اهتمت الصحف العالمية فى عددها الصادر اليوم الاثنين بالتعليق على فوز الدكتور محمد بديع مرشدا عاما جديدا لأكبر جماعة معارضة فى مصر، الإخوان المسلمين، وذهبت إلى أن الزعيم الجديد الذى ينتمى لصفوف المحافظين فى الجماعة على ما يبدو لن يفرض تحديا أمام حكومة الرئيس مبارك، الأمر الذى دفع المحللين السياسيين إلى رؤية ذلك كمؤشر على أن القيادة الجديدة ستتبنى الدين نهجا لها أكثر من مساعيها لتوسيع نطاق تأثيرها السياسى.
وترى صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية أن نجاح بديع سيؤدى بشكل أو بآخر إلى انسحاب الجماعة من الساحة السياسية فى مصر، الأمر الذى قد تكون نتيجته إفساح المجال لظهور حركات أكثر راديكالية.
ومن جانبها، تنقل لوس أنجلوس تايمز عن ضياء رشوان، نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، قوله "بديع ليس منخرطا فى العمل السياسى، فهو جزء من الأيديولوجية، وهذا أحد سببين وراء اضمحلال دور جماعة الأخوان السياسى، أما السبب الثانى فيتمثل فى الضغوط الكثيفة التى تفرضها الحكومة".
وتقول "لو فيجارو" إن آخر حلقة من حلقات الأزمة الداخلية الطويلة التى تمر بها جماعة الإخوان المسلمين، قد انتهت يوم السبت مع الإعلان رسميا عن محمد بديع (66 عاما) مرشدا ثامنا لجماعة الإخوان. وقد تمت عملية تسلمه منصبه فى حضور مهدى عاكف (81 عاما) الذى أعلن فى الخريف الماضى عن انسحابه من مهامه، وهو ما يمثل سابقة فى تاريخ الحركة الإسلامية التى تأسست فى عام 1928، نظرا لأن جميع المرشدين السابقين ظلوا محتفظين بمكانهم حتى وفاتهم.
وتضيف الصحيفة أن بديع ينتمى إلى تيار "المحافظين" داخل جماعة الإخوان المسلمين. وهو التيار الذى يدعو إلى الأسلمة من خلال المجتمع، أى عن طريق التركيز على العمل الاجتماعى والدعوة للدين بدلا من المواجهة السياسية مع النظام.
حيث إنه، وفى سياق من القمع الشديد الذى تواجهه المعارضة، نجح هذا المرشد الجديد، الذى تعرض هو نفسه للسجن عدة مرات، فى إلقاء الكرة فى ملعب الحكومة يوم السبت عندما أشار فى خطابه الافتتاحى أمام عدد كبير من الكاميرات: "إن الإخوان المسلمين لم يكونوا أبدا أعداء للنظام".
وترى "لو فيجارو" أن انتصار "المحافظ" محمد عبد البديع بمنصب المرشد العام، يرسخ على الصعيد الداخلى للحركة، فشل ما يسمى بالتيار "الإصلاحى" الذى يراهن على مزيد من المشاركة النشطة للجماعة فى الحياة السياسية حتى لو اقتضى الأمر إثارة غضب النظام. وقد أظهر بالفعل الإصلاحيون علانية خلافاتهم مع الجيل القديم داخل الجماعة، وهو ما اعتبره الجميع أمرا غير معتاد بالنسبة لهذه الحركة التى تتسم عادة أمورها الداخلية بالسرية. وفى هذا الإطار تلفت الصحيفة النظر إلى غياب اثنين من رموز الإصلاح، محمد حبيب وعبد المنعم أبو الفتوح، من حفل تنصيب المرشد الجديد يوم السبت.
جماعة الأخوان، جماعة محظورة سياسيا، تقول لوس أنجلوس تايمز الأمريكية، ومع ذلك تمثل أكبر كتلة معارضة فى مجلس الشعب منذ عام 2005 عندما أمنت لنفسها أكثر من 20% من مقاعد البرلمان فى الانتخابات. ومع ذلك، يرى كثير من المحللين أن هيمنة المحافظين على القيادة، إلى جانب استمرار حملة الاعتقالات التى تشنها السلطات المصرية منذ العام الماضى، ستعيق فرص الأخوان المسلمين للحفاظ على وجود مؤثر فى البرلمان، ومن المقرر انعقاد الانتخابات البرلمانية المقبلة فى أبريل القادم.
ويقول المحلل السياسى خليل عنانى، إنه "مع وجود قيادة محافظة مثل تلك، لن تحظى الجماعة بالقوة الكافية لإلهام المجتمع المصرى سياسيا، تلك القوة التى طالما اشتهرت بها، على المستوى الشعبى".
أما بعيدا عن "المطبخ الداخلى" للجماعة، تعتقد صحيفة لوفيجارو أن الانقسامات الداخلية وخاصة فوز "المحافظين" الذى يجسده المرشد الجديد، يمكن أن يعيد توزيع أوراق اللعب على الساحة السياسية، لاسيما وأن مصر تستعد لفترة انتخابات حاسمة، سواء الانتخابات التشريعية فى شهر أكتوبر أو الرئاسية فى 2011.
واهتمت صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية بالتعليق على اختيار د.محمد بديع مرشداً عاماً جديداً للجماعة واعتبرت أن هذا الاختيار بمثابة انتصار للمحافظين داخل الجماعة، وتوقعت الصحيفة أن يقلل اختيار بديع لهذا المنصب من مشاركة الجماعة فى السياسة.
ورأت الصحيفة أن الضغوط المتزايدة على الإخوان المسلمين من قبل الحكومة، والتى تمثلت فى الحملة العنيفة ضد قادتها وأعضائها واعتقال عشرات منهم، تسببت فى حدوث انقسام بداخلها بين المحافظين القلقين على بقاء هياكل الجماعة ضد قلة من شباب الإصلاحيين الذين يريدون مزيد من المشاركة والانفتاح السياسى.
وتنقل الصحيفة عن عبد المنعم محمود وهو محلل إسلامى مستقل نشأ داخل جماعة الإخوان، إن بديع قائد ضعيف للغاية وسيقود الجماعة نحو الداخل وسيكون هدفه، كما يقول محمود، رأب الصدع داخل الجماعة بعد كل الخلافات التى ظهرت، خاصة وأن المناخ الحالى لا يسمح بالعمل السياسى.
وعن احتمال حدوث انقسام داخل الجماعة، يقول المحلل الإخوانى إنه لا يتوقع ذلك، فالإصلاحيون لا يمثلون تياراً حقيقياً داخل الجماعة بل هم عدة أشخاص ليس لديهم تأثير مؤسسى على الجماعة. وقد سمحوا لمخاوفهم السياسية بإلهائهم عن الحاجة إلى التواصل مع الأعضاء العاديين.
وأبرزت الصحيفة تصريحات بديع التى أدلى بها خلال مؤتمر صحفى عُقد بعد الإعلان عن اختياره، والتى قال فيها إن الجماعة لم تكن يوماً عدوة للنظام، وشدد على أن الإخوان يريدون انتقال تدريجى للمجتمع بالوسائل السلمية غير أنه لفت إلى أن الإخوان يعتبرون مشاركتهم فى الانتخابات والدعوة إلى الإصلاح واجباً دينياً.
وتشير فاينانشيال تايمز إلى أن المحللين يعتقدون أن الإخوان ربما سيشاركون بعدد من المرشحين فى الانتخابات البرلمانية المقررة هذا العام، إلا أنهم لن يحاولوا تكرار المكاسب التى حققوها عام 2005 والتى صدمت النظام وأدت إلى تشدد الموقف الرسمى من الجماعة الإسلامية.
للمزيد من الاطلاع اقرأ عرض الصحافة العالمية على الأيقونة الخاصة به.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة