"السيادة الوطنية المصرية" عبارة رائعة.. تسعى الإدارة المصرية "الحكيمة" أن ترسخها مع بنائها للجدار العاذل بين مصر وغزة .. ولذلك فإننى أطلب من تلك الإدارة أن تكمل "جميلها" وتبنى جدارا لكل مواطن ليكون ساتراً له من "السيادة الوطنية" التى ننحنى لها احتراماً، ولكن للأسف قد يزيد هذا الإنحناء عن حده، فنجد أنفسنا وقد دست أنوفنا فى الوحل وتوارينا خجلاً حينما نرى مصر العظيمة وقد صارت تختبئ خلف جدار يمنع عنها أصوات بكاء الأطفال الجوعى الذين يموتون يومياً نتيجة حصار ظالم ترفضه كل المواثيق والقوانين الدولية.
يحتاج المواطن المصرى أن يحتمى بذلك الجدار من السيادة الوطنية التى تفرض عليه زائر غريب بدرجة عدو لكنه يرحب به وتذلل له الصعاب ليحتفل بمولد مزعوم يسمى "أبو حصيرة"، كما يحتاج أيضاً أن يستره الجدار من ذلك الخزى الذى فرضته السيادة الوطنية عليه جراء تصدير الغاز قسراً للعدو نفسه بسعر بالتأكيد لا يساوى التراب، لأن التراب الوطنى أنقى وأطهر بكثير من أن يقرن بذلك السعر البخس، وكذلك لبيع "عواد" القرن الواحد والعشرين لأرضه التى ناضل من أجل تحريرها حرباً وسلماًً ليبيعها فى النهاية بجنيه ونص للمتر لشخص تكثر حوله الأقاويل عن ارتباطه بالعدو نفسه ثم تنتهى الصفقة فى النهاية ببيع أملاك وطنه خارج الوطن لتصبح "الجرسة" عالمية، ويحتاج لأن يحتمى بذلك الجدار من أعين العالم التى أصبحت تأكله شماتة تارة.. وتحسرا ً تارة أخرى على حال ابن مصر الذى لا يزال خير جند الأرض كما وصفه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولكن بكل أسف فى قتاله من أجل رغيف خبز يصلح للأكل.. وكوب ماء لا تلوثه مياه الصرف الصحى.. ومسكن يستره من العراء يصلح للأدميين.. أعرف أن الكثير من أصحاب المباخر الذين يحفظون جيداً عبارات شقيقة لعبارة "السيادة الوطنية" مثل "المزايدة على دور مصر القومى" و "الريادة المصرية" سينفعلون ويثورون على حديث مثل حديثى..
لكننى أقول لهم : أرجوكم اهدأوا ولتكونوا عقلانيون كإدارتكم الرشيدة.. ولا تتنازلوا عن حقكم فى جدار عاذل.. فقد يأتى يوم تستطيع أن تستثمره مثل كل شىء بيع فى ذلك الوطن.. وربما تمر الأعوام تلو الأعوام لتجىء أجيال من بعدنا يترحمون على أجدادهم العظماء ذوى السبعة آلاف عام أخرى من الحضارة والذين بنوا 80 مليون جدار يستترون به.. لأنهم كانوا يمثلون أمة خجلت من نفسها.
