د. حامد طاهر

التشجيع وجنونه

السبت، 16 يناير 2010 07:20 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أن يشجع الإنسان فريقاً رياضياً فهذا من حقه، لأنه قد ارتبط به، وأحبه، سواء أكان بصورة عقلية موضوعية، أو بصورة تقليدية نشا لهزيمته. كما يدافع عنه أمام الآخرين، ولا يقبل تجريحه أو الاستخفاف به، وقد يتطور الأمر فيشتبك بالألفاظ، وأحيانا بالأيدى، مع مشجعى الفرق الآخرى المتنافسة مع فريقه. فهو يحرص على حضور مبارياته، وإذا كان غنيا تبرع للاعبين ببعض الأموال مكافأة لهم، وتعبيراً عن حبه.. وهناك من المشجعين من يشترى نادياً بأكمله ويظل ينفق عليه حتى ولو كان خاسراً. لا يهم لأنه يحبه، بل يعشقه!.

وقد يتطور التشجيع إلى هوس، فيقوم الإنسان وينام وهو يفكر أو يحلم برؤية فريقه، وهو ينتظر انتصاراً باهراً أو ينهزم هزيمة ساحقة، يلاعب فريقاً آخر، أو حتى يتدرب وحده فى ملعبه، والذين يعرفون القراءة والكتابة من المشجعين لا يكتفون بسماع أخبار فريقهم فى الإذاعة أو مشاهدتها فى التلفزيون، بل يشترى أحدهم الجرائد لكى يتابع ويتلذذ بقراءتها أخباره، وتعليقات الخبراء عنها، ومعظم المشجعين يضع صور فريقهم المفضل فى منازلهم، وأحياناً يحتفظون بها فى جيوبهم.

وكما يتطور التشجيع لدى بعض الأفراد إلى حد الهوس، فإنه قد يغلب على بعض المجتمعات كما هو الحال لدى الإنجليز، والأتراك، والجزائريين، فهؤلاء يصلون فى تشجيعهم لفرقهم الكروية إلى حد الخروج عن الأعراف والقوانين، فيرتدون أزياء غريبة، ويلحقون شعورهم بصورة عجيبة، ويقومون أحياناً بالاعتداء على مشجعى الفرق المنافسة، وقد تمتد أيديهم إلى تكسير المحلات، ونهبها، والاشتباك أحيانا مع الشرطة، والتعرض للاعتقال.

هنا لابد من التوقف ولابد من التساؤل بصوت عال أمام هؤلاء المشجعين المتهورين: لماذا تفسدون الرياضة الجميلة التى تقوم أساساً على المنافسة الشريفة، بهذا السلوك الهمجى؟! وهل تشجيعكم أو عدم تشجيعكم هو الذى يجعل الفريق يكسب أو يخسر، أم أن المكسب والخسارة يرجعان إلى أداء اللاعبين أنفسهم؟!

وأخيراً: ماذا لو أن هذه الطاقة الهائلة فى التدمير لديكم قد تحولت إلى عمل إيجابى يفيدكم، ويستفيد من المجتمع؟!

وهكذا يمكن القول بأن تشجيع كرة القدم أصبح مشغلة للناس. تباركه الحكومات، وتعيش عليه الصحافة، وتكسب منها القنوات الفضائية، ويثرى من ورائها المعلقون الرياضيون والفنانون أما الخاسر الوحيد فهو المجتمع!!


• نائب رئيس جامعة القاهرة السابق





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة