عايز مسئول أو محافظ اتمرمط فى الإدارة، ويعرف كيف يتعامل مع المواطنين ويحس بشعورالناس ومعاناتهم... صرخة أطلقها المستشار جودت الملط رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات السبب وجود أزمة ثقة بين المواطنين والحكومة، من كثرة التصريحات الوردية على لسان بعض الوزراء والمحافظين لدرجة ان الناس بتقول انهم بيرفعوا شعارات وينصحوا غيرهم بيها وماينفذوهاش .المشكلة عجز بعض المسئولين عن التعامل مع الإعلام بالشفافية المطلوبة ، فالذين تقدمهم الحكومة فى وسائل الإعلام لشرح وجهة نظرها لا بيقنعونى ولا بيقنعوا غيرى.الدليل ان برنامج تطعيم تلاميذ المدارس ضد إنفلونزا الخنازير مهدّدًا بالفشل، بعد إنفاق الملايين من الجنيهات لشراء اللقاح، واحتمال زيادة انتشار الفيروس بين التلاميذ مع انخفاض حرارة الجو طوال أشهر فصل الشتاء .الشىء المضحك أن دولا مثل فرنسا و سويسرا وحتى إسرائيل طعمت مواطنيها بالكامل (و البقية تأتى) ونحن مازلنا نتساءل ؟ هل نأخذ التطعيم ام لا؟.المشكلة التى لايعرفها البعض أن أى مرض جديد يلاقى قلقا شديدا وتخوفا مثله مثل الكثير من الأمراض التى روضها العلم مثل الجدرى والحصبة وغيرها كانت فى بدء ظهورها مرضا شديدا عضالا إلى أن روضها العلم ولأن أنفلونزا الخنازير مازال فيروس غير مروض لذا نحن فى متاهة الشك والتخبط.
وإذا كنتم ناسيين أفكركم... فى بداية انتشار الفيروس خرجت علينا أصوات تطالب بتوفير المصل للشعب بالكامل، وعندما اشتريناه خرجت علينا وسائل إعلامية وقنوات فضائية بتقارير أدخلت حالة من الرعب والفزع فى نفوسنا وسرت شائعات بين المواطنين عن حدوث حالات شلل وأعراض جانبية أخرى خطرة. وظهر أطباء على قنوات فضائية تحظى بنسبة عالية من المشاهدة يتجادلون بشأن سلامة اللقاح، وشكك هؤلاء فى سلامة الأمصال . المؤسف اننا نشاهد فى الفترة الاخيرة اندفاعا إعلاميا كبيرا بين مؤيد ومعارض ويمارس الجميع سياسة التهويل والتضليل غير مهتم للنتائج التى من الممكن أن تكون كارثية.
الحقيقة أنه لا يوجد أى مبرر للخوف من درجة أمان المصل.. السبب أنه تم استخدامه لأكثر من 200 مليون شخص على مستوى العالم ول 78 ألف حاج فى مصر دون حدوث أى أعراض جانبية خطرة.
المشكلة أن الشعب لا يثق بالحكومة، فكل عمل للحكومة يعتبره عملاً لا يفيد، ويخرج فيه عيوب الدنيا ويتهم الحكومة أن لها أغراضاً أخرى وأضرب على ذلك مثلاً ، كنت اتكلم مع شاب خريج كلية اداب ويعمل سايس فى جراج ويرفض اعطاء ابنته المصل. قلت له انا شايف انه جدل مالوش لازمة ..ده وزير الصحة اخد المصل بنفسه . رد قائلا : للحكومة أغراض اخرى من شراء المصل وان الوزراء أمام عدسات التليفزيون يتم حقنهم بالفيتامينات وليس المصل.
رددت عليه: هى ايه المصلحة أساسا فى أنهم يجيبو لنا عقار بيسبب أضرار كتيرة زى ما الناس بتقول؟ وايه الحكمة فى انهم يجيبولنا عقار غير اللى أوروبا وأمريكا أخدوه.المفزع أن شائعة انتشرت بخبث وتسربت ببطء وتعمقت لدى البعض بأن "كل مسئول مرتش وكل غنى حرامى".
الحل كما قال الملط "لابد أن نواجه مشاكلنا بشجاعة، مؤكداً أنه رجل جزء من النظام وليس حزبا معارضا". المشكلة ايضا ان أزمة الثقة التى تسود علاقة الشعب بالحكومة انتقلت بين أفراد الشعب فى صورة انعكاسات اجتماعية تقوم فى معظم الأحيان على إثارة الحساسيات وانتشار الوساطة والرشوة وإهدار قيمة المواطن، وإهانة كرامته.. الدليل أن الدوائر والمؤسسات الحكومية التى تختص بتقديم الخدمات والتسهيلات الضرورية للمواطنين تتجه باستمرار إلى التقليل من شأن المواطن وإهانته ، وإشعاره بأنه يستجدى عطفاً ولا يطلب حقاً . الناس اصبح كل همها إزاى يدمروا بعض إزاى يؤذوا بعض ومحدش بينفع حد ولابيخاف على حد حتى الأخ معدش بيستحمل أخوه.
المطلوب من الحكومة البحث عن أسباب فقدان الثقة بين الشعب والحكومة والعمل على إزالة هذه الأسباب.. اعتماد الشفافية كمبدأ ثابت فى كل السياسات، إتاحة المعلومات للجميع ، وخصوصاً الأحزاب ومنظمات المجتمع المدنى ومراكز الدراسات، وعلى الحكومة أن تناقش وتحاور كل مشكك فى خططها وبرامجها.
النتيجة الرد باستمرار على البرامج الإعلامية المتشككة أو المعارضة من خلال المناظرة بين المسئول ومن يتهمه بالفساد .إحالة كل قضايا الفساد للمحاكم المختصة والقضاء هو الفيصل .ياسادة الكذب على النفس لن يفيدنا، والشعارات البراقة لن تجد سوقاً رائجة بعد اليوم، ومحاولة ايجاد الأعذار والمبررات ليس وقتها كما أن تبادل الاتهامات ومحاولة كل طرف رمى المسئولية على الأطراف الأخرى لن تفيد احدا الصراحة مهما كانت صارخة وجارحة أصبحت ضرورة ملحة مع بناء ثقة تسرى وتننتشر وتتعمق من الجميع حكومة وشعبا بمن فيه المعارضة لنتحول إلى خلايا نحل لخدمة الوطن .الحل إيجاد شفافية كاملة بالتعامل مع الأحداث ,شفافية فى المعلومة وشفافية فى التخطيط والتنفيذ,المسئوليات تسند إلى الاكفأ إلى أصحاب الاختصاص... فالثقة تجعل الجهود كلها منصبة لإصلاح وتطوير الوطن، ما عدم وجودها فإن الجهود- أو جزءًاكبيراً منها- تذهب فى تبادل الاتهامات،وهكذا نضيع جهودا جبارة لإثبات عدم فعالية الطرف المقابل هذه الطاقات فى الغالب تكون أكبر من الجهود التى تبذل للبناء والتنمية.
• نائب رئيس تحرير جريدة الجمهورية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة