هشام عبد الخالق هو واحد من أشهر المنتجين فى السينما المصرية، وهو رئيس الاتحاد الدولى للمنتجين والعضو المنتدب للمجموعة الفنية المتحدة، بدأ عمله فى مجال توزيع الأفلام الأجنبية والإنتاج الدرامى، وعندما أختار تغيير المسار للإنتاج السينمائى، فاختار فلسفة مغايرة عن السوق، وهى تقديم قيمة فنية يتم الإنفاق عليها جيدا، دون الانشغال بالمكاسب الكبيرة.
اليوم السابع كان له معه هذا الحوار..
• أنت المنتج الوحيد الذى يحدد ميزانيات خاصة لأكشن الأفلام التى تنتجها.. لماذا؟
أنا منتج صاحب فلسفة خاصة فى إنتاج أفلامى، سواء كانت بفكرة جديدة، أو على تيمه معتادة لكن بزاوية مختلفة، لكى أصل إلى المشاهد ويقبل عليها، وهذا ما تعلمته من السينما الأمريكية، فأعطيه الرسالة جديدة ونفس الوقت بجماليات، فعندما صادفنا مشكلة الصورة، قمنا بإجراء عدد من لتعديلات على التحميض والطباعة، وحرصنا على إحضار مدير تصوير جيد لتصوير المشاهد الدرامية وأيضا على صناعة تكنيك المشاهد الأكشن لكى يقتنع بها الجمهور.
* تحرص فى الأفلام التى تنتجها على مراعاة الجانب الفنى دون أن تتأثر التوليفة التجارية، مثل اختيارك لكريم عبد العزيز وشريف منير ومنى زكى فى "ولاد العم"، وأحمد السقا وخالد النبوى فى "الديلر".
الإنتاج بالنسبة لى له وجهة نظر خاصة، وعندما بدأت عملى فى هذا المجال كنت موزعا للأفلام الأجنبية فى الإمارات، وكنت أتدخل معهم فى طريقة صناعة الفيلم لأكتسب خبرة، والمنتج هو ربُّ العمل فى خط لا ينقطع من بداية بروفات اختيار الفكرة، والأبطال، ثم المخرج فتحديد الميزانيات مرورا بطرح الفيلم ومتابعة عدد نسخة وإيراداته لكن باقى العناصر ينقطع دورها عن الفيلم بإنهاء تنفيذ أدوارها، ما عدا المخرج فهو مدير العمل، الذى يحول المشاهد المكتوبة إلى صورة بما أوفره له من عناصر إنتاجية، وحرصت فى فيلم "ولاد العم" على اختيار كريم عبد العزيز ومعه توليفة من النجوم القادرة على تجسيد أدوارها بقوة وكان من الممكن أن اختار أمامه أسماء صغيرة، ولكن من المؤكد كانت ستخل بميزان العمل، فمثلا أيام "تيتو" كانت هناك نجمة "بدون ذكر أسماء" مرشحة للقيام بالدور الذى قدمته حنان ترك، ولكن مشهد نقطة التحول الذى عرفت فيه أن حبيبها مجرم، كانت حنان ترك من وجهة النظر الإنتاجية أفضل من يقدمه، إضافة إلى تقديمها المشاهد الأخرى بجودة عالية، وهذه هى وجهة نظر المنتج الواعى بمتطلبات السينما وليس مجرد بائع والسلام.
• وماذا عن مصير فيلم "الديلر" المجهول حتى الآن؟
"الديلر" يلعب على تيمة متعارف عليها، لكن يتم تناولها فى الفيلم بشكل جديد وحرفية شديدة، وتم تحديد له ميزانية كبيرة، تخطاها بمراحل، لكن حظه سيئ، وهذا لا يعنى أنه لن يخرج إلى النور، ولكن باختصار واجهته عدد من المشاكل الفردية بداية من سوء اختيار المخرج الذى أجزم بأنه لم يكن على قدر كاف من المسئولية، ثم اعتذار مدير الإنتاج، مرورا باختيار أماكن التصوير التى اختلفت وجهات النظر فيها بين تركيا وأوكرانيا وخلافه.
• هل أصول أحمد صالح الجزائرية هى السبب الحقيقى وراء استبعاده عن استكمال تصوير الديلر؟
جزء من المسألة يعود لهذا السبب، إضافة إلى أننا استبعدناه فقط بعد وقوع الأزمة الأخيرة، والخلافات المتعلقة بتقييمه لأنه شديد التردد كمخرج، وهذا كلفنا الكثير من الأموال.
- ما الأزمة التى تواجه صناعة السينما حاليا؟
بخلاف جهود وزارة الصناعة بقيادة وزيرها المهندس رشيد محمد رشيد، إننا رايحيين على سواد، ولكن الانهيار لن يحدث فجأة لأننا فى النهاية عندنا صناعة سينما، ولكن سيحدث هذا الانهيار بسبب العشوائية بين المنتج والمخرج والموزع ودار العرض والممثل، وحتى المونتيريين حاليا صنعوا رابطة تنادى برفع أسعارهم، ولكن للأسف لا أحد يعيى حدود دوره واختصاصاته، فأصبح حتى السيناريست والمخرج ومدير التصوير يغالون فى أسعارهم بحجة ارتفاع سعر الممثل، وواحد بس الذى يدفع هو المنتج، كما أنه من يأتى من الخارج لا يعيى أهمية الصناعة، لأن أهدافه ليست مقتصرة على صناعة منتج، ولكن الأهم لمن سيبيعه، وسيجنى منه كام، والصناعة القائمة على أفراد لا تنجح، وعندما وصل بيع سعر الفيلم من 5000 دولار فى 1995 إلى 400 ألف دولار فى سنة 2000 بسبب مستقطبى رؤوس الأموال الأجنبية، لم يدركوا أنهم كبروا السوق دون وعى، وتركوا لنا نحن الصناع الحقيقيين جنى أزماته الحقيقية بسبب رغبتنا فى المقام الأول إنتاج قيمة سواء ترفيهية أو ذات مدلول اجتماعى أو سياسى، ونكسب منها أيضا فى المقام الثانى أدبيا وماديا.
وأبلغ دليل على هذه الكارثة التعثرات المادية التى واجهت عدد من الكيانات أدت إلى بيع أصولها مثل الـ"ART"، لذلك لا أفهم موقف الذين يتساءلون لماذا تتجه الـ إية آر تى وغيرها للبيع، لأن الجواب واضح جدا فالأسعار فى ارتفاع مستمر، مما هدد نمط الإنتاج، ووقعت عثرات مادية كالتى حدثت مؤخرا أيضا فى روتانا، وهو ما يهدد إنتاجنا السينمائى، ففى 2007 أنتجنا 54 فيلما، وفى 2008 وصلنا إلى 45 فيلما، وفى 2009 قدمنا 34 فيلما، وفى 2010 إبقى قابلينى لو كملنا إنتاج 15 فيلما.
• من وجهة نظرك ما الحلول المقترحة منعا من وقوع هذا الانهيار؟
حل الأزمة يتمثل فى مناشدة وزيرا الثقافة والإعلام، بالتعاون مع وزير الصناعة لتنظيم مسألة الإنتاج سياسيا وتجاريا،بدعم من الدولة منعا من موت الصناعة، لأننا سنواجه أزمة حقيقية، لن يجد الممثل ولا المخرج ولا حتى الفنيين عملا، ولن يصبح لدينا فرصة فى غرفة صناعة السينما لصناعة أفلام نشارك بها فى المهرجانات الدولية، لأن المنتجين الصغار باعوا أفلامهم ولا يرغبون فى تسويقها خارجيا، والثلاثة أو الأربعة شركات الكبيرة لن تجد لديها بضاعة لتسويقها فى الخارج.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة