إذا كانت القوى السياسية مشغولة حاليا بوضع الأسماء المرشحة لخوض انتخابات الرئاسة المقبلة، فإن أحزاب المعارضة ليست بعيدة عن المنافسة بل وربما تكون المنافسة داخلها على تسمية مرشح الحزب الذى سيخوض معركة انتخابات الرئاسة القادمة عام 2011 أصدق من التنافس الافتراضى على طرح أسماء ترغب فى خوض الانتخابات كمستقلين وهو سيناريو أقرب إلى المستحيلات.
ما يعزز فرص الأحزاب أن الدستور بعد تحديده يضمن لها ترشيح أحد أعضاء هيئتها العليا للرئاسة، لذلك ضمنت الأحزاب الشرعية نصيبا من كعكة الترشيح بخلاف المستقلين، لكن هذه الافتراضات ساهمت فى نشوب حروب باردة بين قيادات الأحزاب التى ترى كل منها أنها أحق بالترشيح، لذلك تلزم الأحزاب السياسية لاسيما الكبيرة منها الصمت وتمتنع عن إعلان مرشحها لأنها ببساطة أن هذه الخطوة قد تفتح باب الخلافات والانشقاقات داخلها علاوة على أن الأحزاب تريد أن تطمئن على وضعها فى بروفة الانتخابات البرلمانية صيف العام الجارى.
الوفد كان ضمن تلك الأحزاب التى بدأت الخلافات داخلها حول من سيكون مرشح الحزب فى الانتخابات الرئاسية، ليبدأ بين محمود أباظة رئيس الحزب ونائبه فؤاد بدراوى صراع مكتوم على بطاقة الترشيح فى الانتخابات الرئاسية.
أباظة بدأ سعيه للحصول على هذه البطاقة برفضه تقديم دعوة إلى البرادعى ليكون مرشح الحزب، رغم حصول الأخير على تأييد كبير من أعضاء الوفد علاوة على كون أسرته وفدية أصيلة، كذلك بدأ بدراوى فى طرح سؤال فحواه: ولماذا لا أكون أنا مرشح الحزب للرئاسة؟
أباظة كما أكد أحد قيادات الحزب - رفض ذكر اسمه - اتخذ موقفة السلبى من خلال إهمال رغبة غالبية أعضاء حزبه فى ضم الدكتور محمد البرادعى، واتجه إلى المطالبة بتعديل المواد 76،77 ليؤكد أنه الأقدر على خوض الانتخابات ممثلا عن الحزب رغم علمه بأن الحزب الوطنى لن يستجيب إلى تلك المطالب.
ورغم ما يقوم به أباظة من نشاط داخل الحزب، فى محاولة للحصول على مباركة الأعضاء ترشيحه، إلا أنه دائما ما يخرج بتصريحاته ليؤكد إن الحزب لم يقرر بعد خوض معركة الانتخابات الرئاسية، إلا بعد معرفة مصيره من الانتخابات البرلمانية، بالإضافة إلى معرفة مصير دعوته التى خرج بها منذ عدة أشهر قليلة بعنوان "نحو نظام برلمانى" بهدف التخلص من النظام الرئاسى الذى يحكم مصر حاليا.
وبعد أن أزاح محمود أباظة البرادعى من طريقه انتقل إلى فؤاد بدراوى الذى أصبح معارضة الأول داخل اجتماعات هيئات الحزب ليؤكد للجميع أن قرارات أباظة أصبحت غير صائبة، وأن رؤيته هى السليمة والقديرة على قيادة الحزب، وكانت آخر تلك الخلافات بين بدراوى وأباظة، اعتراض الأول على قرار الثانى بخوض انتخابات مجلس الشورى وتأكيده أن خوض تلك المعركة لن يكون فى صالح الحزب.
لم يكن موقف بدراوى من أباظة منفردا، لكن ظهرت توجهات غير معلنه من بعض قيادات الحزب الذين أكدوا أن أباظة سيكون هو مرشحهم للرئاسة ولكن بهدف غامض هو التأكد من فشله فى تلك المعركة فى مواجهة منافسه مرشح الحزب الوطنى، وفى هذه الحال سيكون مصيره نفس الدكتور نعمان جمعة.
الوفد لم يكن هو الحزب الوحيد الذى بدأت الخلافات تعرف طريقه حول مرشحه لانتخابات الرئاسة، فقد بدأ نفس السيناريو يتكرر داخل الحزب الناصرى بانقسام الأعضاء إزاء قرار خوض الانتخابات من الأساس، فبعضهم يرى أن الحزب يمكن أن يخوض الانتخابات المقبلة فيما رأى آخرون أن الأمر سابق لأوانه وأن هناك معركة يجب أن يخوضها الحزب ـ مع القوى السياسية ـ من أجل تغيير شروط الترشيح للرئاسة، فضلا عن ضمانات نزاهة العملية الانتخابية.
ورغم اختلاف آراء الأعضاء وعدم استقرارهم على موقف محمد من معركة الرئاسة، إلا أن الصراع على الترشح باسم الحزب اقتصر على ثلاث من أهم قيادات الحزب هم سامح عاشور النائب الأول لرئيس الحزب وأحمد حسن الأمين العام واحمد الجمال نائب رئيس الحزب.
القيادات الثلاث وعلى الرغم تضارب تصريحاتهم ونفيهم المستمر، إلا أن رغبتهم الصامتة ظهرت داخل الحزب حسب تأكيدات مصادر مطلعة، التى أشارت إلى أن سامح عاشور يؤكد لوسائل الإعلام أن مسألة الترشح للرئاسة ما زالت تحتاج إلى دراسة داخل مؤسسات الحزب ووضع ضوابط واضحة لاختيار المرشح فى أى انتخابات، نافيا أن يكون لديه النية الآن فى خوض المعركة الرئاسية القادمة لكنه فى الوقت نفسه بدأ فى تكثيف علاقاته بالأعضاء على نحو غير مسبوق ليضمن مساندتهم له فى مواجهة مرشحيه.
على الجانب الآخر يبرز اسم أحمد حسن الذى يصر أيضا على التأكيد أنه لم يتم تحديد اسم المرشح الذى سيخوض تلك المعركة باسم الحزب بعد، لكن تصريح حسن يؤكد رغبته فى أن يكون هو مرشح الحزب، وذلك اعتمادا على كونه المسئول الأول عن الحزب فى ظل غياب رئيسه ضياء الدين داود، وانشغال نائبه الأول بقضايا نقابة المحامين قبل أن يتركها مؤخرا.
أما أحمد الجمال فأكد عدد كبير من الشباب على رغبتهم فى أن يكون مرشحهم، وذلك من خلال وضعه ضمن استفتاء على موقع "فيس بوك" باختيار مرشحهم للرئاسة، وتأكيدهم على أنه الأصلح لأنه – بحسبهم – أكثر من يعمل لصالح الحزب ويخلو عمله من مراعاة المصالح الشخصية.
هذه الصراعات المكتومة داخل الحزب الناصرى ستخرج إلى العلن حتما مع اقتراب عقد الأمانة العامة فى مارس القادم والذى سيتم خلالها إعلان مرشح الحزب للرئاسة.
أما حزب التجمع فهو بخلاف سابقيه تقتصر صراعاته على من سيكون ضمن القائمة التى ستخوض الانتخابات البرلمانية القادمة. حيث أكد الحزب فى بياناته وتصريحات رئيسة الدكتور رفعت السعيد إن الحزب لن يخوض الانتخابات الرئاسية التى يعلم الجميع أنها ستكون مزورة، كما حدث فى الانتخابات السابقة.
تأكيد الحزب ورئيسه على عدم خوض الحزب معركة الرئاسة جاء كما أكد مصدر بالحزب، ليؤكد أنه الأصلح فى التعاون مع النظام.
"مرشح الرئاسة" يشعل الصراعات الداخلية بـ"الوفد" و"الناصرى" و"التجمع" يفضل الانسحاب
السبت، 16 يناير 2010 11:05 ص
محمود أباظة رئيس حزب الوفد
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة