرج بقانون القسمة وهناك ما كان يتم بيعه فى منفذ البيع بالمتحف المصرى، مضيفا: بالرغم من ذلك استطاع المجلس فى الـ15 عاما الماضية استرداد 6303 قطعة أثرية بخلاف القطع التى استردت من إسرائيل، مؤكدا أن عملية استرداد الآثار مكلفة جدا، وقد تصل إلى 800 ألف جنيه مصرى.
وأوضح العشماوى أن هناك لجنة للآثار المستردة بالمجلس الأعلى للآثار يترأسها وزير الثقافة تعمل على استرداد الآثار، وأعضاؤها ممثلون من الخارجية والأمن القومى وشرطة السياحة، وهذه اللجنة دورها هو البحث عن الآثار المصرية حول العالم وجمع الأدلة على خروجها بطريقة غير شرعية ومحاولة استرجاعها، مشيرا إلى أن الأهم هو وعى المواطن المصرى بأهمية هذا العمل، قائلا أتمنى أن أرى الفرحة متمثلة فى رفع علم مصر عاليا عند استقبال الآثار المصرية المستردة مثلما يستقبل لاعبى كرة القدم عند الفوز فى مباراة.
من جانبه، قال د.محمد الكحلاوى إنه يجب ترميم البشر قبل ترميم الحجر، بمعنى زرع الثقة والأمانة فى المصريين خاصة من يعمل بالآثار، عن طريق رفع وعى المواطن المصرى بأهمية الآثار، عن طريق بث فضائية خاصة بآثار مصر وتراثها وحضارتها، وانتقاء طلاب الآثار كما يتم انتقاء طلاب الشرطة والأمن والقضاء، مؤكدا أنه لا يوجد وعى لدى المصرى بأهمية الآثار، وأن المواطن المصرى الفقير والغنى يريد نهبها والدليل على ذلك هو مشروع القانون الذى تقدم به نواب الحزب الوطنى لمجلس الشعب والذى يبيح تجارة الآثار فى مصر، مقابل موافقتهم على القانون الجديد، قائلا إن هذا المشروع يوضح لنا من يسرق الآثار ويريد الاتجار فيها.
وطالب الكحلاوى بضرورة استرداد الآثار المصرية من الخارج، وما لن نستطيع استرداده فيكون لوجوده بالخارج مقابل، كأن يطلق اسم مصر على المتاحف الخارجية، وهنا أشار الكحلاوى إلى أن الآثار المصرية التى تخرج للمعارض الخارجية قد يتم تزويرها، وهو ما نفاه العشماوى، مؤكدا أن الأثر لا يمكن أن يتحرك من مكانه إلا من خلال فك الشفرة التى لا يعرفها سوى الأثرى المصرى المرافق للآثار الخارجة، كما انتقد الكحلاوى أعمال الحفائر الخاصة التى يقوم بها الأهالى ورد العشماوى قائلا إن مشروع القانون الجديد وضع عقوبة لمن يقوم بالحفر من الأهالى.
نور الدين يطالب المصريين بالضغط على مجلس الشعب للموافقة على قانون الآثار الجديد، والكحلاوى يطالب بفضائية عن الآثار..
العشماوى: أتمنى استقبال الآثار المستردة بالأعلام كالمنتخب
الثلاثاء، 19 يناير 2010 07:05 م